إعلان

من هو غوتام أداني الذي ترك المدرسة في سن الـ 16 وأصبح ثالث أغنى رجل في العالم؟

12:25 م الإثنين 05 ديسمبر 2022

غوتام أداني هو ثالث أغنى رجل في العالم بعد إيلون م

نيودلهي- (بي بي سي):

في ليلة السادس والعشرين من نوفمبر عام 2008، كان غوتام أداني، عاشر أغنى رجل في الهند في ذلك الوقت، يتناول وجبة العشاء في مطعم بفندق تاج محل الفاخر بمدينة مومباي عندما رأى رجالا يقتحمون المطعم ويطلقون النار في كافة الاتجاهات ويلقون القنابل اليدوية على الأرض.

كان المسلحون، وجميعهم مواطنون باكستانيون، قد وصلوا إلى المدينة بحرا مساء ذلك اليوم، وقسموا أنفسهم إلى مجموعات قامت بخطف سيارات والهجوم على بعض الأهداف التي شملت فندقين فاخرين. الحصار الذي فرضه هؤلاء المسلحون على المدينة أسفر عن مصرع 166 شخصا ووتر العلاقات بين الهند وباكستان.

صرح أداني لاحقا لمجلة India Today (إنديا توداي) بأن موظفي الفندق سارعوا باصطحاب زبائن المطعم إلى أحد الأقبية، حيث مكثوا هناك لمدة ساعتين، ثم نقلوهم إلى قاعة في أحد الأدوار العلوية، بينما تواصلت الفوضى في الخارج.

احتشد في تلك القاعة 100 شخص، وقد "اختبأ البعض أسفل الأرائك، في حين اتخذ آخرون مواقع متوارية عن الأنظار وبدأوا يصلون من أجل نجاتهم. وروى أداني أنه جلس على إحدى الأرائك، وأخبر النزلاء بأن يتحلوا بـ "الإيمان بالله"، واتصل هاتفيا بأسرته التي اعتراها القلق في مسقط رأسه بمدينة أحمد أباد على بعد نحو 500 كيلومتر، في حين كان سائقه وحارسه ينتظران في ترقب داخل سيارته.

بعد قضائه ليلته في تلك القاعة، غادر أداني والرهائن الآخرون مبنى الفندق في الصباح عبر المدخل الخلفي بعد أن طوقت الفندق عناصر من الكوماندوز. وقال للصحفين بعد عودته إلى أحمد أباد على متن طائرته الخاصة في وقت لاحق من ذلك اليوم: "لقد رأيت الموت على بعد 15 قدما [خمسة أمتار] فقط".

بعد مرور حوالي 14 عاما على تلك الواقعة، أصبح أداني البالغ من العمر 60 عاما ثالث أغنى رجل في العالم بعد كل من إيلون ماسك وجيف بيزوس. يمتلك أداني مجموعة تجارية ضخمة متنوعة الاستثمارات - التي تتراوح ما بين إدارة الموانئ إلى صناعة الطاقة. تضم المجموعة سبع شركات أسهمها مطروحة للاكتتاب العام ويبلغ عدد موظفيها 23000 موظف، كما تبلغ قيمة أسهمها أكثر من 230 مليار دولار أمريكي.

تردد اسم أداني في الأخبار هذا الأسبوع لأنه على وشك إتمام صفقة شراء شبكة إن دي تي في، وهي الشبكة الإخبارية التي تحظى بأكبر قدر من التبجيل في الهند، وسوف تكون هذه هي المرة الأولى التي يخوض فيها تجربة الاستثمار في مجال الإعلام.

قبل وقت طويل من تحول أداني من طالب منقطع عن الدراسة إلى ملياردير يهوى المخاطرة، كاد أداني أن يتعرض للقتل، إذ يقال إنه هو وزميل له اختطفا من سيارتهما تحت تهديد السلاح من قبل مجموعة مسلحة في أحمد أباد بغرض الحصول على فدية.

أطلق سراح شخصين مشتبه بهما في عام 2018، إذ إن رجل الأعمال وزميله "لم يحضرا مطلقا لأخذ أقوالهما رغم استدعائهما أكثر من مرة من قبل المحكمة". وكرجل أعمال طالما وصف نفسه بأنه يفضل الابتعاد عن الأضواء، لا يتحدث أداني كثيرا عن تلك الحوادث، باستثناء تصريحه للصحفيين ذات مرة بأنه تعرض "لحادثين أو ثلاثة أحداث مؤسفة في حياتي".

بعد أن انقطع عن الذهاب إلى المدرسة في سن السادسة عشرة من عمره، انتقل أداني للعيش في مومباي/ حيث عمل يعمل في مجال تجارة الألماس في حي تجاري مزدحم. لم تدم تجربته الأولى طويلا، وعاد بعد عامين إلى مسقط رأسه بولاية غوجارات، لمساعدة أحد إخوته في إدارة مصنع للتعبئة والتغليف.

ينحدر أداني من أسرة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة متخصصة في تجارة الغزل والنسيج. وقد بدأت مسيرته كرجل أعمال ناجح في عام 1998 عندما أسس شركة للاتجار في السلع المختلفة. وخلال الأعوام الـ24 التالية، حصلت شركاته على العديد من القروض التي مكنتها من تنويع أنشطتها في مجالات كإدارة الموانئ، والتعدين، والسكك الحديدية، والبنى التحتية، والطاقة، والعقارات، ما جعله على حد وصف أحد المعلقين "الأكثر كفاحا ومغامرة ربما بين أفراد الجيل الجديد من أقطاب المال والأعمال".

وحاليا، يعتبر أداني بلا منازع ملك قطاع البنى التحتية في الهند. ويدير أداني ثاني أكبر شركة أسمنت في البلاد، فضلا عن 13 ميناء - بما في ذلك أكبر موانئ البلاد ببلدة موندرا الساحلية الواقعة في الغرب، كما يشغّل سبعة مطارات. وتعكف مجموعته حاليا على بناء أطول طريق سريع في الهند يربط بين مدينة دلهي ومدينة مومباي، العاصمة التجارية للهند.

ويعتبر أداني رجل الأعمال الهندي رقم واحد في مجال الطاقة، إذ يمتلك ستة محطات لتوليد الطاقة تعمل بالفحم. في الوقت ذاته، تعهد أداني باستثمار 50 مليار دولار في طاقة الهيدروجين النظيفة، كما أنه يدير خطا للغاز الطبيعي طوله 8000 كيلومتر. واشترى أداني كذلك مناجم للفحم في كل من إندونيسيا وأستراليا. ويهدف الملياردير الهندي إلى أن يكون اللاعب الأكبر في مجال الطاقة المتجددة على مستوى العالم بحلول عام 2030.

تشبه وتيرة ونطاق توسع أعمال أداني وتيرة ونطاق توسع أعمال غيره من العمالقة الصناعيين خلال المراحل السابقة، كما كتب المحلل السياسي جيمز كرابرتري في كتابه "The Billionaire Raj: Journey Through India's New Gilded Age" (مليارديرات الهند: رحلة عبر العصر الذهبي الجديد للهند).

ويقول كرابتري في كتابه: "بما أنه لم يستطع الاعتماد على البنى التحتية المتهالكة للهند، بنى بنفسه خطوط سكك حديدية وخطوطا للطاقة. ونظرا لصعوبة الحصول على الفحم محليا، اشترى مناجم في إندونيسيا وأستراليا ونقل ما بها من فحم إلى الهند عبر مينائه"، مضيفا أن "توسعه يعكس إلى حد كبير توسع الهند نفسها".

"أنشأت شركتي من دون مقر والآن تحقق مكاسب بالمليارات"

لكن أثار أداني الكثير من الجدل في العديد من المرات. فقد أدت علاقته القوية بناريندرا مودي، في البداية عندما كان الوزير الأول لولاية غوجارات، والآن بصفته رئيسا للوزراء، إلى أن وصف منتقدوه إمبراطورية أعماله بأنها مثال على الرأسمالية التي تتسم بالمحسوبية.

يقول كرابتري: "طبيعة عمل الرجلين جعلت علاقتهما تكافلية. فقد ساعدت سياسات مودي القائمة على تشجيع رجال الأعمال والمشروعات أداني على التوسع، في حين أن شركات أداني شيدت العديد من المشروعات الضخمة التي أصبحت رمزا لما يصفه مودي بـ"نموذج غوجارات"، إذ تركز الولاية على الاستثمار في البنى التحتية وجذب رأس المال الخارجي وتصدير الصناعات".

وأصبح منجم الفحم الذي يمتلكه أداني في ولاية كوينزلاند الأسترالية نقطة مواجهة بين الجماعات المؤيدة لاستخدام الفحم وتلك المعارضة له، كما تعطل العمل على إنشائه لأعوام طويلة بسبب صعوبة الحصول على الموافقة من الجهات المختصة، ثم بدأ العمل في إنشائه أخيرا في عام 2019. ويزعم موقع على الإنترنت اسمه AdaniWatch (مراقبة أداني)، والذي تديره جماعة غير ربحية تتخذ من أستراليا مقرا لها أنه "يسلط الضوء على الجرائم التي ترتكبها مجموعة أداني في شتى أنحاء الكوكب". وتنفي مجموعة أداني مخالفة أي قوانين في أستراليا.

وفي عام 2012، اتهمت لجنة مراقبة الهيئات الحكومية مودي، الذي كان يشغل منصب وزير غوجارات الأول آنذاك، بتزويد أداني وغيره من رجال الأعمال بوقود رخيص من شركة غاز حكومية. وكتب صحفي سلسلة من المقالات عام 2017 ذكر فيها أن شركات أداني تلقت معاملة تفضيلية خلال رئاسة مودي للحكومة. وقد نفت شركات أداني وحكومة مودي مرارا صحة مزاعم المعاملة التفضيلية تلك.

ويقول آر إن باسكار، كاتب السيرة الشخصية لأداني إن "قدرته على إقامة علاقات والإبقاء عليها" ساعدته على تنمية أعماله. فهو صديق لغالبية "الزعماء السياسيين والاجتماعين" من كافة الأطياف. وقد تمت الموافقة على مشروع ميناء كيرالا الذي تقدم به أداني عندما كان حزب المعارضة الرئيسي، حزب المؤتمر الوطني، في السلطة في الولاية، كما أيد المشروع الحزب الشيوعي الذي يحكم الولاية حاليا.

يقول باسكار إن ما يميز أداني عن باقي أقرانه هو "عدم رغبته في الحصول على استثمارات شعبية إلا عندما يبدأ مشروعه في تحقيق أرباح". ويضيف أن الأهم من ذلك هو أن أداني يؤمن بأن النمو يصبح أمرا مؤكدا عندما تتماهى مصالح مجموعة استثمارية ما "مع المصالح الوطنية". ليس غريبا إذن أن فلسفة مجموعته، وفقا لموقعها على الإنترنت، هي "بناء الوطن" المدفوع بـ "نمو يتسم بالجودة والإتقان".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان