ما قصة فيديو الاعتداء الوحشي للشرطة الهندية على سجناء مسلمين؟
نيودلهي- (بي بي سي):
شاهد الملايين مقطع فيديو يظهر الشرطة الهندية وهي تنهال ضرباً على مجموعة من الرجال المسلمين في الحجز بعد أن نشره عضو منتخب في حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، مشيداً بأعمالهم الوحشية، ووصفها بأنها "رد الهدية" للرجال.
ولم يتم اتخاذ أي إجراء ضد الضباط المتورطين. وتقول عائلات الذين تعرضوا للاعتداء إن المعتقلين أبرياء ويجب إطلاق سراحهم.
و تنهار زيبا في البكاء ويداها ترتجفان وهي تمسك بهاتفها المحمول لمشاهدة مقطع فيديو مروع لشقيقها الأصغر سيف، وتقول: "هذا أخي، يضربونه كثيرا وهو يصرخ بصوت عال من شدة الألم".
وتضيف قائلة: "لا أستطيع حتى أن أنظر إلى هذا المقطع، لقد تعرض لضرب شديد"، بينما يواسيها أقاربها في منزلها في مدينة سهارانبور بشمال الهند.
وتُظهر اللقطات المؤلمة رجلي شرطة يستهدفان مجموعة من الرجال المسلمين المحتجزين بما في ذلك شقيق زيبا.
ويمكن رؤية الضابطين يضربان الرجال بعصي تتأرجح مثل مضارب البيسبول، وتختلط أصوات الضربات بالصرخات العالية.
ويعلو صراخ بعض أفراد المجموعة وهم يرتعدون خوفا وظهورهم إلى الحائط: "إنه مؤلم، إنه مؤلم ..لا".
ومع استمرار الضرب، يطوي رجل يرتدي قميصا أخضر يديه في صلاة فيما يمكن رؤية سيف في سترة بيضاء يرفع ذراعيه في الهواء وكأنه يستسلم.
وكان سيف، البالغ من العمر 24 عاما، واحدا من عشرات الرجال المسلمين الذين اعتقلتهم الشرطة الأسبوع الماضي.
وتظاهر الآلاف في مسجد البلدة بعد صلاة الجمعة للانضمام إلى الاحتجاجات الوطنية على تصريحات نوبور شارما، المتحدثة باسم حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم، بشأن النبي محمد.
وقد قام الحزب في وقت لاحق بإيقافها عن العمل وسط احتجاجات من الدول الإسلامية، وقال الحزب إنه يعارض إهانة أي دين.
وكانت الاحتجاجات في سهارانبور سلمية إلى حد كبير حيث خرجت الحشود من المسجد أمام المحلات التجارية في المدينة.
ومع تصاعد التوترات، تعرضت بعض المتاجر المملوكة لأشخاص من الأغلبية الهندوسية لاعتداءات، وأصيب رجلا أعمال بجروح طفيفة. وقد استخدم الضباط الهراوات لتفريق بعض الحشود.
وجهت الشرطة لسيف و 30 آخرين اتهامات عديدة منها التورط في أعمال شغب والتحريض على العنف، والتسبب في الأذى لردع موظف عمومي، وتعريض الحياة للخطر.
وتقول أسرة سيف، التي تعيش حياة متواضعة وهي تبيع صناديق الكرتون، إن سيف لم يكن حتى في الاحتجاجات وإنه بريء.
وتقول الأسرة إنه غادر المنزل في حوالي الساعة 5 مساء بالتوقيت المحلي يوم الجمعة لشراء تذكرة حافلة لصديق عندما ألقي القبض عليه من قبل الضباط واقتيد إلى مركز شرطة كوثوالي في سهارانبور.
وتقول زيبا إنها عندما زارته هناك رأت كدمات على جسده: "كان لونه أزرق من شدة الضرب، ولم يستطع حتى الجلوس".
وانتشر الفيديو، الذي يظهر بوضوح وحشية الشرطة، على نطاق واسع بعد أن شاركه شلب تريباثي، وهو مسؤول منتخب من حزب بهاراتيا جاناتا، والذي نشره مع عنوان يقول "إعادة الهدية للمتمردين".
يذكر أن تريباثي مستشار إعلامي سابق لأحد أقوى السياسيين في الهند وهو يوغي أديتياناث رئيس وزراء ولاية أوتار براديش حيث وقع هذا الحادث.
ولم يندد مسؤولو الحزب أو أي شخص في حكومة حزب بهاراتيا جاناتا بهذا الفيديو.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن هناك مناخا متزايدا من التعصب في الهند منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة في عام 2014، ترافق بتصاعد خطاب الكراهية والهجمات التي تستهدف الأقلية المسلمة في البلاد.
وجمعت بي بي سي شهادات من نحو 6 من العائلات المسلمة التي قالت إن أقاربها تعرضوا للضرب أثناء احتجاز الشرطة لهم في مركز شرطة كوثوالي في سهارانبور بعد اعتقالهم يوم الجمعة.
وتعرف الأقارب على ذويهم أيضا في مقاطع فيديو تظهر الشرطة وهي تستخدم العنف. وفي لقطات أخرى، يمكن رؤية الرجال وهم يُقتادون إلى شاحنة قبل نقلهم إلى مكان آخر، وفي هذه الصور يمكن التعرف بوضوح على لافتة مركز شرطة كوثوالي.
ويشير تقرير الشرطة أيضا إلى مركز شرطة كوثوالي، على الرغم من نفي الشرطة المحلية في وقت سابق من الأسبوع وقوع الحادث هناك.
وقال أكاش تومار، وهو ضابط شرطة كبير لبي بي سي: "لم تقع مثل هذه الحوادث في سهارانبور، هناك مقطعان إلى 3 مقاطع في الفيديو الذي يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، وإذا شاهدت الفيديو بالحركة البطيئة فسترى به اسم منطقة أخرى".
الحزب الحاكم في الهند يوقف المتحدثة باسمه بعد تصريحات "مسيئة" للنبي محمد
لماذا بات أعلى برج أثري إسلامي في الهند قضية في المحاكم؟
وقال تومار إنه يعمل منذ ذلك الحين على التحقق من صحة الفيديو، وسيتخذ الإجراء المناسب إذا لزم الأمر.
ويقول أقارب رجال آخرين شُوهدوا في الفيديو إن أحباءهم احتُجزوا عندما ذهبوا لزيارة المركز للحصول على مزيد من المعلومات.
كان سبحان، نجل فهميدا البالغ من العمر 19 عاما، قد ذهب ليرى ما حدث لصديقه آصف الذي تم اعتقاله، فتم القبض عليه أيضا وضربه.
وكان سبحان يرتدي ملابس صفراء باهتة ويمكن رؤيته وهو يسقط على الأرض بينما يضربه شرطي بهراوة. وتقول الأسرة إن سبحان لم يذهب حتى إلى المسجد الرئيسي يوم الجمعة، ناهيك عن المشاركة في الاحتجاجات هناك.
وصرخت فهميدا :"لقد تعرض ابني للضرب بلا رحمة".
وقال مسؤولون إنهم اعتقلوا 84 شخصا اتهموا بارتكاب أعمال عنف في احتجاجات الجمعة.
وقال كومار رئيس الشرطة لبي بي سي إنه تم اعتقال المجرمين فقط. وأضاف قائلا: "عندما نعتقل شخصا، نعرض أولا لقطات له لمشاركته في احتجاج عنيف وحينئذ فقط نقوم بالاعتقالات"، وتتعارض أقواله مع الروايات التي سمعناها من عائلات بعض المعتقلين.
في المدينة، برزت سطوة القانون بطرق أخرى حيث دمرت الجرافات أجزاء من منازل رجلين مسلمين يتهمهما المسؤولون بالتحريض على العنف.
ويعيش الملايين من الهنود في منازل مؤقتة بدون رخص تخطيط مناسبة، لكن استخدام هذه الطريقة كوسيلة للعقاب بات أسلوبا أكثر شيوعا من قبل حزب بهاراتيا جاناتا.
فقد تمت المصادقة على أعلى المستويات على أوامر بهدم الممتلكات المشيدة بشكل غير قانوني والمملوكة للمتهمين في الاحتجاجات الأخيرة.
وكتب رئيس وزراء ولاية أوتار براديش يوغي أديتياناث في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر تغريدة يقول فيها إن الجرافة ستستخدم ضد المخالفين للقانون.
وفي إشارة ضمنية إلى المسلمين الذين يصلون أيام الجمعة، نشر مستشاره الإعلامي مريتيونجاي كومار تغريدة فيها صورة جرافة مع عنوان يقول: "بعد يوم الجمعة، هناك يوم سبت".
وقد وصلت جرافة إلى منزل موسكان بعد ظهر يوم السبت الماضي حيث بدأت في هدم البوابة الأمامية.
وزارت الشرطة العقار المستأجر مع صورة لشقيقها، وسألت عما إذا كان يعيش هناك. وكان الشاب، البالغ من العمر 17 عاما، قد اعتقل في اليوم السابق.
وقالت موسكان: "أكد والدي أن هذا هو ابنه، وسأل عما إذا كان هناك شيء قد حدث، لم يردوا، لقد بدأوا فجأة في استخدام الجرافة".
ويتهم المسؤولون الفتى بالتشجيع على العنف يوم الجمعة. وأظهر مسؤول لبي بي سي مقطع فيديو قال إنه يظهر فيه وهو يحرض الحشد.
ويظهر الفتى في الفيديو وهو يلقي كلمة أمام حشد: "مسلمو هذا البلد نائمون، والتاريخ شاهد على حقيقة أنه كلما نهض مسلم، قام بثورة".
وتنفي موسكان جميع المزاعم الموجهة ضد شقيقها: "ليس هو من يتسبب في الدمار، وهو ليس من هذا النوع الذي يكسر الأشياء .. كل هذا كذب".
وقال مسؤولون لبي بي سي إنه تم إخطار أسر المعتقلين بأن منازلهم بنيت بشكل غير قانوني دون الحصول على الموافقات المناسبة.
ومبررا أفعالهم، قال راجيش كومار، وهو مسؤول كبير في الشرطة، لبي بي سي: "عندما حققنا وجدنا أن عائلته تعيش في منزل غير مرخص له مملوك لأحد أقاربه".
وقال كومار لبي بي سي إن "فريق البلدية زار المنازل في ظل إجراءات أمنية مشددة من قبل الشرطة وتم اتخاذ إجراءات"، محذرا من احتمال هدم منازل المزيد من الأشخاص الذين تم اعتقالهم بالجرافات.
وأضاف قائلا: "إن الجرافة ستتحرك إذا وقع أي شيء غير قانوني ضد أولئك الذين تم اعتقالهم وإرسالهم إلى السجن".
وقالت نافنيت سيغال، مستشارة أديتياناث، لبي بي سي إن الهدم تم وفقا للقانون و " لم يتم عمل أي شيء مخالف للقانون".
وقدمت مجموعة من كبار الخبراء القانونيين في الهند، بمن فيهم قضاة سابقون ومحامون بارزون، التماسا إلى المحكمة العليا في البلاد بشأن الحالات الأخيرة من ضرب الشرطة والاستخدام غير المبرر للجرافات.
الأذى والإذلال ينتظرك لو كنت مسلماً في الهند
لماذا تهدم السلطات في ولاية هندية منازل المسلمين؟
وتتهم رسالتهم أديتياناث بتشجيع الشرطة على "تعذيب المتظاهرين بشكل وحشي وغير قانوني"، ويقولون إن هذه الإجراءات الأخيرة "تهز ضمير الأمة".
وتقول الرسالة: "إن مثل هذا القمع الوحشي من قبل إدارة حاكمة هو انتهاك غير مقبول لمبدأ سيادة القانون ولحقوق المواطنين واستهزاء بالدستور والحقوق الأساسية التي تضمنها الدولة".
كما اتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة الهندية بقمع أي شكل من أشكال المعارضة: "تقوم حكومة الهند بشكل انتقائي وشرس بقمع المسلمين الذين يجرؤون على التحدث والتعبير سلميا عن معارضتهم للتمييز الذي يواجهونه".
وكتب أكار باتيل، رئيس فرع الهند في منظمة العفو الدولية، في بيان بهذا الشأن: "إن قمع المتظاهرين باستخدام القوة المفرطة، والاعتقال التعسفي، وهدم المنازل كعقوبة من قبل السلطات الهندية هو انتهاك كامل لالتزامات الهند بموجب القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان".
وبالعودة إلى سهارانبور، تعاني موني بيجوم أيضا من محنة حيث تنتظر أخبار ابنها وزوجها، وتقول إنهما تعرضا للضرب على أيدي الشرطة.
وهي غير متأكدة من موعد عودتهما، وما إذا كان هناك منزل للعودة إليه.
وقالت:"إن ابني وزوجي البريئان في السجن، وأنا وحيدة مع بناتي في هذا المنزل المشيد حديثا، وأخشى من الذي سيحدث لنا إذا هدموه بالجرافات، لا أستطيع النوم في الليل".
فيديو قد يعجبك: