محلل أمريكي: بايدن يعتزم إعادة ضبط سياسة بلاده تجاه أفريقيا
واشنطن - (د ب ا):
يرى المحلل الأمريكي إبينيزر أوباداري أن استراتيجية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن أفريقيا التي تم إطلاقها حديثا توضح التحول في التوجه الدبلوماسي الذي ساد خلال السنوات الأربع منذ أن أعلن مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون سياسة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بشأن أفريقيا
ووفقا للأوضاع التي كانت سائدة في ذلك الوقت، أكدت استراتيجية ترامب بشأن أفريقيا على ثلاثة مبادئ وهى الرفاهية والأمن والاستقرار. وإذا كان هناك هدف عسكري جوهري يتعين تحقيقه، فقد كان هو "التصدي للتهديد من جانب الإرهاب الإسلاماوي والصراع العنيف".
و ذلك التهديد مستمر ،ومن الواضح أن إدارة بايدن لاتزال ملتزمة بنفس المبادئ الرئيسية.
وقال أوباداري ، وهو أحد كبار الباحثين للدراسات الأفريقية بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية في تقرير ، إن تأكيدات الاستراتيجية الجديدة تعكس مدى التغير الذي طرأ على مضمون العلاقات بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية، ومن ثم فإن الاستراتيجية تسودها نغمة التوافق والانسجام والأهمية الكبيرة والشاملة التي تؤكد عليها لــ"شراكة على قدم المساواة".
وتصب في هذا الاتجاه جولة أفريقية قام بها مؤخرا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وشملت جنوب أفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا ، وتضمنت دعوة وجهها الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل الجولة في شهر تموز/يوليو الماضي لقمة أفريقية في واشنطن من 13 وحتى 15 كانون الأول/ديسمبر المقبل.
وأضاف أوباداري، وهو زميل أيضا في كلية الدراسات المهنية التابعة لجامعة نيويورك، أنه عقب الغزو الروسي لأوكرانيا ، أصيبت الولايات المتحدة بالفزع والذهول جراء إمتناع دول أفريقية رئيسية عن إدانة روسيا والانضمام إلى الحملة العسكرية بقيادة واشنطن دفاعا عن سيادة أوكرانيا.
وبالرجوع إلى الماضي ، فإن هذا الإمتناع عن إدانة روسيا لم تكن له علاقة كبيرة بروسيا ذاتها، ولكنه كان يتعلق أكثر بالمفهوم الذي يمكن تبريره بأن واشنطن دأبت على معاملة الدول الأفريقية كدول تابعة وليس كحلفاء.
وكان إمتناع أفريقيا عن تبني الخط الأمريكي بشأن
أوكرانيا فقط أحد بواعث القلق.
وشعرت الولايات المتحدة بالقلق جراء الدائرة الأخذة في الاتساع للنفوذ العسكري الروسي والصيني في المنطقة ، حيث مال الكثير من الدول الأفريقية فيما يبدو لفكرة المساعدة المالية الصينية التي تصل بدون التدقيق الأخلاقي والشروط الصارمة المرتبطة بالمساعدات الأمريكية.
ومع مراعاة كل هذه الأمور ، سوف تبدو الولايات المتحدة على صواب في تصويرها لبكين على أنها تسعى "لتحدي النظام الدولي القائم على قواعد وتعزيز مصالحها التجارية والجيوسياسية الضيقة ،وتقويض الشفافية والانفتاح وإضعاف علاقات الولايات المتحدة مع الشعوب والحكومات الأفريقية، كما ستبدو الولايات المتحدة على صواب أيضا في تصويرها لموسكو على أنها تنظر إلى أفريقيا على أنها بيئة خصبة للشركات العسكرية شبه الحكومية والخاصة ، التي غالبا ما تثير عدم الاستقرار من أجل مصالح إستراتيجية ومالية" .
كان الاتحاد الأوروبي قد فرض عقوبات على مجموعة فاجنر التي وصفها بأنها روسية والتي تنتشر في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطي ومالي ، غير أن موسكو تنفي صلتها بهذه المجموعة.
وتؤكد الاستراتيجية على الأهمية الحاسمة للإسهامات والقيادة الأفريقية " في تحقيق الأهداف الأربعة الرئيسية للاستراتيجية وهى "تعزيز الانفتاح والمجتمعات المفتوحة " وتحقيق مكاسب ديمقراطية وأمنية " و"دفع التعافي من الجائحة والفرص الاقتصادية إلى الأمام" و "دعم الحفاظ على البيئة والتكيف مع المناخ وانتقال عادل للطاقة ".
وبالنظر إلى القيمة الظاهرية لالتزام الاستراتيجية "بتعزيز قدرة المنطقة على حل المشاكل العالمية إلى جانب الولايات المتحدة ، فإنه يتعين على الزعماء الآفارقة قبول الدعوة "للعمل في قضية مشتركة "مع الولايات المتحدة بهدف وضع أفريقيا على المسار صوب الاستقرار الديمقراطي والرفاهية الاقتصادية.
ويعد وقف التراجع الديمقراطي نقطة جيدة للانطلاق منها .
وكما تشير الاستراتيجية فإنه مما لا يبشر بالخير بالنسبة لآفريقيا هو أن مؤسسة فريدم هاوس (بيت الحرية) الأمريكية صنفت في عام 2022 ثماني دول أفريقية فقط جنوب الصحراء على أنها تتمتع بالحرية، وهذا الرقم هو الأقل منذ عام 1991".
وبينما وعدت الولايات المتحدة بمزيج مستهدف من الإغراءات الإيجابية والإجراءات العقابية إضافة إلى عرض شراكة "مع حكومات وهيئات إقليمية أخرى "في أفريقيا ، فإن الفطرة السليمة تشير إلى أن تلك الجهود محكوم عليها بالفشل إذا واصلت مجموعة "الرؤساء مدى الحياة" في المنطقة في هدم المبادئ الديمقراطية الليبرالية وتجاهلت على نحو مستمر الدعم العام المرتفع لحكومة تمثيلية.
كما لايمكن للمنطقة الاستفادة من تعهد الولايات المتحدة بالعمل مع الدول الأفريقية لتعزيز مسار نمو أقوى ، إذا ظلت تتعثر جراء مستويات عالية مألوفة من أهدار المال العام والفساد.
وفي هذا الصدد، تكون الاستراتيجية على صواب في لفت الأنتباه إلى "الربط القوي بين الفقر ونظام الحكم الاقصائي والمستويات العالية من الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان وانعدام الأمن في أفريقيا". ومن المؤكد أن التحديات المذكورة آنفا ليست قاصرة على الإطلاق على أفريقيا.
واختتم أوباداري تقريره بالقول إن الشئ الواعد هو أن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل بالتنسيق مع أفريقيا ، ولكن النجاح في نهاية المطاف يتوقف على تحمل الدول الأفريقية العبء الأكبر.
فيديو قد يعجبك: