إعلان

محللة استراتيجية:آسيا تواجه أوقاتا عصيبة بسبب الحرب الأوكرانية

11:26 ص الثلاثاء 26 أبريل 2022

الحرب الروسية الاوكرانية

واشنطن- (د ب ا):

قد تبدو الحرب الأوكرانية أمرا بعيدا بالنسبة لكثير من الدول غير المنخرطة بشكل مباشر فيها، وهي مسألة محل جدل من حين لآخر، تدور حول سبب تفضيل بعض الدول النأي بنفسها عن القضية دبلوماسيا. ففي جنوب شرق آسيا، اختارت دول كثيرة الالتزام بفلسفة عدم الانحياز التقليدية لتجنب أي تورط. وبخلاف سنغافورة التي أدانت بحسم الهجوم الروسي وطبقت العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو، اتخذت الدول الأخرى متحفظا كثيرا.

وتقول الدكتورة هونج لي ثو، المحللة البارزة بمعهد السياسات الاستراتيجية الأسترالي، إن هذا يرجع إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك العلاقات الثنائية الإيجابية نسبيا مع روسيا. وتعتبر فيتنام بوجه خاص في موقف صعب، نظرا لأن موسكو تزودها بـ 80% من معداتها العسكرية. وبالنسبة لإندونيسيا وماليزيا، تعتبر روسيا دولة مصدرة رئيسية لمثل هذه المعدات لهما رغم أن النسبة أقل كثيرا بالمقارنة بفيتنام.

وتضيف ثو - وهي أيضا باحثة غير مقيمة مع برنامج جنوب شرق آسيا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي- أن التصرف الذي شهده التصويت مؤخرا على قرارات الأمم المتحدة بشأن الحرب كشف الخيارات غير المريحة التي تواجهها كل الدول، حتى تلك الدول التى رفضت اتخاذ أي خيار.

ونظرا لميول حكومات دول جنوب شرق آسيا ونزعاتها، فإنها تتسم بالحساسية تجاه قضايا سلامة الأراضي وأي انتقاد يتعلق بالقيم والأخلاق. فحتى سنغافورة التي أدانت الهجوم امتنعت عن التصويت على طرد روسيا من مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة.

وتقول ثو في تقرير نشره معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية إن الأضواء العالمية مسلطة بصورة متزايدة على جنوب شرق آسيا، خاصة الدول التي تقوم هذا العام بدور إقليمي أوسع نطاقا. فإندونيسيا سوف ترأس مجموعة العشرين، وتايلاند سوف ترأس قمة التعاون الاقتصادي الآسيوي- الهادىء( آبيك)، وكمبوديا سوف ترأس رابطة دول جنوب شرق آسيا( آسيان)، وقمة شرق آسيا. وهناك ضغط دبلوماسي متزايد لاستبعاد روسيا من هذه التجمعات، مما يضع الدول التي سوف تترأسها في موقف صعب.

ومن المحتمل أن تسفر المطالبات بعدم دعوة روسيا للمشاركة في المنتديات الدولية، لا سيما مجموعة العشرين، عن نتيجة عكسية إذا لم يتم تنفيذ ذلك ببراعة. فمن ناحية، من المتصور أن الضغط مصدره" الغرب"، وإذا ما تم فرضه، فسوف يفسر على أنه انتهاك لاستقلالية رأي الدول المضيفة. وقد أعربت إندونيسيا، حتى قبل الحرب في أوكرانيا، في مناسبات عديدة عن استيائها لسعى دبلوماسيين أمريكيين للحصول على دعمها ضد الصين وغيرها من الدول وتعتبر ذلك تدخلا في السياسة الخارجية المستقلة لجاكارتا.

وتوضح ثو أن إندونيسيا- أكبر ديمقراطية في المنطقة- هي التي سوف تتحمل الكثير من ذلك التدقيق الدبلوماسي هذا العام، ليس فقط بسبب رئاستها لمجموعة العشرين، ولكن لأنها الدولة الوحيدة المشاركة في قمم الآسيان، وآبيك، ومجموعة العشرين. وحتى إذا ما تم تنفيذ التأثير الدبلوماسي ببراعة، فسوف تكون هناك حدود لمدى استعداد دول جنوب شرق آسيا للاستجابة، ليس فقط بسبب علاقاتها مع موسكو ولكن أيضا بسبب علاقاتها مع الصين. والسؤال إذن هو ما هي الدولة الأكثر قدرة على التواصل معها بشكل مقنع؟

تقول ثو إن هناك ست "دول خارجية" تشارك في عضوية مجموعة العشرين والآبيك وقمة شرق آسيا وهي: استراليا، والصين، واليابان، وروسيا، وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة. واليابان من بين هذه الدول هي التي في أفضل وضع للمشاركة في الدبلوماسية البارعة مع الدول المضيفة والضرورية للتحكم في التوترات بشأن غزو روسيا لأوكرانيا.

فوضع اليابان في جنوب شرق آسيا أكثر رسوخا بالمقارنة بالدول الخمسة الأخرى. كما أن شراكاتها العميقة وطويلة المدى في المنطقة أكسبتها مستوى عال من الثقة الدائمة.

وأضافت ثو أن العلاقات الاقتصادية القوية والاعتراف المتبادل بالاعتماد المشترك عوامل تجعل جنوب شرق آسيا واليابان أكثر قربا بالمقارنة بالدول الأخرى.

وتختتم ثو تقريرها بالقول إنه وسط الانقسامات العالمية التى تزداد عمقا بشأن الحرب في أوكرانيا وعواقبها، تواجه جنوب شرق آسيا أوقاتا عصيبة. فالآسيان ليست فقط ممثلا رئيسيا للدول الأصغر حجما والمتوسطة الحجم، لكن أيضا تتمتع الدول الأعضاء فيها بقوة تواجد كبيرة في المنتديات الدولية الأخرى هذا العام. وهذا الوضع البارز سوف يجعلها تقدر شريكا متفهما و محاورا بارعا بدرجة أكبر. ويبدو أن اليابان ستكون مثل هذا المحاور. ورغم أن جهود طوكيو وحدها، أو بالتنسيق مع الشركاء والحلفاء لن تعالج القضية التي تواجهها المؤسسات الدولية، فإنها ربما تمنع المزيد من التصدع.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان