هدوء عام في ليبيا بعد مظاهرات شعبية طالبت بحل كل الأجسام السياسية
طرابلس- ( د ب أ)
يسود هدوء عام في المدن الليبية اليوم السبت، بعد أن شهد جزء كبير منها أمس الجمعة، مظاهرات شعبية مطالبة بإنهاء الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد.
وانطلقت المظاهرات بالتزامن في مدن طرابلس ومصراتة وسرت وبني وليد وسبها وطبرق والبيضاء وبنغازي وأجدابيا وسلوق.
وجاءت بعد يوم من إعلان مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، عن تعثر الاتفاق بين رئيسي مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح، وخالد المشري، على قاعدة دستورية تفضي لانتخابات، معلنة أيضا عن إعادة إحالة الأمر للمجلسين، "ما يعني زيادة في تمطيط المشهد واستمرار المجلسين في السلطة لأجل غير محدد، بعد فشلهم الواضح في إدارة البلاد"، حسب وصف بعض المتظاهرين الوضع لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) أمس .
وبدأت المظاهرات عصر أمس، بشكل سلمي تغير لاحقا في بعض المناطق، وأعلن المتظاهرون عن عدة مطالب تتلخص في رفض الأجسام السياسية الحالية ممثلة في مجلسي النواب والدولة والحكومتين، وتفويض المجلس الأعلى للقضاء أو المجلس الرئاسي في حلها جميعا، وإعلان حالة الطوارئ، والتعجيل بالانتخابات، وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة، ورفض العسكرية وتسلط المليشيات، مع التفعيل الحقيقي لمؤسستي الجيش والشرطة، بالإضافة لحل أزمة الكهرباء الخانقة، وإلغاء مقترح قرار رفع دعم المحروقات، وتعديل حجم وسعر رغيف الخبز.
وفي طرابلس، تجمع المتظاهرون في ميدان الشهداء، ثم انتقلوا أمام مقر رئاسة الوزراء في طريق السكة، حيث تم تفريقهم ليلا عبر إطلاق النار في الهواء.
ونقلت وسائل إعلام محلية أخبارا عن سقوط ضحايا أمام الرئاسة، إلا أن مكتب الإعلام بوزارة الصحة وجهاز الإسعاف والطوارئ فندا الأخبار، وأكدا عدم تسجيل أي إصابة.
وفي مناطق أخرى من العاصمة، قام بعض الشباب بإغلاق طرق رئيسية بالإطارات المحترقة، خاصة في منطقتي تاجوراء وغوط الشعال، ما تسبب في حالة ازدحام حادة انتهت مع فتح أغلب الطرق صباحا، إلا أن بعض المخابز أغلقت أبوابها اليوم للمشاركة في الاحتجاج.
وفي مصراتة، قام المتظاهرون بإغلاق الطريق الساحلي وحاولوا اقتحام مبنى البلدية، وطالبوا بإعلان العصيان المدني، لحين حل الأجسام السياسية.
وفي شرق البلاد، قام متظاهرون في مدينة البيضاء برمي صور، خليفة حفتر، المنتشرة في الطرقات بالحجارة، في ظاهرة غير مسبوقة شرقا، أما في طبرق بأقصى الشرق، فقد قام المتظاهرون باقتحام مقر مجلس النواب عبر جرافة، وأحرقوا جزءا من محتوياته، الأمر الذي اعتبره المجلس في بيان مقتضب ليلة أمس، "جريمة يعاقب عليها القانون"، إلا أنه في نفس الوقت أكد على حق التظاهر والتعبير السلمي.
وفي سرت، صمتت الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة، فتحي باشاغا عن الرد، أما في طرابلس فقد غرد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، على حسابه قائلا: "أضم صوتي للمتظاهرين في عموم البلاد، على جميع الأجسام الرحيل بما فيها الحكومة، ولا سبيل لذلك إلا عبر الانتخابات".
وأضاف الدبيبة، أن "الأطراف المعرقلة للانتخابات يعلمها الشعب الليبي، ونفسها التي عرقلت الميزانيات وأغلقت النفط والذي ساهم في تفاقم الأزمة المعيشية".
من جهته، علق المجلس الرئاسي على الأحداث من خلال العضو، عبدالله اللافي، الذي أكد متابعة المجلس للأحداث الأخيرة، موضحا أن المجلس "في حالة انعقاد مستمر ودائم، حتى تتحقق إرادة الليبيين في التغيير، وإنتاج سلطة منتخبة".
في المقابل، جاءت تصريحات بعض النواب متباينة، فبينما اعتبر النائب، جبريل اوحيدة، اقتحام المجلس "جريمة مدفوعة الأجر"، محملا عقيلة مسؤولية الإخفاق السياسي، وداعيا إياه للتنحي، مع استمرار المجلس.
طالب النائب زياد دغيم، بـ "استقالة جماعية للنواب، وتسليم الزمام للمجلس الرئاسي"، ووافقه النائب، بلخير الشعاب، الذي رأى ضرورة اعترافهم بالفشل في حل الأزمة، ومغادرة المشهد.
وفشلت ليبيا في إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية كانت مقررة يوم 24 ديسمبر من العام الماضي، بسبب خلاف بين الفرقاء على القاعدة الانتخابية.
وعلى إثر ذلك، شكل مجلس النواب حكومة جديدة لم تنل الاعتراف من مجلس الدولة وحكومة طرابلس، لتتخذ من سرت مقرا لها، في مشهد أعاد لأذهان الليبيين ظاهرة الانقسام السياسي التي استمرت منذ عام 2014 إلى مطلع 2021.
وفي محاولة للوصول لانتخابات، دعت البعثة الأممية في مارس الماضي لتشكيل لجنة مسار دستوري من مجلسي النواب والدولة، فشلت هي الأخرى في التوافق التام بعد سلسلة اجتماعات بالقاهرة، على الرغم من اتفاقها على تعديل 180 نصا من مواد مسودة الدستور، ما دفع للإعلان عن اجتماع رئيسي المجلسين في القاهرة، أعلن عن فشله أول أمس الخميس، بسبب خلافات حول شروط الترشح لرئاسة الدولة، ليستمر غموض الرؤية حول مصير الانتخابات المؤجلة.
فيديو قد يعجبك: