إعلان

"قارب الموت".. مأساة أسرة سورية حاولت عبور "الفقر" في لبنان

03:44 م الخميس 28 أبريل 2022

كتبت - إيمان محمود

أيام مضت على وقوع فاجعة غرق قارب مهاجرين في بحر طرابلس اللبنانية، ومازالت بعض عائلات الضحايا تنتظر أن يلفظ البحر أجساد أبنائهم، من بين هؤلاء عائلة "سبسبي"، التي ابتلع البحر أربعة من أفرادها.

حتى الآن لم يُعلن عن عدد دقيق ونهائي لركاب القارب الذي بات يُعرف بـ"قارب الموت"، لكن هناك ترجيحات من داخل لبنان تقول بإن العدد يتجاوز الـ100 شخص، معظمهم من اللبنانيين بالإضافة إلى عائلات سورية وفلسطينية كانوا يعيشون كلاجئين في لبنان.

حيث بلغ عدد الناجين 45 شخصا، من بينهم الشاب السوري أحمد سبسبي، لكنه عاد دون زوجته ريهام دواليبي (25 عاما)، وأبنائه الثلاثة ماسة (8 سنوات)، ومحمد (6 سنوات)، وجاد (4 سنوات).

يروي معروف سبسبي، لموقع "مصراوي" تفاصيل رحلة الموت التي خاضها شقيقه أحمد وأسرته، قائلا: "أخي وأسرته كانوا من بين 80 إلى 90 مهاجرا، من بينهم عائلة المُهرب نفسه.. وهم 10 أضعاف الوزن المسموح به للمركب"، مضيفًا أن الركاب تقاسموا القارب المُكوّن من طابقين؛ ليحتل الرجال الطابق العلوي فيما جلست النساء والأطفال في الطابق السفلي.

خرج القارب من الميناء بطرابلس، وأبحر مُتجهًا إلى إيطاليا، لكن لدى خروجه من المياه الإقليمية اللبنانية، توجّه إليه خفر السواحل اللبناني مُرسلاً إشارات تأمره بالتوقف مع إطلاق تحذيرات عبر مكبرات الصوت "توقفوا. إن تحركتم خطوة ستموتون"، بحسب ما ذكره معروف، مضيفًا: "صاحب المركب تواصل مع شخص -لم يُعرف هويته- في طرابلس وقال له إن خفر السواحل أوقفونا"، لكن رد الشخص المجهول جاء كالآتي: "لا ترد عليهم، أكمل الرحلة، ولن يعترضك أحدا"، بحسب ما ذكره معروف.

استمرت المناورات بين الجانبين حتى وقع الاصطدام بين أحد قوارب خفر السواحل وقارب المهاجرين، وكان الاصطدام مع الوزن الزائد كافيا لتسرّب المياه داخل القارب "غرق القارب بسرعة رهيبة، لا تتجاوز الدقيقة، ونجى بعضا من راكبي الطابق العلوي".

وبسبب تلك المناورة اتهم بعض الناجين وأهالي الضحايا الجيش اللبناني، قائلين إنه مسؤول عن غرق الزورق بعد محاولة اعتراضه بالقوة.

وردّا على هذه الاتهامات عقد قائد القوات البحرية في الجيش العقيد الركن هيثم ضناوي مؤتمرا صحفيا، ظهر الأحد، وقال إن "المركب الذي غرق هو مركب صغير صنع في العام 1974، طوله 10 أمتار وعرضه 3 أمتار، والحمولة المسموح بها هي 10 أشخاص فقط".

ولقي 7 على الأقل حتفهم حتى الآن في حادث الغرق، الذي يُعد الأسوأ منذ سنوات، لا سيما مع تكرار محاولات الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر، هربا من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ صيف 2019.

وفي ظل هذه الأزمة التي تتفاقم بشكل متسارع في البلد الذي أعلن إفلاسه مع بداية الشهر الجاري، سعى أحمد للهجرة من لبنان، في البداية بطريقة شرعية من خلال الأمم المتحدة، فهو لاجئ سوري في لبنان، هرب إليه من حلب في عام 2013، بعدما اشتد القصف في وشحّت فرص العمل.

يروي شقيقه معروف لـ"مصراوي"، "كانت الفترة الأولى لأخي في لبنان مُستقرة وجيدة، وفي هذه الفترة رزقه الله بثلاثة أولاد، لكن في السنوات الأخيرة مع بداية جائحة كورونا وانهيار الوضع الاقتصادي في لبنان تبدّل الحال".

تردد أحمد في اللجوء إلى الهجرة غير الشرعية للهروب بأسرته من وضعهم الاجتماعي المؤسف، إذ كان يأمل في أن تُسرع الأمم المتحدة في النظر بملفه، لكنه لجأ إليها في النهاية عندما لم يجد جدوى من انتظاره، بحسب ما ذكره شقيقه.

كان معروف يعلم ما ينوي أخيه على فعله قبل أيام من انطلاقه في قارب الموت، لكنه لم يكن يعلم أنه سيصطحب زوجته وأبنائه "كان الاتفاق منذ البداية أن يذهب بمفرده، ثم يبدأ في إجراءات لم الشمل وتنضم إليه أسرته، ولم أكن أعلم أنه غير قراره واتفاقه معي واصطحب أسرته إلا بعد وقوع الحادثة.. أنا ضد أي إنسان يخاطر بزوجته وأولاده تحت أي ظرف".

مازال يعاني أحمد سبسبي من الصدمة، فيما قررت عائلته التي مازال مُعظمها يعيش في مدينة حلب، أن ينتظروا انتشال جثامين الزوجة والأطفال الثلاث ودفنهم، ثم يجبروا ابنهم الناجي الوحيد من المأساة على مغادرة لبنان، على حد قول معروف، الذي أكد: "لم يعد لأخي أحدا في لبنان، ونحن خائفون عليه.. فلا يستطيع أي إنسان تحمل خسارة زوجته وأولاده في دقائق معلومات.. لا أحد يتحمل خسارة عمره كله في لحظة واحدة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان