الروس يترقّبون العاصفة الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الغربية
موسكو- (أ ف ب):
ينتاب القلق الميكانيكي إيفان (35 عاما) بينما يجلس في مرآبه في جنوب موسكو بانتظار الاضطرابات الاقتصادية المقبلة جرّاء العقوبات الغربية.
بينما ما زالت ملايين الدولارات تتدفق من صادرات النفط والغاز على شكل احتياطات مالية ونقود، لم تشعر روسيا بعد بالتداعيات الكاملة لسلسلة العقوبات الغربية التي فرضت عليها كرد على غزوها لأوكرانيا.
وتبدو المؤشرات واضحة بالنسبة لإيفان إذ بات العثور على القطع الأجنبية التي يحتاج إليها أكثر صعوبة بينما ارتفعت الأسعار بنسبة 30 في المئة على الأقل بعدما أوقفت العديد من العلامات التجارية الصادرات إلى روسيا.
وقال إيفان الذي رفض الإفصاح عن كامل اسمه "تنفد المخزونات. في مرحلة ما، لن يبقى أي شيء". وأضاف أن "أصحاب السيارات الأجنبية يشعرون بالقلق ويفكّرون في ما يمكنهم القيام به في المستقبل".
وفي ظل نقص في القطع المستوردة في المعامل، خففت السلطات معايير السلامة وتلك المرتبطة بالانبعاثات بالنسبة للسيارات المنتجة محليا في مايو، مثل التخلي عن فرض إضافة وسائد هوائية.
وتحدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العقوبات الغربية، مصرا على أن الاقتصاد الروسي سيخرج من الأزمة أقوى وأشار إلى "إجراءات فوضوية" في أوروبا أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
ويشير المسؤولون إلى أن الأضرار الناجمة عن العقوبات ستكون موقتة، بينما يتوقع بأن ينكمش الاقتصاد بنسبة ثمانية في المئة هذا العام ليعاود النمو في 2024.
- تراجع الإنفاق -
لكن روسيا تعتمد بدرجة كبيرة على الواردات في منتجات كثيرة انطلاقا من معدات التصنيع ووصولا إلى السلع الاستهلاكية، فيما يعتقد خبراء الاقتصاد بأن التداعيات الأسوأ للعقوبات لم تأت بعد.
واليوم بعد مرور مئة يوم على النزاع، يتحدّث الروس سواء مسؤولين أو مواطنين عاديين عن سلسلة مشاكل تشمل نقصا في مختلف السلع من الورق إلى الأدوية.
وتوقفت السلطات عن نشر بيانات مهمة، ما يجعل من الصعب تقييم تداعيات العقوبات.
لكن المؤشرات الاقتصادية القليلة المتاحة تشير إلى مشاكل كبيرة.
وأدت القيود الصارمة على رؤوس الأموال وأسعار الطاقة المرتفعة وانهيار الواردات إلى ارتفاع قيمة الروبل، ما دفع المصرف المركزي الروسي إلى خفض معدل الفائدة الرئيسي الأسبوع الماضي في مسعى للسيطرة على العملة المحلية.
في الأثناء، بلغت نسبة التضخم 17,8 في المئة من عام لآخر في أبريل، وهو أعلى معدل منذ 20 عاما.
وتراجعت العائدات من ضرائب القيمة المضافة أو البيعات بأكثر من النصف في أبريل، بينما تتراجع غرامات ضرائب القيمة المضافة على المنتجات المستوردة بالثلث مقارنة بالشهر ذاته من العام 2021.
وقال مدير الممارسات الضريبية لدى "بيرتش ليغال" لموقع "ذي بيل" الروسي المستقل أندريه غراشيف "في نيسان/أبريل، تعرّضت عائدات الأغلبية الساحقة من الشركات في روسيا إلى ضربة".
وأضاف "لم يؤثر ذلك فقط على تلك التي أوقفت عملياتها في روسيا، بل كذلك تلك التي تواصل العمل لكنها تخسر الزبائن والأرباح".
ويبدو هذا التأثير واضحا في شوارع موسكو حيث باتت العديد من المتاجر مغلقة -- من "ماكدونالدز" و"ستاربكس" إلى "إتش آند إم" و"زارا".
وحذّرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي إلفيرا نابيولينا في أبريل من أن مشاكل تطرأ في "كافة القطاعات، سواء في الشركات الكبيرة أو الصغيرة".
- نقص في الأزرار والورق -
أشارت نابيولينا إلى أن الشركات المصنّعة للأقمشة تجد صعوبة في شراء الأزرار بينما يواجه منتجو الورق نقصا في المواد المبيّضة.
وارتفعت أسعار الورق الأبيض بشكل كبير وبدأت بعض الأعمال التجارية في موسكو طباعة الفواتير على ورق لم يتم تبييضه.
وكان قطاعا الطيران والسياحة الأكثر تضررا. وقطعت خطوط الرحلات الجوية المباشرة مع أوروبا بينما لم يعد بإمكان الروس استخدام بطاقاتهم المصرفية في الخارج.
وتعمل السلطات على إقناع الروس بقضاء عطلاتهم داخل البلاد، لكن بات من الصعب الوصول إلى ساحل البحر الأسود جراء إغلاق الأجواء في الجنوب نتيجة الحرب في أوكرانيا.
لمشاركة أكبر من قبل ممثلي المجتمع المدني لضمان مراعاة مبادئ حقوق الإنسان في "معاهدة الجائحة".
وأطلقت شركة سكك الحديد الروسية خدمات قطارات إضافية للتعويض عن غياب الرحلات الجوية.
وحاليا، يساعد ارتفاع أسعار النفط والغاز نتيجة الحرب في أوكرانيا في إبقاء الاقتصاد الروسي صامدا، رغم أنه تم تسريح عشرات آلاف العمال أو فرض عليهم أخذ إجازات غير مدفوعة أو خفضت رواتبهم، في وقت أوقفت المعامل الإنتاج نتيجة نقص المكوّنات الأجنبية.
وأشار مؤسس شركة "ماكرو-أدفايزري" الاستشارية ومراقب الاقتصاد الروسي كريس ويفر إلى أن العقوبات على وجه الخصوص سددت ضربة للنظام المالي في مارس وطأبريل. وقال لفرانس برس "سيبدأ خفض الرواتب في الأشهر القليلة المقبلة".
وتابع "ستتراجع الأجور، وسيؤثر ذلك، إلى جانب التضخم، بشكل كبير على الدخل المتاح للأشخاص".
ولفت ويفر إلى أن روسيا في موقع مالي قوي وأن السلطات قادرة على مساعدة الاقتصاد على الصمود.
وأفاد أن قرار الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع حظر أكثر من ثلثي واردات النفط الروسية لن يؤثر بشكل الذي كان يأمله كثيرون.
وقال ويفر "بينما يبدأ تأثير العقوبات النفطية، ستكون روسيا نجحت في استنساخ سوق الاتحاد الأوروبي في مكان آخر" (آسيا على وجه الخصوص).
لكنه حذّر من أن أي إجراءات غربية أخرى ضد قطاع الطاقة الروسي قد تتسبب بضرر خطير "إذا انتقلت العقوبات إلى قطاع أكثر تأثيرا: الغاز".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: