هل يستطيع الغرب إرغام روسيا على الخروج من أوكرانيا؟
واشنطن- (د ب أ)
بعد أن أصبح الغزو الروسي لأوكرانيا أمرا واقعا بل ويتطور شهرا تلو الآخر دون نهاية تلوح في الأفق رغم الجهود الغربية المكثفة لتضييق الخناق على موسكو بالضغط الاقتصادي عليها من ناحية، وإمداد أوكرانيا بالعتاد من جهة أخرى، يظل التساؤل الذي يطرح نفسه هو: هل يفلح الغرب في إرغام روسيا على الخروج من أوكرانيا؟
ويقول الإعلامي المغربي أحمد الشرعي، عضو مجلس إدارة المجلس الأطلنطي، في تقرير نشرته مجلة ناشيونال انتريست الأمريكية، إن الحرب بدأت في ذهن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بمفهومين خاطئين كبيرين، ولن يتحقق السلام إلا عندما يعترف الرئيس الروسي بأنه كان مخطئا بشأنهما.
ويضيف الشرعي، أنه اعتقادا من بوتين بأنه يستطيع الاستيلاء على كييف في غضون يومين، غزا أوكرانيا في 24 فبراير.
وكان يعتقد أن أوكرانيا هي في الأساس عبارة عن نسخة مكبرة من بيلاروس، حيث القومية فاترة وغير منظمة، وتوقع أن تواجه قواته مقاومة رمزية في أوكرانيا وأن قيادته الكاملة لن تستغرق سوى القليل من الوقت لتأسيسها.
وإذا كانت المقاومة الأوكرانية عنيفة، فإنه يتوقع تكرار الاستيلاء على شبه جزيرة القرم عام 2014، وهي حرب دموية ولكنها قصيرة حيث أطلق الغرب فقط المساعي الدبلوماسية، بدلا من شحن الصواريخ وقذائف المدفعية بالأطنان.
كما تصور بوتين، أن استعراضه المذهل والفظيع للقوة من شأنه أن يخيف أو يشتت الاتحاد الأوروبي، وبالتالي حلف شمال الأطلسي.
وكان يعلم أن صادرات الغاز الروسية، تمثل أهمية حيوية لبعض أعضاء الاتحاد الأوروبي، وخاصة ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا وأكبر كتلة في البرلمان الأوروبي. وراهن بوتين على أن الأوروبيين لن يتراجعوا أبدا عن إغلاقهم للمحطات التي تعمل بالفحم والمحطات النووية، أو توسيع نطاق واردات الغاز الطبيعي من الولايات المتحدة وقطر، أو يخططون لخطوط أنابيب جديدة من شمال أفريقيا أو الشرق الأدنى، وكان يعتقد أن المشاعر الأوروبية المؤيدة للبيئة جعلت هذه التحولات غير واردة.
ويقول الشرعي، إنه لعل أكثر ما صدم تفكير بوتين قبل الحرب، هو الانعكاس المفاجئ لأكثر من سبعين عاما من الإجماع على الإنفاق العسكري في ألمانيا وفي اليابان التي تقع على مسافة بعيدة.
ولطالما حرصت الدولتان على أن تظهرا للعالم أنهما لن تكونا أبدا قوتين عسكريتين على غرار الحرب العالمية الثانية، لكنهما أعلنتا فجأة عن ميزانيات أكبر لقوتهما المسلحة، بما في ذلك أكبر الزيادات التي شهدها البلدان منذ نهاية الحرب الباردة.
إذن، كيف يمكن للعالم أن يؤثر على بوتين للانسحاب، وليس التصعيد؟
يقول الشرعي، إنه أولا، يتعين على العالم أن يتوحد لدعم أوكرانيا كدولة مستقلة وذات سيادة وديمقراطية، ولا بد أن ينهي إعلان ألمانيا مؤخرا أنها تدعم وحدة أراضي أوكرانيا، "بما في ذلك شبه جزيرة القرم"، كل الحديث عن مقايضة أوكرانيا للأراضي من أجل السلام.
وبعد ذلك، يجب تعزيز النمو العسكري والاقتصادي وتغذيته، إن أوكرانيا الضعيفة والمعرضة للخطر لن تؤدي إلا إلى تجدد العدوان الروسي، وستتطلب إعادة إعمار أوكرانيا استثمارات كبيرة من القطاع الخاص، ولكن استثمارات القطاع الخاص تعتمد على بيئة آمنة عموما.
ولدى الولايات المتحدة فرصة تاريخية لبناء أفضل رادع ضد العدوان الروسي في المستقبل مع حلفائها، والمساعدة في معالجة ثقافة الفساد المتوطنة في أوكرانيا، من خلال خطة مارشال مصغرة مدروسة جيدا.
إن ما يتآكل منذ بضع سنوات هو التزام القادة الأمريكيين بالدفاع عن نظام دولي والإبقاء عليه والدفع به قدما، تلتزم فيه الدول بالقواعد والمعايير المشتركة واحتضان النظم الاقتصادية الليبرالية والتخلي عن غزو الأراضي واحترام السيادة الوطنية واعتماد نظم حكم تشاركية وديمقراطية.
وفي ظل البيئة العالمية متزايدة التعقيد اليوم، لا يمكن للولايات المتحدة تحقيق هذا الهدف إلا من خلال الاستفادة من قوتها من خلال سياسة خارجية متماسكة تستجيب للتحديات التي تفرضها روسيا والصين.
وللقيام بذلك، يجب عليها أن تعمل عمدا على تعزيز وتنمية العلاقات المثمرة مع حلفائها وشركائها والدول الأخرى ذات المصالح المشتركة.
ويتعين على الولايات المتحدة أن تقدم بدائل سياسية واقتصادية وأمنية جذابة لنفوذ الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وأفريقيا، وما وراءها.
وفي الوقت نفسه، يجب على الولايات المتحدة الحفاظ على حوار استراتيجي مثمر مع الصين من شأنه أن ينقل بوضوح المخاوف الأمريكية الحيوية مع مساعدة القادة الأمريكيين على فهم المصالح والأهداف الصينية.
ويمكن الجمع بين المبادئ العالمية، والاعتراف بواقع تاريخ المناطق الأخرى وثقافاتها ووجهات نظرها بشأن أمنها.
وقال الشرعي، إنه في عام 2014، كتب هنري كيسنجر: "يجب أن يسير الاحتفال بالمبادئ العالمية جنبا إلى جنب مع الاعتراف بواقع تاريخ المناطق الأخرى وثقافاتها ووجهات نظرها بشأن أمنها"، يجب أن نتعلم من هذه الكلمات الحكيمة ونتجنب مفاهيمنا الخاطئة الكبيرة.
فيديو قد يعجبك: