غزو أوكرانيا وتهديدات بوتين.. ما مدى خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة؟
(دويتشه فيله)
غزو روسيا لأوكرانيا أثار المخاوف من نشوب حرب عالمية ثالثة، سيما بعد تلويح الرئيس الروسي بوتين بالأسلحة النووية. فما مدى مخاطر نشوب هكذا حرب وهل هذه المخاوف مبررة أم مبالغ فيها؟ DW سألت خبراء ومؤرخين عن آرائهم حول ذلك.
حين قصفت روسيا بالصواريخ مركز تدريب عسكري قرب مدينة لفيف وقتل 35 شخصا، وصل صدى القصف والاهتزازات التي سببها إلى بولندا، الدولة العضو في حلف الناتو، والتي لا تبعد سوى 20 كلم عن الموقع.
وأي هجوم على دولة عضو في الحلف يعني هجوما على كل الحلف، حسب ميثاقه. وهو ما دفع جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي إلى التحذير بأن الولايات المتحدة "ستدافع عن كل سنتمتر من مناطق حلف الناتو".
مخاوف من استخدام الأسلحة النووية
لا يريد الخبراء التحدث عن حرب عالمية الآن، لكن هناك مخاوف من هكذا تصعيد. وقد أكدت الولايات المتحدة أكثر من مرة أنها لن تخوض حربا ضد روسيا في أوكرانيا، وتعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ"تجنب مواجهة مباشرة بين حلف شمال الاطلسي وروسيا" لأنها ستؤدي الى "حرب عالمية ثالثة". وقال "لن نخوض حربا ضد روسيا في أوكرانيا، لكننا نعلم أن حرب بوتين ضد أوكرانيا لن تكون انتصارا" للرئيس الروسي. كما أن استعداد الناتو للتدخل مباشرة في حرب أوكرانيا كأن يفرض منطقة حظر جوي مثلا، ضعيف جدا، حيث ستكون مخاطر مواجهة مباشرة مع روسيا كبيرة جدا.
لكن ماذا لو حدثت مواجهة فعلا بين روسيا والناتو؟ هكذا حرب يمكن خوضها بأسلحة "تقليدية" بدون استخدام أسلحة نووية، لكن هناك خطر كبير باستخدام رؤوس نووية أيضا. ورد فعل الناتو في حال استخدام أسلحة نووية تكتيكية ذات آثار محدودة خارج مناطق الحلف، سيكون مختلفا عن رد فعله في حال استخدام ما يسمى بالأسلحة النووية الاستراتيجية، التي لديها القدرة على تحويل العالم كله إلى أنقاض.
تهديات بوتين ـ هل هي حقيقية؟
هل سيذهب بوتين إلى هذا المدى؟ فيما يعتبر بعض الخبراء تهديدات الرئيس الروسي النووية مجرد "لعبة روليت"، يرى آخرون أن عميل المخابرات السوفياتية "كي جي بي" السابق، مستعد أن يقود العالم إلى نهايته باستخدام الأسلحة النووية. وصرح وزير الخارجية والدفاع البولندي السابق رادك سيكورسكي "يجب ألا ينسى بوتين، بأن الناتو حلف نووي أيضا". وأضاف لـ DW "يعرف (بوتين) بأن المرء لن ينجو بحياته في حرب نووية. فاليوم الذي قد يستخدم فيه بوتين الأسلحة النووية سيكون اليوم الأخير في حياته".
هل سيذهب بوتين إلى هذا المدى؟ فيما يعتبر بعض الخبراء تهديدات الرئيس الروسي النووية مجرد "لعبة روليت"، يرى آخرون أن عميل المخابرات السوفياتية "كي جي بي" السابق، مستعد أن يقود العالم إلى نهايته باستخدام الأسلحة النووية. وصرح وزير الخارجية والدفاع البولندي السابق رادك سيكورسكي "يجب ألا ينسى بوتين، بأن الناتو حلف نووي أيضا". وأضاف لـ DW "يعرف (بوتين) بأن المرء لن ينجو بحياته في حرب نووية. فاليوم الذي قد يستخدم فيه بوتين الأسلحة النووية سيكون اليوم الأخير في حياته".
المؤرخ الأمريكي- الألماني، كونراد ياراوش، يشبه استراتيجية بوتين باستراتيجية هتلر في عام 1939، ويقول إنه أجج صراعا إقليميا ويحذر الغرب من أنه "إذا رد بشكل كبير على ذلك، سوف تندلع حرب عالمية ثالثة".
لكن ليس هناك هكذا رد فعل حسب رأي المؤرخ والباحث السياسي في جامعة كيمنتس التقنية، شتفان غارزتسكي، الذي يقول "يجب ألا يكون هناك تصعيد كما حدث عام 1939، بشرط أن يكون هناك تحرك كبير باتجاه عدم التصعيد". ويدل على ذلك "الصراعات المتجمدة" في جورجيا وجمهورية مولدوفا. ويرى غارزتسكي أن على حلف الناتو أن يحدد بشكل واضح الخطوط الحمراء. ويضيف لـ DW "إذا كان هناك خطر تحول كييف وأوديسا إلى حلب أوروبية، حينها يجب على المرء مناقشة مسألة فرض حظر جوي بشكل أكبر".
درو الصين حاسم
إن صراعا إقليميا بالأصل يمكن أن يفجر صراعا عالميا، وقد شهده التاريخ أكثر من مرة، يقول سفن لانغه، الضابط في مركز التاريخ العسكري للجيش الألماني في بوتسدام، والحرب العالمية الأولى هي خير دليل على ذلك.
لكن نشوب حرب عالمية، "أمر لن تحسمه روسيا" يقول لانغه ويضيف بأن الدور الحاسم سيكون "للقوتين العالميتين الولايات المتحدة والصين". ويعتقد أنه ليس للصين مصلحة في ذلك الآن، ويقول "أعتقد أن الصين ستدعم روسيا، لكن ليس بشكل كبير بحيث تتورط في صراع مع الولايات المتحدة الأمريكية".
لكن التوتر يزداد في وسط أوروبا مع اقتراب الغارات الجوية الروسية من غربي أوكرانيا، رغم وعود الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ وقوله "الفرد من أجل الجميع، والجميع من أجل الفرد". فالصواريخ الأسرع من الصوت التي تقع بالقرب من حدود الناتو في أوكرانيا، تثير الهلع لدى سكان تلك المناطق.
وضع حد للصراع
في شرقي أوروبا تزداد الأصوات التي تطالب الناتو بتزويد أوكرانيا بالطائرات الحربية وفرض حظر جوي كما يطالب رئيسها زيلنسكي، وأن توقف ألمانيا استيراد الغاز والنفط من روسيا لقطع التمويل عن حرب بوتين. فكلما توجهنا شرقا في أوروبا كلما ازداد التصعيد. وقالت الكاتب الأوكرانية، كاتيا بتروفسكايا مؤخرا "نحن جميعا في هذه الحرب". وأضافت في حوار مع القناة الألمانية الثانية (ZDF) "إذا تعلم المرء من التاريخ، فإنه يعرف بأنه ليس هناك إمكانية لوقف هذه الحرب من دون التصرف بشكل راديكالي".
في ألمانيا عادة ما يكون رد الفعل على مثل هذه التحليلات هادئا. فالمهم وما لابد منه هو جعل هذا الصراع "محدودا إقليميا وزمنيا، لتجنب توسعه" يقول الباحث والمحلل السياسي بجامعة هومبولت في برلين، هيرفريد مونكلر. في حين ما تفعله بتروفسكايا من خلال حديثها هو عكس ذلك. "يمكن تفهم ذلك على ضوء الفظائع في أوكرانيا، لكنه يرقى إلى الحديث عن حرب كبرى"، يضيف مونكلر لـ DW ويرى أنه ليس هناك بديل لما يقوم به حلف الناتو الآن، حسب رأيه.
أجواء شبيهة بعشية الحرب العالمية الثالثة؟
ويجري مؤرخون مقارنات بين ما حدث عشية الحرب العالمية الثانية وما يحدث الآن، وخاصة ما يقوم به بوتين. المجالس الشعبية التي أضفت الشرعية على قرار غزو الجيش الأحمر لبولندا في السابع عشر من أيلول/ سبتمبر عام 1939 "مشابه لما كرره بوتين فيما يتعلق بشبه جزيرة القرم وشرقي أوكرانيا"، يقول المؤرخ والباحث السياسي في جامعة كيمنتس التقنية، شتفان غارزتسكي. أما الباحث والمحلل السياسي مونكلر فيقول "اتبع هتلر سياسة تعديل اتفاقية باريس للسلام اعتبارا من عام 1938، بوتين يحاول بنفس الطريقة تعديل عواقب انهيار الاتحاد السوفياتي".
في حين يجري السياسي والوزير البولندي السابق سيكورسكي مقارنة مباشرة بين هتلر وبوتين بقوله "بوتين مثل هتلر ما قبل الهولوكست ولكن بعد غزو بولندا عام 1939". لكن مونكلر يحذر من هذه المقارنة مع ديكتاتور نازي، "لأن هذا يخلق وضوحا غير موجود بعد"، ويضيف بأن هتلر كان مدفوعا بإيديولوجية عرقية عنصرية، لا يراها المرء لدى بوتين بعد.
فيديو قد يعجبك: