لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

العرب في أوكرانيا.. مُحاصرون بالمدن وعَالقين في الحدود

07:37 م السبت 12 مارس 2022

كتبت- سلمى سمير:

في أوكرانيا تأثر الجميع كأحجار الدومينو، مع غزو العملاق الروسي صباح الـ٢٤ من فبراير، بعد أشهر من نفي استعداده لغزو قريب. تغيرت خطط الجميع مع أول صاروخ. بدءا من الأوكران أصحاب الأرض وصولاً للأجانب بما فيهم العرب.

تباينت ظروف العرب في أوكرانيا. بين عالقين في الداخل لانعدام وسيلة آمنة تقلهم لبر الأمان، أو منتظرين في طوابير الحدود التي لا تُرى نهايتها، منهم عبد الرحمن رائد، طالب مصري بكلية الطب. استيقظ عبدالرحمن الرابعة صباحا، على صوت قصف المطار المجاور له في مدينة إيفانو فرانكيفسك.

كان الوضع بالنسبة لعبد الرحمن ورفاقه مبهم بعض الشيء، فهم لا يعرفون أين الملاجئ أو كيفية التصرف، لذا قرروا السفر فجر اليوم التالي إلى بولندا، أقرب مكان لهم حيث يقطن معارفهم.

لاقى عبدالرحمن، المشقة في طريقه للحدود البولندية، مع وصول السيارة لطابور انتظار طويل اضُطر بسببه لترك السيارة، والسير لمسافة 28 كيلومترا، وصل بعدها لطابور آخر من الناس امتد تقريبا لمدة 2 كيلومتر.

كانت الأوضاع على الحدود صعبة بالنسبة لرائد، وسط قلة الطعام، فعند كل بضعة أمتار يجد كيس خبز أو زجاجات عصير ملقاة وسط القمامة، على حد وصفه، "لكن بين الحين والآخر نجد بعض سكان القرى الأوكرانية المجاورة يحضرون ما اقتدروا عليه من الحساء والخبز كمساعدة للناس".

تجمدت زجاجات المياه من برودة الطقس، حيث يقف عبدالرحمن الذي تورمت قدماه من الوقوف، مع عدم سماح الحرس لهم بالنوم في بعض الأماكن، "قالوا إنها مخصصة للنساء ولكن كان يوجد رجال أوكران أيضا بالداخل".

ووسط تلك الأوضاع، تعنت الجنود في مرور مرور العرب والأفارقة والهنود، بتخصيصهم مكان لدخول الأوكران وسياراتهم، يقول عبدالرحمن، " لم يكن الباب يُفتح إلا ساعتين لمدة 5 ثوان لمرور10 أفراد بالأكثر".

وفي ذلك الازدحام، كانت الأوضاع الأمنية مشددة للغاية، "إذا رأوا أي شخص يصور يأخذون هاتفه ويحطموه، وصل الأمر إلى حد إشهار السلاح بعض الأحيان في وجه من يخالف أوامر بسيطة" يحكي رائد.

كان يفصل عبدالرحمن عن بوابة العبور متر ونصف، ظل واقفا عندها لمدة 28 ساعة، "كلما اقترب من بوابة العبور كانوا يعيدوني للخلف مرة أخرى".

ومع ضيق عبدالرحمن بالوضع غير وجهته، إلى الحدود الرومانية التي انعكست فيها الأوضاع للأفضل، من حسن تعامل الجنود معه، ووجود كافة أنواع المساعدة.

رحب الشعب الروماني نفسه بالوافدين، بتوفير كافة المساعدات من طعام وحلوى وبطانيات وملابس وقفازات والكثير، "عرضوا علينا حتى مبالغ مالية، وخطوط اتصال ومواصلات لتقلنا حيث نريد".

يشاركه الرأي، محمود الكلاني طالب بكلية الطب، الذي عبر مدينة إيفانو حيث يعيش إلى الحدود الرومانية. استيقظ محمود مع بداية القصف على ضرب مطار عسكري مجاور لمسكنه، لذا قرر الذهاب اليوم التالي إلى رومانيا وفق توجيهات السفارة المصرية.

لم يتعرض محمود لأي عنصرية، على الحدود الرومانية بالعكس لاقى ترحيبا واسع، بخلاف رفاقه الذين اتجهوا للحدود البولندية وتعرضوا لمعاملة سيئة بتفضيل مرور الأوكران على الأجانب.

"عامل الجنود رفاقي بمنتهى العنصرية، باعتدائهم بالضرب على بعضا منهم ودفعهم من الطابور حتى فقد صديقي حقيبته التي احتوت على حاسوب ومبلغ مالي كبير، كما لم يسمحوا له بالعودة لياخذها" يحكي عبدالرحمن.

قضى أصدقاء الكلاني، عدة أيام بالحدود البولندية، منهم من عبر وآخرين لا بينما، هو عبر خلال ساعة ونصف.

على النقيض لم يجد عماد حمدي، صعوبة في مروره من الحدود البولندية، بعد رحيله من أوديسا على إثر انفجار مستودع أسلحة بالقرب من منزله.

أخذ عماد سيارته من أوديسا، وقاد يوما كاملا إلى الحدود البولندية برفقة صغيره البالغ 5سنوات، في ظل ظروف خطرة مع مروره على العديد من المدن الأوكرانية التي كانت بؤرة مشتعلة للحرب.

لم يخلو طريق عماد من المخاطر، بمصادفته كمائن للجيش الأوكراني، واللجان الشعبية الأوكرانية، فضلاً عن مروره بمنطقة لإنزال القوات الروسية بعد أوديسا، " في بعض الأحيان كانت السيارات الحربية الأوكرانية تختبئ وسط الممرات المخصصة للمدنيين، كنا نخاف من تحليق الروس أنهم قد يقصفوا في أي لحظة".

وصل حمدي بعد ذلك اليوم لطابور السيارات، بالحدود حيث انتظر أربعة أيام داخل سيارته، لم يستطع النوم خلالها خوفا من ضياع دوره في الطابور إذا غفل، "كان طريقا بطيئا يتقدم خطوتين كل 5 ساعات".

باستثناء الانتظار الطويل، لم يشتك عماد من تعامل الجنود الأوكران معه على الحدود البولندية، أو صعوبة في المرور، عل ذلك لحصول جواز سفره على تأشيرة "شينجن"، "كل التعنت من اللجان الشعبية بتفتيشهم للسيارات مشهرين سلاحهم مما أثار الرعب بنفس ابني".

لماذا يختلف الوضع من الحدود البولندية إلى الرومانية؟

ويرجح البعض سبب ذلك الاختلاف في المعاملة من بولندا لرومانيا إلى اتفاقية "شينجن"، التي تضم 26 دولة ضمنها بولندا، وبموجبها يسمح لهم بالعبور لباقي دول أوروبا، المدونة في الاتفاق دون قيود، يأتي هنا التخوف من قيام بعض الأجانب بالدخول إلى بولندا ومنها التفرع لبقية الدول، وتقديم طلب للجوء والاستقرار هناك بدلا من العودة لبلادهم، بينما لن يتمكنوا من ذلك حال عبورهم إلى رومانيا.

وفي انتظار الوافدين، وقف كرولوس إسحاق على الحدود الرومانية، وهو اسم مستعار لأنه رفض كتابة اسمه الحقيقي. سارع كرولوس منذ بداية الحرب، إلى الحدود لمساعدة المصريين الفارين من القصف، والعالقين في طوابير انتظار بلغت كيلومترات، على أمل العبور من نقطة الحدود الفاصلة مع عدة دول مجاورة لأوكرانيا.

ظل كرولوس على الحدود 3 أيام، بلا نوم حيث وجد الناس لا يعرفون كيفية التصرف، وبلا وسيلة نقل تقلهم، لذا طلب حافلة كبيرة على نفقته الشخصية لتقل الركاب عبر الحدود.

يوجد 4 نقاط حدودية، يقف كرولوس على نقطة منهم ليرشد من يقابله، "كانت الناس تتصل من مناطق مختلفة يطلبون المساعدة في كيفية التصرف، فكنت أساعد من أراه سواء بالترجمة الرومانية أو أي شيء آخر، والآخرين كنت أتصل بمعارفي في أقرب مكان لهم ليساعدوهم".

ذهب كرولوس، بالناس بعد ذلك للأماكن التي اتسعت لهم من الكنيسة المصرية في بوخاريست، وفندق لأصدقائه حيث رحبوا بإقامة الناس مجانا، كما ساعد البعض بما اقتدر عليه، لحجز تذاكر الطيران في ظل عدم توفر المال لديهم بسبب فجأة أحداث الحرب.

عرب عالقون في سومي

ومن الحدود إلى مدينة سومي، شمال شرق أوكرانيا حيث ظل بعض الطلاب العرب عالقين وسط حصار المدينة من جميع الجهات، بلا وسيلة آمنة للخروج، إضافة إلى انقطاع خدمات الكهرباء والماء والتدفئة، ليوم كامل في ظل برودة الشتاء.

منهم أسامة بطيحة، طالب أردني بكلية الطب، يقيم في مركز مدينة سومي، يتحدث كرم أخ أسامة لمصراوي عن وضع أخيه الحالي، "الوضع الأمني ليس جيد، لا يوجد مخرج آمن أو غير آمن، الشعب الأوكراني مسلح والعصيان المدني قائم".

يخشى بطيحة على الطريقة، التي يعيش بها أخوه، في ظل تناقص المخزون وقلة الطعام في المحال، ورفع أسعار المؤن الغذائية، مع انعدام وسائل إرسال المال ، "الجيد في الأمر حتى الآن هو تمكنه هو ورفاقه من الذهاب للملاجئ مع سماع صافرات الإنذار".

حالة المرافق في سومي مضطربة بعض الشيء، فرغم تواجدها إلا أنها متقطعة في الأيام الأخيرة، فضلاً عن انقطاع خدمات الماء والتدفئة في بعض المناطق.

يقول كرم، إنه لم تصل أي مساعدات لأخوه ورفاقه، لكن الأهم الآن سلامتهم وحالتهم النفسية والرعب من انتظار ما هو أسوأ، "كيف نراهن على صبر بوتين يمكن بأي لحظة حدوث مالا يحمد عقباه" يحكي كرم.

مع عدم وجود سفارة أردنية في أوكرانيا، يتمثل تواصل الجالية الأردنية حالياً مع رئيس الجالية العربية فقط، الذي يطالبهم بالتواصل مع الخارجية الأردنية أو أي جهة تستطيع إجلائهم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان