يوم التأسيس: السعوديون يحتفلون بذكرى تأسيس دولتهم قبل 3 قرون
كتب- مصراوي:
تحت شعار "يوم بدينا"، يحتفل السعوديون اليوم الثلاثاء بذكرى تأسيس دولتهم قبل 300 عام على يد المؤسس الأول الإمام محمد بن سعود، وذلك في فبراير عام 1727.
أقرّ هذا الحدث، الملك سلمان بن عبدالعزيز، في مرسوم ملكي غير مسبوق، بتحديد يوم 22 فبراير من كل عام يوما لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم "يوم التأسيس"، ويصبح إجازة رسمية، اعتزازاً بالجذور الراسخة لهذه الدولة السعودية، وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى حتى وقتنا الحاضر.
وانطلقت هذه الذكرى التاريخية من مدينة الدرعية التي لاحظ المؤرخون أنها تتوسع وتضيق بحسب الاستقرار السياسي فيها، من خلال أمور ودروس وتجارب متراكمة وطويلة كانت حاضرة عند الإمام محمد بن سعود، الذي ولد في الدرعية عام 1679، وتوفي فيها عام 1765، وظلّ يعمل في رحلة كفاح في ميدان القيادة والتأسيس، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط".
وبفضل عبقرية الإمام بن سعود نقل دولة المدينة في الدرعية، إلى مرحلة الدولة التي تعارف المؤرخون على تسميتها "الدولة السعودية الأولى"، التي شكّل قيامها حدثاً كبيراً على منطقة نجد.
وبسطت هذه الدولة نفوذها على معظم مناطق جزيرة العرب، بل وصل الولاء للدولة إلى مناطق في كل من العراق والشام، حيث كانت بعض القبائل فيها تدفع الزكاة للدولة الجديدة، وقد أبلى حكامها بلاء حسناً في تأسيس أركان الدولة والحفاظ على استقرارها، لكنها تعرضت للتهديد والمعارضة من قوى أجنبية ومحلية، كان ثمنها اغتيال أحد أئمتها على يد أحد المأجورين في عاصمة الدولة، الدرعية، وهو الإمام عبدالعزيز بن سعود، ابن المؤسس الذي خلفه في الحكم، ويعد من أعظم الحكام الذين ظهروا في جزيرة العرب من حيث المهارة العسكرية والإدارية، وقد امتد نفوذ دولته إلى مناطق نجد والأحساء وعسير، وأجزاء من الحجاز، وساحل الخليج العربي، وتمكنت جيوشه من صد حملات ولاة الدولة العثمانية المعتدية، كما دخلت جيوشه مكة المكرمة دون إراقة دماء عام 1803.
حكم بعده ابنه الإمام سعود بن عبدالعزيز، الذي عرف بـ"سعود الكبير"، وواصل جهود أبيه في توسيع نفوذ الدولة، وترسيخ الإصلاحات، ولم يخرج عن نفوذ دولته في جزيرة العرب، إلا مناطق قليلة، وكانت بعض القبائل في كل من العراق والشام تدفع الزكاة لبلاده، ولما استطاع هذا الإمام توحيد الحجاز ازدادت حماسة السلاطين العثمانيين ضد دولته، لتبدأ الحملات المعتدية لمد نفوذهم على الحرمين والقضاء على الدولة السعودية. وتوفي الإمام سعود بن عبدالعزيز، حاكم الدرعية عام 1814، ليتولى بعده ابنه عبد الله، الذي دخل مع العثمانيين المعتدين في حروب امتدت 7 سنوات، وأبدى السعوديون صموداً وبسالة للتصدي لتلك الحملات، ولكن الدولة انتهت.
وبعد فترة من الفوضى ينجح الإمام تركي بن عبد الله بن محمد، باستعادة الرياض بعد طرده القوات العثمانية المعتدية عام 1824، ويؤسس الدولة السعودية الثانية، التي انتهت بخروج الإمام عبد الرحمن بن فيصل من الرياض عام 1891، ليتمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، عام 1902، من استعادة الرياض، وإعلان قيام المملكة العربية السعودية، ووضع المؤسس الثالث أركان دولة عصرية، شهدت تطوراً مرحلياً في مختلف المجالات في عهده، وفي عهد أبنائه الملوك؛ سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبد الله، الذين رحلوا، وترك كل منهم بصمات لافتة تبعاً للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية في فترات حكمهم.
وبعد تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز، مقاليد الحكم كسابع ملوك الدولة، وتولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، شهدت البلاد نقلات وتغييرات متسارعة ولافتة، طالت كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كانت محل التقدير في الداخل والخارج، وأقرت كثيراً من التنظيمات، وأطلقت مشروعات تنموية كبرى، كما أطلقت رؤية وطنية شاملة لكل مناحي الحياة، لبناء دولة المستقبل، وتسجيلها كرقم صعب في المعادلة الدولية.
ويوم التأسيس ليس بديلا لليوم الوطني السعودي الذي تحتفل به المملكة كل عام، ولكن السعودية أرادت من خلال الأمر الملكي الجديد بالاحتفال بيوم التأسيس أن تؤكد اعتزازها بالجذور الراسخة لهذه الدولة الممتدة لثلاثة قرون.
فيديو قد يعجبك: