إعلان

حرب المعلومات.. هل ينجح النهج الأمريكي بتسريب أسرار استخباراتية في ردع روسيا؟

10:52 م الأربعاء 09 فبراير 2022

جنود روس

كتب - محمد صفوت:

مع استمرار الحشود العسكرية الروسية قرب حدود أوكرانيا، وسط تحذيرات من اندلاع حرب في شرق أوروبا، تخوض واشنطن وحلفاؤها حرب المعلومات ضد موسكو، لردعها عن غزو كييف، بنشر معلومات عن خطط روسية محتملة لغزو الجارة أوكرانيا، بهدف تجنب الهجوم المحتمل أو إحداث حالة تخبط في روسيا.

الحرب الإعلامية بين واشنطن وحلفائها ضد موسكو، تدور رحاها منذ شهور وشهدت تسريبات لمعلومات استخباراتية سرية حول خطط روسية مزعومة. إذ صرحت الولايات المتحدة وبريطانيا، مرارًا وتكرارًا بأن لديهما تحذيرات استخباراتية سرية بشأن غزو روسي محتمل وموعد لهذا الهجوم، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يرغب في تنصيب حكومة موالية له في أوكرانيا.

في هذا السياق، يقول مسؤولون غربيون، لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن الهدف من الحرب الإعلامية وتسريب أسرارًا استخباراتية، وقف أي هجوم وإحداث فقدان توازن في موسكو.

وكان مسؤولون أمريكيون، قالوا إن موسكو ستذيع فيديو مفبرك يصور هجمات من القوات الأوكرانية، كذريعة لتبرير غزوها لكييف.

متى بدأت تسريبات الاستخبارات السرية؟

الأزمة الحالية في شرق أوروبا، بدأت بتسريب معلومات نسبت إلى الاستخبارات الأمريكية تفيد بأن روسيا حشدت عشرات الآلاف من قواتها بهدف غزو أوكرانيا، محددة وقتها نهاية يناير أو أول فبراير موعدًا للهجوم الروسي المحتمل.

وفي يناير الماضي، وضعت الخارجية البريطانية، تصورًا لخطة روسية محتملة لتنصيب زعيم موالي لبوتين في كييف، مستندة إلى معلومات استخبارية من عدة دول على رأسها الولايات المتحدة.

ويقول مسؤول أمريكي، لـ"وول ستريت جورنال" إن إدارة بايدن تشارك بجهد وعن عمد في نشر ومشاركة معلومات استخبارية حول تصرفات روسيا في الأزمة الأوكرانية، منذ الخريف الماضي، موضحًا أن رفع السرية عن بعض المعلومات بالكامل للنشر العام هو نتيجة لذلك الجهد.

وأوضح المسؤول أن روسيا تدير عمليات بنشر معلومات كاذبة وتستخدم هذا لإحداث ارتباك لشن عمل عسكري، مضيفًا: "رأينا هذا عدة مرات في التاريخ الحديث" ويواصل حديثه قائلاً إن فضح هذه المؤامرات يجعل من الصعب على روسيا تنفيذها.

الاتساق في التسريبات ونشرها والتهديد الدائم لروسيا بأنها ستدفع ثمنًا باهظًا حال غزو أوكرانيا، دفع المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، للقول: "يبدو أنهم يفضلون رؤية الهجوم يحدث".

من جانبه يقول مدير مساعد لمركز أبحاث دفاعي بريطاني جوناثان إيال، إن نشر معلومات بهدف إلحاق الضرر بالعدو أو ردعه أسلوب قديم، مضيفًا أن الجديد حاليًا هو حجم المعلومات وأن ذلك ربما يمنع بوتين من استخدام الأساليب الروسية القديمة التي تبرر توغلها أو شنها لعمليات عسكرية مثلما حدث في جورجيا عام 2008 وإقليم القرم عام 2014.

ويعتقد إيال، أن التسريبات التي بدأت مبكرًا عن الحشود الروسية في وقت لم تكن تلك القوات في موضعها الحالي، ربما كلف روسيا عنصر المفاجأة في تلك الأزمة.

ويرى مسؤولون رفضوا الكشف عن هويتهم، أن تسريبات معلومات استخباراتية يهدف إلى إرباك الاستخبارات الروسية خلال بحثها عن مصدر التسريبات، لكنهم أشاروا إلى أن تلك التحركات بها مخاطرة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية.

هل نجح هذا النهج وما خطورته؟

أوضح مسؤولون أن مصادر الخطورة في هذه اللعبة تكمن في أنه من الممكن اتهام الولايات المتحدة وبريطانيا بإثارة الرعب في حال لم يحدث الغزو، كما تعرض مصادرهم للخطر الروسي في حال اكتشافهم.

يشار إلى أنه خلال الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة، استخدمت الأخيرة النشر "الحكيم" لمعلومات استخباراتية لمواجهة العمل الروسي، حيث نشرت واشنطن صورًا لصواريخ باليستية سوفيتية في كوبا. لكنها جاءت بنتائج عكسية في غزو العراق، عندما نشرت إدارة جورج بوش معلومات تفيد بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، وأن لنظام صدام علاقة بالجماعات الإرهابية وثبت خطأ تلك الادعاءات.

النهج الذي اتبعته واشنطن وحلفائها في نشر المعلومات السرية بشأن الأزمة الأوكرانية، لقى قبولاً حتى في وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية اللتين نشرتا تلك المعلومات. ويرى مسؤول استخباراتي أمريكي، أن مجتمع الاستخبارات استفاد من عملياته الراسخة التي يستخدمها لرفع السرية عن المعلومات المصممة لحماية المصادر والأساليب.

التسريبات تثير "قلق" مجتمع الجواسيس

في نفس الشأن، نشرت مجلة " بوليتيكو" الأمريكية تقريرًا بعنوان "مجتمع الجواسيس قلق من تسريب فريق بايدن معلومات حول روسيا". موضحة أن مسؤولي الأمن القومي الأمريكي، يدركون أن حرب المعلومات هي ساحة المعركة الجديدة، وأن إدارة بايدن تخاطر بمصداقية وكالات الاستخبارات الأمريكية.

وأعرب ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لديه خبرة في روسيا، عن قلقه بشأن مصداقية المعلومات التي رفع عنها السرية، في حال تبين خطأها إذ أن ذلك يقوض مدى ثقة الحلفاء والشركاء في المعلومات التي تقدمها واشنطن لهم.

ويرى مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي، أنه كلما زادت المعلومات التي يرفع عنها السرية ارتفع احتمال تمكن الكرملين من تتبع المصادر والأساليب المستخدمة، ما يعرض عملاء أمريكيين للخطر.

وذكر مسؤول سابق أخر، أن استمرار رفع السرية عن المعلومات ونشرها سيفقد واشنطن في المرة المقبلة معرفة الخطط الروسية، موضحًا أن الروس وقتها لن يستخدموا القنوات التي يدركون أن واشنطن تعرفها.

قال المسؤول السابق إن الكشف عن تكتيكات المنطقة الرمادية لروسيا أمر منطقي بين الحين والآخر، مضيفًا أن لكن حجم الأشياء المحددة هو الذي يخلق مشكلة، وليس أي معلومة في حد ذاتها.

الفريق المدافع عن تلك التسريبات، يرى أن المعلومات التي تنشر يتم تنقيحها بشكل دقيق قبل الإعلان عنها، ولا تمثل إلا قدر ضئيل من المعلومات التي جمعتها وكالات الاستخبارات الأمريكية وحلفائها، وأن بعضها يمكن أن تتاح من مصادر عدة وأن الهدف منها أن تتحقق الولايات المتحدة وبريطانيا من صحة المعلومات ومنحها شرعية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان