إعلان

هل يمكن للوساطة العربية أن تنجح في إنهاء الحرب بأوكرانيا؟

09:17 م الثلاثاء 05 أبريل 2022

وزراء الخارجية العرب

القاهرة - (ا ف ب)

قام وفد من وزراء الخارجية العرب الثلاثاء بزيارة إلى بولندا عقب لقاء جمعهم الاثنين في موسكو بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وهذا، في سياق وساطة عربية لإيجاد حل سياسي للنزاع في أوكرانيا، ترعاها جامعة الدول العربية برئاسة أمينها العام أحمد أبو الغيط. فما هي دواعي هذه الوساطة؟ وما حظوظها في النجاح لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟

اختارت الدول العربية عموما أن تبقى بمنأى عن الحرب في أوكرانيا لخطورة وضع غير مستعدة على جميع المستويات للانخراط فيه، لا سيما وأن النزاع يهم أكبر قوى الغرب والعالم وعلى رأسها الولايات المتحدة، وعلى الطرف الآخر روسيا التي اجتاحت قواتها الجار الأوكراني، والتي تربطها معهما مصالح متداخلة.

وكانت 15 دولة عربية صوتت في مارس لصالح قرار، غير ملزم، في الجلسة الخاصة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، يدين الغزو الروسي ويطالب موسكو بسحب قواتها من أوكرانيا، لكن مواقفها ظلت دائما تصب في زاوية الحياد، فيما امتنعت كل من الجزائر والسودان والعراق عن التصويت أما المغرب ففضل التغيب.

هذه المنطقة الضبابية اتجاه النزاع التي فضلت البلدان العربية البقاء فيها بالبداية، يبدو أنها فهمت مع مرور الوقت أنها لا تخدم وجود الكثير منها بسبب الأضرار التي تلحقها بأمنها الغذائي وتهدد اقتصادها. ويعتقد مراقبون أن الوساطة العربية انطلقت من هذا المعطى أساسا في بناء محاولة للتدخل لدى طرفي النزاع لإيجاد حل سياسي له.

وانطلقت هذه الوساطة الإثنين بزيارة "مجموعة الاتصال العربية"، التي ضمت وزراء خارجية مصر والسودان والجزائر والعراق والأردن يتقدمهم الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيظ، إلى موسكو حيث التقوا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وبحسب الخارجية الجزائرية "يستمع الوزراء العرب إلى مواقف وانشغالات الطرفين على ضوء آخر التطورات الأمنية والسياسية للأزمة في أوكرانيا".

وعقب هذا اللقاء، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري في مؤتمر صحفي: "عبرنا خلاله عن القلق إزاء امتداد أمد الأزمة الراهنة، ودعوة كافة أطراف النزاع إلى التوقف عن التصعيد وعدم الاحتكام للعمل العسكري، كما شددنا على اللجوء الفوري للحلول السلمية والدبلوماسية القائمة على الحوار".

وأضاف: "أكدنا كذلك على أهمية التنسيق للحفاظ على أمن وسلامة الجاليات العربية الموجودة في منطقة النزاع حاليا وتسهيل عبور الراغبين منهم إلى الدول المجاورة، كما تناول الجانبان سبل التغلب على التبعات الاقتصادية لهذه الأزمة وضمان عدم تأثيرها على شعوب المنطقة وخارجها".

من جهته، شدد أبو الغيط على أن "الموقف العربي يؤكد دعم جهود حل أزمة أوكرانيا عبر الحوار والدبلوماسية"، كما لفت إلى أن "الأزمة في أوكرانيا أثرت في أسواق الغذاء والنفط في العالم، كما أثر ارتفاع الأسعار في الخطط الاقتصادية للحكومات والشعوب العربية". ويلتقي الوزراء العرب الثلاثاء وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا في بولندا.

الدكتورة مريم النصراوي الباحثة في الشأن الروسي تجيب عن أسئلة فرانس24 بخصوص حيثيات هذه الوساطة العربية والإمكانيات المتاحة أمامها في تحقيق أهدافها.

كيف تقيمين مبادرة الوساطة العربية لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟

لاحظنا جميعنا في الفترة الماضية صراعا بعباية جديدة في العالم، وكانت نتائجها انقسامه إلى قسمين: قسم أول ترأسه أمريكا ومن ثم الغرب الذي يبين وقوفه مع أوكرانيا. وقسم ثان نجد فيه روسيا وحلفاءها المعلنين منهم أو غير المعلنين. ولكل منهما حججه ومخططاته ورؤيته ومصالحه الخاصة وخصوصياته في العلاقات مع بعضها البعض ومع القوى العالمية، وبذلك تتفاعل بشكل مختلف مع الموقف.

دعني أقول إنه في الصين والهند وأيضا العالم العربي تم النظر إلى تصرفات روسيا على أنها خطوة نحو إنشاء عالم متعدد الأقطاب وليس أحادي كما عهدناه جميعا.

يشار إلى أن الجميع يتفق مع الأطروحة حول إضعاف الغرب جهرا أو سرا، بمن فيهم منتقدو التدخل الروسي. يشعر العالم العربي، الذي تشارك الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي بنشاط في شؤونه، بالقلق من نتيجة هذا الصراع. فالمنطقة، من جهة، مهتمة عموما بإرساء تعدد أقطاب مستقر وإضعاف اعتمادها على الغرب. ومن جهة أخرى، تدرك أن الولايات المتحدة هي الضامن الرئيسي للأمن في أكثر من منطقة بالعالم، وتقدم المساعدة المالية والعسكرية والفنية لعدد من الدول العربية.

ويمكن وصف الموقف الرسمي للدول العربية من الأحداث في أوكرانيا وأفعال روسيا بأنه رغبة في النأي بنفسها عن الأزمة الأوكرانية، وتجنب الانتقادات من أي من الجانبين وعدم الانجرار إلى مواجهة بين روسيا والغرب. ومع ذلك، فإن مواقف دول العالم العربي غير متجانسة بأي حال من الأحوال، ولكل منها مصالحها الخاصة وخصوصياتها في العلاقات مع بعضها البعض ومع القوى العالمية، وتتفاعل بشكل مختلف مع الوضع في أوكرانيا.

وتفضل هذه الدول أن تحافظ عموما على علاقاتها مع طرفي النزاع. لا ننسى دور موسكو في عدد من الملفات ذات الارتباط العربي بمجموعة من المناطق. فروسيا تلعب دور الوسيط في تسوية عدد من النزاعات في الشرقين الأدنى والأوسط (القضية الفلسطينية - الإسرائيلية، والسورية، والإيرانية). في حالتي سوريا وإيران، فإن دورها هو أحد الأدوار الرئيسية. الشرق العربي معني بمسألة كيفية تأثير التناقضات الروسية الأمريكية بشأن أوكرانيا على حل المشاكل الإقليمية.

وفي جميع الحالات، اتخذت روسيا موقفا معارضا تماما للغرب. في هذا الصدد، يهتم العرب بكيفية تطبيق قواعد القانون الدولي في حالة أوكرانيا وما هو الدور الذي ستلعبه المنظمات الدولية (الأمم المتحدة، منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الاتحاد الأوروبي، الناتو) في حل الأزمة.

هل هذا التحرك العربي كان ضروريا بحكم أن المنطقة تأثرت بتداعيات الحرب على أمنها الغذائي؟

أعتقد أنه نعم، هذه الوساطة ضرورية جدا خاصة وأن روسيا واحدة من أكبر موردي النفط والغاز للسوق العالمية وتهتم بالحفاظ على أسعار النفط والغاز المرتفعة والتي يشكل تصديرها جزءا كبيرا من ميزانية الدولة. الدول العربية في الخليج الفارسي هي من بين أكبر الدول المنتجة للنفط والغاز. في حال واجهت روسيا صعوبات في تصدير الطاقة بسبب العقوبات، ستستفيد بعض الدول العربية من ارتفاع الأسعار، بينما ستعاني دول أخرى، على سبيل المثال الأردن ومصر، اللتان اضطرتا لشراء الطاقة.

ولا ينبغي المبالغة في احتمال قيام الدول العربية المنتجة للنفط بتخفيض أسعار النفط من أجل ضرب الاقتصاد الروسي.

تخفيض سعر النفط بشكل مصطنع سيحرم العرب من أرباح غير متوقعة. ولن تسمح الطاقة الإنتاجية للسعودية مثلا بزيادة إنتاج النفط بقدر ما يؤدي إلى خفض الأسعار. إضافة إلى ذلك، فإن قرار زيادة إنتاج النفط يجب أن يتم اتخاذه من قبل جميع الدول الأعضاء في أوبك.

أما بالنسبة لمشكلة الغذاء، فإن مستوى التعاون التجاري والاقتصادي بين أوكرانيا والدول العربية متواضع للغاية بشكل عام. ومع ذلك، فإن ضمان إمداد مصر بالحبوب الأوكرانية الرخيصة، على سبيل المثال، يعد أمرا ذا أهمية قصوى، نظرا للحفاظ على مستوى معيشة جزء كبير من السكان والاستقرار الاجتماعي والسياسي في بلد شهد أربعة تغييرات من السلطة على مدى ثلاث سنوات ونصف ويواجه صعوبات اقتصادية مزمنة. تعتبر روسيا وأوكرانيا الموردين الرئيسيين للحبوب لمصر. ومن منطقة شمال البحر الأسود، يتم تصدير الحبوب أيضا إلى ليبيا واليمن وسوريا والمملكة العربية السعودية.

في نهاية أبريل، أكد البنك الدولي أن الأزمة الأوكرانية ستسبب مشكلة للأمن الغذائي للدول العربية. وتشمل الأردن واليمن ومصر ولبنان التي تشتري 50٪ من القمح والذرة المستورد من أوكرانيا. كما تخشى الدول العربية من تأثير الخلافات الروسية الأمريكية بشكل سلبي على الوضع حول سوريا وإيران.

كيف يمكن أن تؤثر هذه الوساطة العربية بشكل فعال وإيجابي في هذه الأزمة؟

بعد فقدان الثقة وصعوبة الوصول إلى حل بين أوكرانيا وروسيا، أظن أن على العرب التدخل كل منه بطريقته مع من يتحالف علنيا لمحاولة إقناعه على الأقل بالدخول في هدنة في انتظار إيجاد خريطة طريق للتوصل لحل سياسي.

فالجميع ضد الحرب وقتل الأرواح البريئة، ولكن إذا أراد الجميع وقف ذلك، فأظن أن العرب هم من القلائل الذين ما زالوا يربطون علاقات دبلوماسية جيدة مع كل الأطراف، وبالتالي بإمكانهم حثهم على التقدم في المفاوضات.

ممكن أن يتغير شيئا بتدخل العرب؟ أظن أن هذه الوساطة قد تؤدي إلى ليونة أكثر في المفاوضات، خاصة وأنه لا يوجد مشاكل تاريخيا بين العرب وروسيا أو أوكرانيا.

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان