تنتفض من تحت الركام.. الطائرة العملاقة "إيرباص A380" تحلّق في الأجواء من جديد
(دويتشه فيله)
طائرة "إيرباص A380" العملاقة والتي سبق أن أُعلن عن "موتها"، تنتفض فجأة من تحت الركام لتطير من جديد! إذ ستعيدها شركة الطيران الوطنية الألمانية "لوفتهانزا" إلى أسطولها، و"الفضل" يعود إلى شركة بوينغ المنافسة لإيرباص!
"المُعلن عن موتها تطير لفترة أطول"، أو "لا تقل لا بالمطلق"! هذه عناوين تناسب جيدًا هذه العودة المذهلة! فطائرة "إيرباص A380"، وهي أكبر طائرة ركاب في العالم مع أكثر من 600 مقعد على متنها كما هو عليه الحال في نسخة طيران الإمارات، كان قد تم شطبها من القوائم وإيقاف تشغيلهامن قبل العديد من شركات الطيران. لكنها ستعود الآن وبأعداد أكبر بكثير مما كان متوقعًا، وذلك للتعامل مع الزيادة المفاجئة في أعداد المسافرين ولتعويض صعوبات تسليم الطائرات لدى الشركة المنافسة بوينغ.
ففي الأسبوع الأخير من شهر حزيران/يونيو الماضي، وفقًا لموقع "flightradar24"، الذي يتتبع حركة الطائرات في العالم، عادت 129 طائرة من طراز "إيرباص A380" إلى الأجواء، ويتم تشغيل هذه الطائرات من قبل سبع شركات طيران من مختلف أنحاء العالم، وهذا ما يشكل أكثر من نصف العدد الكلي للطائرات المُسلّمة من هذا الطراز، البالغ 251 طائرة، وتنضم إليها طائرات أخرى كل أسبوع. وحتى شركة الطيران الوطنية الألمانية "لوفتهانزا" قامت بتحول مذهل فيما يتعلق بـ"إيرباص A380""، معلنة عن عودة هذا الطراز في نهاية آذار/مارس 2023 إلى جدول الرحلات الصيفية لنفس العام.
الطائرات الأولى تم تفكيكها بالفعل!
نهضة عملاقة لم يكن من الممكن تصورها قبل بضعة أشهر فقط تحدث الآن. فرغم أن طائرة "إيرباص A380" محبوبة من قبل الركاب، إلا أن جميع شركات الطيران تقريبًا واجهت صعوبات في تشغيل الطائرة اقتصاديًا، مع محركاتها الأربعة المتعطشة للكروسين والعديد من المقاعد التي يتعين ملؤها على متن الطائرة. وأصبحت "A380"، التي كانت إيرباص تأمل في صناعة أكثر من ألف منها، فاشلة تجاريًا.
فقط شركة طيران الإمارات في دبي، وهي الزبون الأكبر، واصلت الاعتماد الكامل على موكب طائراتها من هذا الطراز، والتي حصلت الشركة منها على ما مجموعه 123 طائرة، أي ما يقرب من نصف جميع طائرات "إيرباص A380" التي تم تصنيعها. تم إنهاء إنتاج هذا الطراز العام الماضي، واستلمت طيران الإمارات آخر طائرة عملاقة منتجة من مصنع إيرباص في هامبورغ في كانون الثاني/ديسمبر 2021. على ضوء ذلك بدا أن عصر الطائرات ذات الهيكل العريض بأربعة محركات قد انتهى بشكل نهائي، وسيتم أيضًا إيقاف إنتاج طائرة بوينغ "747" في عام 2022 بعد أكثر من 50 عامًا.
شركة الخطوط الجوية الفرنسية حولت طائراتها العشر من طراز "إيرباص A380" إلى التقاعد بشكل نهائي قبل بدء أزمة كورونا، وتم تفكيك أولى تلك الطائرات بالفعل. وعندما ضربت أزمة كورونا جميع أنحاء العالم وأوقفت حركة الطيران اعتبارًا من بداية 2020، بدا أن النهاية السريعة لجميع طائرات "A380" المتبقية تقريبًا أمر لا مفر منه. باستثناء طائرات شركة طيران الإمارات، التي أعلنت بالفعل أنها ستستمر في استخدام أسطولها الضخم من الطائرات ذات الطابقين، وعلى متنها حمامات للدش وبارات، حتى منتصف العقد القادم.
"لن تعود"!
شركة لوفتهانزاالألمانية أيضًا، التي كان لديها ما مجموعه 14 طائرة من هذا الطراز، في كل منها 509 مقعدًا، أوقفت تشغيلها وأرسلت الأسطول بأكمله إلى "تقاعد مفترض". وأكد رئيس الشركة كارستن شبور لأول مرة في آب/أغسطس 2021 "A380 لن تعود". وفي نيسان/أبريل 2022 أيضًا قال لمجلة "دير شبيغل" الألمانية: "الأمر انتهى للأبد. طائرة A380 غير اقتصادية للغاية مقارنة بأحدث الطائرات بعيدة المدى ذات المحركين. لن تعود إلى لوفتهانزا مرة أخرى".
ومن يرغب اليوم في رؤية الطائرات العملاقة لشركة لوفتهانزا والعديد من شركات الطيران الأخرى، عليه السفر -مثلًا- إلى بلدة لورد الفرنسية التي تعتبر قبلة لتلك الطائرات. ففي مطار تارب-لورد، أمام الخلفية الرائعة لجبال البرانس "بيرينيه" المغطاة بالثلوج، توجد عشرات من الطائرات المتوقفة، العديد منها جديدة تمامًا تم إنتاجها في مصنع إيرباص القريب في مدينة تولوز، دون أن تكون قد حملت أي ركاب على الإطلاق.
لكن يمكن رؤية العديد من طائرات "إيرباص A380" المستخدمة أيضًا. مباشرة عند السياج الرفيع يمكن للمرء الاقتراب كثيرًا من الطائرات العملاقة "النائمة": نوافذ ومحركات مغلفة بورق فضي، وعجلات هبوط مغلفة بعناية، وجميع الفتحات الموجودة على هيكل الطائرة مغلقة بإحكام. هذا ما يسمى بـ"التخزين العميق". وقال رئيس لوفتهانزا، شبور، لـDW مؤخرًا: "يستغرق الأمر بعد ذلك تسعة أشهر لإعادة طائرتنا من طراز A380 إلى الخدمة".
مشاكل بوينغ مع "9-777"
وهذا ما سيحدث الآن بالفعل، إذ سيتم تجهيز أربع إلى خمس من طائرات "إيرباص A380" الثماني المتبقية، للطيران مرة أخرى. وأقر شبور في نهاية حزيران/يونيو بالقول: "كان علي أن أخفف موقفي بشأن النهاية الأبدية لطائرة A380". ولا تتعلق عودة الطائرات العملاقة إلى أسطول "لوفتهانزا" فقط بزيادة أعداد المسافرين، والتي تجاوزت في بعض الحالات بسرعة مستويات عام 2019، بل تتعلق بشكل أكبر بالمشاكل الكبيرة لدى شركة بوينغ، المنافسة لإيرباص.
فقد كانت لوفتهانزا من أوائل الزبائن الراغبين بالحصول على أكبر طائرة مسافات طويلة قيد الإنتاج حاليًا، وهي طائرة بوينغ "9-777"، التي تخطط الشركة الألمانية لتركيب 400 مقعد في كل منها. لكن تم تأخير تسليم الطائرات نحو خمس سنوات، وليس من المتوقع أن تكون ضمن أسطول "لوفتهانزا" قبل عام 2025. يشكو شبور من أن "التأخير في تسليم طائرات بوينغ 9-777 يمثل عبئًا كبيرًا على حركة طيراننا". وكان الحل المؤقت البديهي هو إعادة طائرات "إيرباص A380"، التي تم توقيفها، إلى الخدمة. وكانت "لوفتهانزا" قد أعادت بيع 6 من طائراتها العملاقة، التي كان يبلغ عددها 14، إلى شركة "إيرباص"، وسوف تتغير ملكيتها في تشرين الأول/أكتوبر 2022.
تأهيل الطيارين
أما الطائرات الثماني المتبقية، فستطير أربع إلى خمس منها في البداية من ميونخ مرة أخرى أوائل 2023، كما يقول شبور، وإذا بقي الطلب قويًا، فسيكون هناك المزيد. والسبب الرئيسي للتمركز في بافاريا هو الحاجة إلى طيارين. يقول شبور: "أبقينا فقط 14 طيارًا لطراز A380 على استعداد للطيران، ويمكن الاستفادة منهم على الفور"، ويضيف: "إذا أعدنا طائرات A380 الآن، فعلينا أيضًا تأهيل بعض طياري A350 لها". يتمركز طراز إيرباص "A350" في ميونيخ، ومن المقرر أن يتم تأهيل بعض أطقم قمرة قيادة طائرات "A350" في دورات مدتها ستة أسابيع لتسيير طائرات "A380" أيضًا.
الإعلان عن عودة الطائرات العملاقة، أعطى "لوفتهانزا"، في وقت تتعرض فيه لانتقادات شديدة من قبل الناس بسبب مشاكل عديدة في حركة الطيران، فرصة نادرة: أخيرًا إعلان خبر إيجابي تم استقباله من قبل كثيرين على وسائل التواصل الاجتماعي بقلوب حمراء.
فيديو قد يعجبك: