وزير العدل الفلسطيني في حوار لـ"مصراوي": جرائم الاحتلال لا تراها الجنائية الدولية.. نحن لسنا أوكرانيا
كتبت- سارة أبو شادي
قبل يومين؛ اغتال جنود الاحتلال على إحدى الحواجز الأمنية الصحفية الفلسطينية الشابة غفران وراسنة صاحبة الـ31 عامًا، أثناء مرورها لأداء عملها بمدينة الخليل، بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن، جريمة الاحتلال ضد الفتاة الشابة لم تكن الأولى من نوعها فهناك العديد من الجرائم التي نفذها جنود الاحتلال في مدن فلسطين المختلفة، أبرزها اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها اقتحام مخيم جنين إضافة إلى إطلاق النار على الشباب والفتيات دون وجه حق.
"مصراوي" أجرى حوارًا مع الدكتور محمد الشلالدة، وزير العدل الفلسطيني، تحدث فيه عن انتهاكات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، إضافة إلى تحركات الحكومة الفلسطينية من أجل فرض عقوبات على حكومة الاحتلال، وموقف الجنائية الدولية بشأن عدد من الملفات الهامة التي قدمتها فلسطين للمطالبة بفرض عقوبات بشأن الجرائم التي تحدث يوميًّا بشأن الشعب الفلسطيني.
بماذا تصف ما يحدث من انتهاكات جنود الاحتلال بشأن المدنيين العُزل يوميًّا؟
الاحتلال الإسرائيلي يمارس انتهاكات جسيمة ضد السكان المدنيين في فلسطين منتهكًا المواثيق والاتفاقيات الصادرة عن الأمم المتحدة، وبشكل خاص ينتهك اتفاقية جنيف الرابعة حول الحماية القانونية للسكان المدنيين، كما أنه أيضًا يقوم بالقتل العمد، واستهداف المدنيين بدون أي مقاومة كما حدث مع الصحفية غفران وراسنة، والشهيدة شيرين أبو عاقلة، وغيرهم من المواطنين، وبالتالي هذه الجرائم سواءً ضد السكان المدنيين أو الأعيان المدنيين أو الممتلكات الفلسطينية تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يعاقب عليها القانون.
لماذا لا يتم وضع حدّ لانتهاكات الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني؟
مسؤولية حماية الشعب الفلسطيني في الأساس تقع على عاتق الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لذا لابد أولاً من حل القضايا العالقة لديهم والخاصة بالانتهاكات في فلسطين، ووضع حد لتلك الانتهاكات الجسيمة عبر قرارات صادرة من خلالهم استنادًا للفصل السابع، وإلزام إسرائيل باحترام وتطبيق تلك القرارات الشرعية والدولية.
كذلك يجب إلزام إسرائيل باحترامها وتطبيقها لسريان اتفاقية جنيف الرابعة حول حماية السكان المدنيين والأعيان المدنيين، وأيضًا تفعيل مبدأ الاختصاص الخاص بالقضاء العالمي في دول العالم، بمعنى أنّه لابد من مساءلة وملاحقة من يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حق الشعب الفلسطيني، ولا يجوز لأحد أن يفلت من العقاب، وهذه مسؤولية القضاء الجنائي في العالم خاصة وأنّ أغلبية تلك الدول مصادقة على اتفاقية جنيف.
لابد أيضًا على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، أن يشرع في التحقيق الفوري في الجرائم المحالة له من قبل الدولة الفلسطينية أمام الجنائية الدولية، وخاصة ملف الاستيطان وملف الحرب على غزة، إضافة إلى الملفات التكميلية الأخرى مثل ملف الاعتداء على المدنيين العزل وأيضًا ملف اغتيال الصحفيين ومن بينهم الصحفية شيرين أبو عاقلة.
لماذا تتأخر الجنائية الدولية في النظر بالملفات الخاصة بالقضية الفلسطينية؟
هناك ازدواجية في العالم في التعامل وتطبيق واحترام قرارات الشرعية الدولية، نلاحظ على سبيل المثال أن هناك تحركات عاجلة للمحكمة الجنائية الدولية لما يجري في أوكرانيا، على العكس هناك تباطؤ متعمد في مساءلة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، لكن في النهاية تطبيق واحترام القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان هو مسؤولية المجتمع الدولي متمثل في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، كما أنّ هناك فرق بين حق المقاومة وبين الإرهاب المنظم من قبل الاحتلال، فإسرائيل تمارس إرهابًا إضافة إلى أبشع الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.
ما هو دور الذي تقوم به الحكومة الفلسطينية لملاحقة الاحتلال ومحاسبته على انتهاكاته وجرائمه؟
أولا: موقف الحكومة الفلسطينية واضح تجاه مسائلة وملاحقة الاحتلال، بدليل أنّها أحالت 3 ملفات أمام الجنائية الدولية، كما أنّ وزارة الخارجية تزود المحكمة الجنائية أيضًا بتقارير شهرية، لكن هناك إشكالية في المحكمة الدولية وهي جزء التقاضي، فمن حق الضحايا ومؤسسات حقوق الإنسان أن تقوم برفع قضايا أمام الجنائية الدولية لمقاضاة وملاحقة من ارتكبوا الجريمة ضد ذويهم.
المشكلة هنا تكمن في بطء القضاء الدولي خاصة في القضايا التي تتعلق بملاحقة الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى أنّ السياسة أيضًا تلعب دورًا واضحًا في مثل تلك الأمور، وهذا دليل على عدم التحرك في ملف اغتيال الشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة، بالرغم من أنّ العالم بأكمله شاهد عملية اغتيالها وهي ترتدي سترتها الصحفية، وكانت مثالًا قويًّا على جرائم الاحتلال التي ينفذها يوميًّا بحق شعبنا لكن لم نجد أي تحرك من الجنائية في هذا الملف أو غيره.
هل اتخذت الحكومة الفلسطينية أي تحرك أو إجراء بشأن اغتيال المواطنين على الحواجز؟
الاحتلال الإسرائيلي يغتال المواطنين بدم بارد أمام الحواجز، ويخرج ليتحدث عن مزاعم ليست حقيقية في الأساس وحتى لو كانت حقيقية كما يقول إنّ هؤلاء كانوا يحاولون تنفيذ عملية دهس أو طعن، فنحن أولا لسنا أمام نزاع مسلح دولي ما بين دولتين، لكن نحن أمام احتلال طويل الأمد والاحتلال لا ينقل السيادة وبالتالي الشعب المحتل والسكان المدنيين لهم أحقية في مواجهة هذا الاحتلال.
كما أنّ هناك فرق بين مواطن يحمل سكينًا أو حجرًا ويقاوم، وبين مواطن لا يحمل شيئ، ففي القانون الدولي هناك تدرج في إيقاع العقوبة، إذا تعرض الإسرائيلي للخطر، لكن ما هو الخطر الذي شكلته الصحفية الشابة غفران وراسنة والتي تم قتلها وتصفيتها بشكل متعمد، وليست غفران وحدها فهناك العشرات من الشباب والفتيات ممن يتم إعدامهم بدم بارد على الحواجز بزعم تنفيذ عمليات وتلك حُجتهم الدائمة.
حتى وإن ثبتت تلك الحجة وحاول شاب فلسطيني أو فتاة القيام بعملية طعن أو دهس على الحاجز، فالقانون لا يسمح بإعدامه، فهناك تدرج في العقوبة بمعنى أن يقوم بجرحه كأن يطلق النار على قدميه أو يديه أو في مكان لا يسبب الموت، لكن إسرائيل تتوافر بها أركان الجريمة وهي القتل العمد، لذا لابُد من ملاحقة رئيس الحكومة، خاصة وأنّه لا يعتد بالصفة الرسمية في هذا الجانب بالجنائية الدولية.
ما موقف الحكومة من قضية التحفظ على جثامين الشهداء؟
الاحتلال يقوم بجريمة التحفظ على جثامين الشهداء منذ عام 67، سواء التحفظ عليهم في الثلاجات أو في الأرض، كما أنّ مصير جثمان الشهيد يكون مجهولاً بالنسبة لعائلته، إضافة إلى أن الاحتلال يتعسف في إصدار شهادات وفاة لهم لذا يصعب على أسرهم استخراج وثيقة تُثبت وفاة أبنائهم، وبالتالي فهذه تعتبر جريمة العصر وانتهاكًا للقوانين والأعراف الدولية وأيضًا الأديان السماوية.
والسبب وراء احتجاز الجثامين من أجل التفاوض عليهم مستقبلا في عمليات تبادل الأسرى التي تتم بين المقاومة الفلسطينية أو حركة حماس والاحتلال، فجريمة احتجاز جثامين الشهداء، أقرب إلى جريمة أخذ الرهائن، وهناك أكثر من 350 جثمانًا محتجزًا لدى سلطة الاحتلال حتى اليوم.
فيديو قد يعجبك: