إعلان

اللجوء: سورية وناجية من الهولوكوست تتحدثان عن تجربة الفرار من بلديهما والاستقرار في ويلز

10:52 ص الثلاثاء 06 ديسمبر 2022

غفران حمزة

لندن- (بي بي سي):

جمعت الظروف امرأتين وجدتا ملاذا آمناً في ويلز للتعرف على تجارب بعضهما البعض رغم أن 72 عاماً يفصل بين التجربتين.

كانت رينات كولينز، المنحدرة من براغ والناجية من المحرقة قد هربت عام 1939.

أما غفران حمزة فغادرت منزلها في سوريا مع اندلاع الحرب الأهلية عام 2011.

والتقت المرأتان عند افتتاح معرض يتتبع حياة اللاجئين في ويلز منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا.

وقالت المرأتان إنهما تشعران بارتباط قوي بويلز.

قالت رينات: "بعد انتهاء الحرب، أمضيت في ويلز فترة أطول مما قضيتها في براج. أشعر أنني بريطانية".

ووافقت غفران على ذلك قائلة: "أشعر أن هذا مكاني، ولا أشعر بأنني أنتمي إلى أي بلد آخر".

وتحمل كلتاهما ذكريات مؤلمة عن البلدين اللذين تركاهما وراءهما.

كانت رينات تبلغ من العمر خمس سنوات عندما استقلت آخر قطار من براغ بعد اندلاع الحرب.

لم تكن والدة رينات تريد أن تغادر ابنتها لانها كانت تعاني من جدري الماء والحمى.

وتتذكر رينان ذلك الموقف قائلة: "قالت صديقة للعائلة في المحطة إنها إذا لم تذهب الآن فلن تذهب أبدا".

"بالطبع، كانت على حق. لو لم أستقل الحافلة، لما كنت هنا اليوم".

أما غفران ففرت هي وعائلتها من سوريا في عام 2011 مع تصاعد حدة عنف الحرب الأهلية.

وقالت: "بين عشية وضحاها قرر [والدي] أن نغادر. حزمنا كل شيء وذهبنا بشكل غير قانوني إلى لبنان".

وأمضت الأسرة السنوات السبع التالية "مختبئة" من السلطات والعنف إلى أن تلقت خبر إمكانية اللجوء إلى بريطانيا.

وقالت: "لا أستطيع أن أشرح لك ما كنت أشعر به عندما ذهبنا إلى المطار".

"قلنا إننا لن نصدق هذا حتى نركب الطائرة".

وبدأ وصول كل من رينات وغفران إلى ويلز ببعض التحديات، لكنهما انتصرتا في النهاية.

وضحكت رينات قائلة: "الكلمتان الوحيدتان اللتان أعرفهما هما نعم ولا، وهما أخطر الكلمات. كيف أعرف بالله عليك متى أقول نعم ومتى أقول لا".

كانت الحياة في بورث مختلفة تماما عن الحياة في براغ. كان والد رينات بالتبني قسيسا معمدانيا في مجتمع صغير.

وقالت: "لم يسمع الكثير من الناس في وادي روندا عن تشيكوسلوفاكيا".

"لم تكن هناك مجتمعات يهودية. لم يسمعوا حتى عن كنيس يهودي".

لكن رينات قالت إنها تأقلمت بسرعة لأنها كانت لا تزال طفلة صغيرة.

"عندما ذهبت إلى المدرسة كنت مثل أي طفل من أطفال المنطقة. كان الأمر رائعا للغاية".

أما غفران فاضطرت للتكيف مع الحياة في ويلز جنبا إلى جنب مع أجيال مختلفة من عائلتها.

وقالت: "أعتقد أنه حتى الآن لا يزال والداي غير قادرين على التكيف مع النظام هنا تماماً".

وأوضحت أن الاختلاف في الثقافة والأفكار المسبقة لدى الناس عن السوريين "جعلت التأقلم صعبا".

وقالت: "ينظر الناس إلينا بطريقة مختلفة، خاصة بسبب المآسي التي تنقلها الأخبار وكل ما يسمعونه عن ديني".

"استغرق الأمر وقتا طويلا جدا حتى أدرك الناس أن أناسا مثلنا ليسوا خطرين".

لكن غفران قالت إنها تشعر دائما بالترحاب في ويلز.

وأضافت: "لم أواجه أي عنصرية في مدينة أبيريستويث على وجه التحديد. كان الناس يعاملوننا دائما بطريقة لطيفة".

لكن رينات وغفران مازالتا تعيشان مع تجاربهما المؤلمة.

وقالت رينات: "بعد الحرب لم أستطع أن أصبح مواطنة بريطانية. كان علي أن أنتظر عامين ونصفا قبل أن يتبناني أحد لأنه لم يكن هناك أحد في براغ ليخبرني عن عدد أفراد أسرتي الذين ماتوا".

بعد سنوات اكتشفت أنها فقدت 64 من أفراد عائلتها، من بينهم والدتها ووالدها.

"وكان ذلك كما أعتقد صدمة لي نوعا ما".

وقالت غفران إن المعاناة التي واجهتها في سوريا لم تتركها أبدا.

"لا أظن أن ذلك هو بلدي وهو ما يحز في قلبي. أشعر بالخذلان العميق".

"كان يجري قصف الناس وتعذيبهم حتى الموت".

"في داخلي صدمة تعيدني إلى سوريا أو لبنان".

"أحاول أن أنسى الأمر أو أن أمضي في طريقي، لكن الصدمة لا تزال حية في أعماقي".

وتتحدث رينات عن التحديات التي واجهتها لتجاوز ماضيها.

"سُئلت آلاف المرات هل يمكنني أن أسامح وأنسى. يجب أن أقول إنني أستطيع أن أتسامح، لكنك لن أنسى أبدا".

تزوجت رينات وانتقلت إلى نيوكي في كورنول، حيث تعيش الآن.

أما غفران فلا تزال تدرس، وبعد سنوات من تقديم المأكولات العربية في المناسبات المحلية، افتتحت مؤخرا مطعمها الخاص في أبيريستويث.

وتتذكر ذلك قائلة: "كنت أفكر مع أمي في ما يمكن أن نتبادله مع المجتمع. وجدنا أن الطعام هو الأهم للجميع".

المشروع الذي جمع بين رينات وغفران كان بقيادة أندريا هاميل، مديرة مركز حركة الناس في جامعة أبيريستويث.

وتقول هاميل: "قدم الكثير من اللاجئين مساهمات كبيرة لويلز بعد مجيئهم إلى هنا".

"ولكني أود أيضا أن نتعلم من الصعوبات التي واجهوها".

"يجب أن يكون اللاجئون قادرين على التواصل مع مجتمعاتهم الأصلية ولكن من الواضح أنهم بحاجة أيضا إلى الاندماج في ويلز".

وقالت غفران إن المعرض يظهر أن "اللاجئين يمكن أن يصبحوا اعضاء في المجتمع، ويمكن أن يكونوا طهاة، أو فنانين".

وأضافت: "أعتقد أنه من المهم للغاية أن يتبادل اللاجئون تجاربهم".

"ما نقوم به الآن قد يساعد الآخرين الذين يأتون فيما بعد".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان