كيف ساعد الغرب كوريا الشمالية في تطوير بيرتها الوطنية؟
(دويتشه فيله)
تحتفل كوريا الشمالية بالذكرى العشرين لإنتاج البيرة الوطنية التي يُطلق عليها اسم "تايدونغانغ". ورغم الاحتفاء بهذه المناسبة إلا أن كوريا الشمالية لم تعترف بالجذور الرأسمالية لهذا الشراب، فما هي قصة هذه الجذور؟
يحظى شراب "تايدونغانغ" وهو الاسم الذي يُطلق على مشروب البيرة الوطنية في كوريا الشمالية بشعبية كبيرة في العاصمة بيونغ يانغ خلال أشهر الصيف. ورغم هذه الشهرة، إلا أن الكثير من عشاق هذه البيرة لا يعرفون حقيقة مفادها أن جذورها تعود إلى الرأسمالية الغربية. نشرت وكالة الأنباء المركزية الكورية تقريرا مؤخرا يحتفي بإنشاء مصنع تايدونغانغ لتخمير البيرة قبل عقدين في العاصمة في بيونغ يانغ حيث أكد التقرير أن المصنع "جرى تشييده تحت رعاية الرئيس كيم جونغ إيل"، إذ تم البدء في البناء عام 2000. ووفقا لتقرير فإن كيم جونغ أيل "أمر ببناء المصنع الجديد لإنتاج بيرة ذات جودة عالية لسكان البلاد وقد اختار بنفسه موقع المصنع حيث أظهر اهتماما خاصا بعملية بناءه".
المذاق والنكهة
وأضافت الوكالة أن كيم جونغ أون، زعيم البلاد الحالي ونجل كيم جونغ إيل، تابع وأشرف على بناء مصنع الجعة حيث تفقده عدة مرات من أجل "تشجيع المسؤولين والعاملين فيه على تحسين جودة بيرة خاصة مذاقها ونكهتها". يبلغ إنتاج المصنع 70000 كيلو لتر من البيرة سنويا حيث يُجرى استخدام مياه الينابيع الطبيعية في منطقة ميليم فضلا عن الشعير والجنجل الذي يُزرع شمال البلاد فيما تبلغ نسبة الكحول في البيرة 5.7 بالمائة وتعد نسبة عالية مقارنة بمشروبات البيرة في بلدان شرق آسيا.
تعود قصة هذه البيرة إلى عام 2000 عندما كانت أجواء العلاقات بين كوريا الشمالية وبقية بلدان العالم إيجابية مقارنة بالوضع الراهن. وفي ذلك الوقت، قررت الحكومة بعد أن حصلت على تمويل جيد إنشاء مصنع للجعة، لكن العقبة الرئيسية تمثلت في افتقارها إلى الخبرة المحلية، لذا كانت أبسط الطريق شراء مصنع من خارج البلاد لتصنيع البيرة.
وقد تكللت هذه المساعي ببعض النجاح فمن خلال الاتصالات داخل ألمانيا عهدت كوريا الشمالية إلى وسيط تجاري يُدعى "أفي أومز" مهمة إيجاد مصنع مناسب لتصنيع البيرة ليجد أومز ضالته في بلدة تروبردغ في مقاطعة ويلتشير بإنجلترا حيث أغلق مصنع تابع لشركة "يوشيرز" لصناعة البيرة ويجرى بيع المعدات.
يعد جاري تود من أكثر الشخصيات التي على دراية بالأمر إذ كان رئيس المصنع حتى إغلاقه فيما طُلب منه المساعدة في انجاز صفقة البيع. وفي مقابلة مع DW، قال "كانت مفاجأة أن نسمع أن من يريد شراء المصنع كوريا الشمالية. وذات يوم وصل مسؤولون حكوميون من كوريا الشمالية وأشخاص يصنعون الجعة. لكن كان من الواضح جدا أنهم لا يعرفون شيئا عن صناعة البيرة وتخميرها". وأضاف "كان الوفد يضم أيضا بعض المهندسين الروس فيما كانت العملية معقدة نظرا لهذا الكم الكبير من اللغات".
نقل مهارات تخمير البيرة
وعلى وقع ذلك، أضحى واضحا أنه سيتعين على تود تعليم الجانب الكوري الشمالي مهارات تخمير البيرة نظرا لعدم خبرتهم في هذا المجال فيما استغرقت عملية التعليم قرابة خمسة أشهر بداية من تخمير البيرة وحتى تعبئتها بعناية وتجهيزها ونقل المعدات إلى كوريا الشمالية. وأضاف أن "أُعجب كثيرا بالمصنع وظهر عليهم الحماس بشأن قدرتهم على نقل كل شيء إلى بلادهم وإعادة تشغيل المصنع مرة أخرى. وقد رغبوا في الحصول على كل شيء في المصنع حتى الأكواب البلاستيكية لانها غير متوفرة في بلادهم".
وأضاف "رغبوا في الحصول على مقاعد المرحاض، لدرجة أن أحدهم كان يتجول ومعه مقعد مرحاض. لقد خلعوا المسامير ونزعوا البلاط الواحد تلو الآخر.. لقد أخذوا كل شيء". لكن مهمة تود لم تنتهي عند هذا الأمر إذ شمل ذلك مفاجأة صدمته فلم تكن ترد على ذهنه على الإطلاق، قائلا "أبلغ الجانب الكوري الشمالي إدارة المصنع أنهم يريدونني أن أذهب إلى كوريا الشمالية لتجهيز كل شيء وبدء عملية تخمير البيرة".
وأضاف "كان الأمر ينطوي على فترة قد تصل لعامين على أقل تقدير، وكان لدي في ذاك الوقت عائلتي ولم أرغب في السفر إلى كوريا الشمالية". وبعد مرور الأعوام، تذوق تود بيرة "تايدونغانغ" حصل عليها من صحفي زار المصنع في كوريا الشمالية. وفي ذلك، قال تود "كانت جيدة جدا أفضل بكثير مما كنت أتوقع وكنت منبهرا حيث كان مذاقها جيدا خاصة في نهايتها".
البيرة..مصدر فخر في كوريا الشمالية
ومنذ إنشاء المصنع وتصنيع البيرة، باتت "تايدونغانغ" مصدر فخر بين الكوريين الشماليين، وفقا لما ذكرته تشونغ هيون سوك وهي مواطنة من كوريا الشمالية تعيش حاليا في اليابان قامت بزيارة بيونغ يانغ بشكل منتظم في الماضي. وفي مقابلة مع DW، قالت "اندهشت من مذاقها مقارنة بالبيرة في اليابان. كانت هناك حدائق لتناول البيرة على ضفاف نهر تايدونغانغ وسط بيونغ يانغ حيث يشرب الناس البيرة في شهور الصيف مع الأصدقاء".
وأضافت " أحد أصدقائي قال إن شرب البيرة يعد الشيء المفضل عندما تشتد حرارة الطقس خاصة بين الشباب والنساء". وبسبب العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية، تقول إنه من الصعب عليها شراء بيرة "تايدونغانغ" خاصة في ظل إغلاق الحدود بين الصين وكوريا الشمالية بسبب قيود كورونا. وقالت "لا أزال اتذكر لونها الغامق مقارنة بالبيرة اليابانية فيما كان مذاقها يقترب من البيرة الانجليزية".
فيديو قد يعجبك: