إعلان

باحث أمريكي: درس من أوكرانيا يبرر ضرورة عدم خوض أمريكا أي قتال من أجل تايوان

01:21 م الإثنين 25 يوليو 2022

واشنطن- (د ب أ):

يقول ساشا جلايسر، الخبير والباحث المشارك بمركز الأبحاث الأمريكي "ديفينس برايورتيز" إن التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين أدى إلى جعل تايوان أخطر منطقة توتر في العالم. فالحزب الشيوعي الصيني يؤكد أن تايوان إقليم منشق وإعادة توحيده مع البر الرئيسي هي فقط مسألة وقت.

وأوضحت بكين أنها على استعداد لاستخدام القوة لتحقيق ذلك. وتبدو الولايات المتحدة من جانبها مصممة على منع حدوثه، حيث أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في ثلاث مناسبات منفصلة أن الولايات المتحدة لديها التزام بالدفاع عن تايوان. وسرعان ما تراجع البيت الأبيض بالنسبة لكل تصريح من تصريحات الرئيس، ولكن يظل السؤال المطروح هو إذا حدث فعلا هجوم صيني على تايوان، كيف ينبغي أن يكون رد فعل الولايات المتحدة؟

ويضيف جلايسر في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية أنه على الرغم من أنه يتعين على السياسة الأمريكية الحالية أن تعطي الأولوية للدبلوماسية مع بكين وتسليح تايبيه لردع العدوان، من المهم أن تخطط لمثل هذا الطارىء من أجل أن ترد بحكمة بدلا من أن تسمح للعاطفة بأن تقود السياسة. ويوفر رد الفعل الأمريكي إزاء الحرب الدائرة في أوكرانيا معرفة دقيقة بحصافة وحماقة بعض ردود الفعل.

ويرى جلاسير أن ضبط النفس العسكري، هو أهم درس من دروس رد الفعل الأمريكي تجاه الحرب في أوكرانيا، وينبغى أن يتحلى القادة الأمريكيون بالحكمة لإتاحة نفس المنطق ليكون نبراسا لأي رد فعل تجاه أي هجوم صيني على تايوان.

وعلى نحو صحيح، خلصت إدارة بايدن والحلفاء الأوروبيون الأكثر قربا من أوكرانيا إلى أن الصراع العسكري المباشر مع روسيا غير مطروح. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تشعر بالتعاطف مع الظروف السيئة التي يجد الأوكرانيون أنفسهم فيها، فإن الحرب ليست حرب أمريكا التي يتعين عليها خوضها. فأوكرانيا في نهاية المطاف لا تبررالتضحية بأرواح الأمريكيين في حرب تقليدية مع روسيا، كما لا تستحق المخاطرة بتصعيد نووي.

ويرى جلاسير أنه بالمثل قد يتعاطف الأمريكيون إزاء التهديد الحقيقي الذي تواجهه تايوان من جانب دولة مجاورة أكبر منها كثيرا. ومع ذلك، فإن أي حرب بين الولايات المتحدة والصين سوف تسفر عن نفس المخاطر غير المقبولة المتمثلة في خسائر كبيرة في الأرواح وتهديد خطير باستخدام السلاح النووي من الجانبين. ومن ثم، فإنه كما تجنبت الولايات المتحدة الصراع العسكري المباشر مع روسيا لصالح أوكرانيا، يتعين عليها تجنب الصراع العسكري المباشر مع الصين لصالح تايوان.

وبدلا من التدخل عسكريا، تدعم الولايات المتحدة وأوروبا أوكرانيا بتزويدها بكميات كبيرة من المساعدات الانسانية والأسلحة الفتاكة. وفي ظل حدود أوكرانيا الغربية مع الدول الصديقة، كان تزويدها بالمساعدات سهلا نسبيا. وعالميا، تم جمع حوالي 82 مليار دولار لأوكرانيا، دفعت منها الولايات المتحدة حوالي 24 مليار دولار كمساعدات عسكرية فقط. وعلى الرغم من أن حزم المساعدات الكبيرة قد توفر لأوكرانيا سبل الصمود في مقاومة قوية، ليس من المرجح أن يؤدي ذلك إلى ترجيح كفة الميزان لصالحها.

وفي حالة تايوان، هناك عدة عوامل من المحتمل أن تحول دون أي محاولة مماثلة من جانب الولايات المتحدة وحلفائها لتقديم الدعم. ومن المؤكد أن الصين أدركت أنه لتجنب مخاطر أي حرب مطولة، ينبغى القيام بأي خطوة ضد تايوان بأسرع ما يمكن. فتايوان،وهي جزيرة أكبر قليلا من ولاية مريلاند، تفتقر للعمق الاستراتيجي الذي تتمتع به أوكرانيا.

ورغم أن أي قتال على نطاق واسع سيكون وحشيا، من المحتمل أن يكون سريعا، وبالتالي يمنع تقديم المساعدات الأمريكية أو العالمية في الوقت المناسب لاستخدامها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن محاولة تقديم المساعدات لتايوان تحمل في طياتها خطر الانجرار دون قصد إلى أعمال قتالية، حيث قد تحاول الصين اعتراض السفن والطائرات التي تحاول توصيل المساعدات.

ويؤكد جلاسير أن الانتقام الاقتصادي والدبلوماسي ضد روسيا قد يدل على رغبة في معاقبة روسيا، لكنه لم يغير السلوك الروسي وساهم في عواقب ثانوية في أنحاء العالم، بما في ذلك الأمن الغذائي، وارتفاع أسعار الغاز، والتضخم القياسي. وعلاوة على ذلك أثبت صعوبة قيام الولايات المتحدة بإقناع الدول الأخرى، بما في ذلك الواقعة في الجنوب العالمي، وآسيا، ونصف الكرة الأرضية الغربي بالمشاركة في العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا. ومع خفض الدول الأوروبية لواردات الغاز والنفط الروسية، استغلت دول مثل الهند والصين الفرصة، واستوردت كميات قياسية بأسعار منخفضة، و من ثم تم تقليص تأثير العقوبات الغربية.

ويقول جلاسير إن العواقب الاقتصادية لأي رد فعل مماثل بالنسبة لأي صراع بين الصين وتايوان سوف تسفر عن تداعيات أكبر في أنحاء العالم نظرا لاعتماد الصين المتبادل داخل الاقتصاد العالمي. ومن المحتمل أن يكون من المستحيل إقناع الدول الأخرى بتقبل أضرار شديدة على اقتصادياتها المحلية من أجل تايوان، حيث أن الصين هي أكبر شريك تجاري لأكثر من 130 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة.

وسوف يسفر الخلل في سلسلة الامداد العالمية نتيجة المشاركة في عقوبات اقتصادية شاملة عن نقص الامدادات، وارتفاع الأسعار، وفقدان أكبر سوق في العالم بالنسبة للشركات المحلية. ومن المؤكد أيضا أن الصين سوف ترد بانتقام اقتصادي من جانبها، مما يزيد من تفاقم أزمة اقتصادية عالمية.

وفي حقيقة الأمر، فإنه إذا ما هاجمت الصين تايوان، ليس هناك ما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة لمساعدة تايوان أقل من خوض حرب مكلفة وخطرة بشكل كبير للغاية من أجلها. وبدلا من ذلك، فإن أي استراتيجية حكيمة وممكنة سياسيا تتمثل في القيام بردع إقليمي وتنوع اقتصادي.

ويختتم جلاسير تحليله بالقول إنه مع تحول ميزان القوة في العالم، سوف تحتاج الولايات المتحدة والصين تعلم العيش كل منهما مع الأخرى. ففي أثناء الحرب الباردة، قامت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بعدوان مسلح ضد طرف ثالث تابع لإحدى الدولتين في ظل احتجاج الدولة الأخرى، ومع ذلك لم تؤد تلك الحالات بصورة دائمة إلى تقويض العلاقات الدبلوماسية.

وسوف يكون إعادة دمج تايوان بالقوة في البر الرئيسي للصين كارثة بالنسبة لتايوان- وربما بالنسبة للصين- ولكن ليس هناك حاجة لأن يكون كارثة بالنسبة للولايات المتحدة. ويتعين الاستعانة بالتصرف الحكيم والواقعية الواضحة لضمان أمن الولايات المتحدة وازدهارها، بغض النظر عن الوضع السياسي الرسمي لتايوان.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان