إعلان

مناجم الموت في المكسيك.. ثمن باهظ يدفعه العمال للحصول على الفحم

04:54 م السبت 20 أغسطس 2022

مناجم الموت في المكسيك

نيومكسيكو- (أ ف ب):

يرى ديفيد هويرتا أن المياه هي العدو اللدود لعمال المناجم في المكسيك، مستذكرا نجاته في العام 2012 من حادث مماثل لذلك الذي طُمر فيه عشرة عمال في منجم في شمال البلاد ولا يعرف عنهم شيء بعد منذ أكثر من أسبوعين.

شارف يومها على الموت، ويتذكر جيّدا حين فتح عينيه ليرى شعاع مصباح موجه صوبه ومنبعثا من خوذة زميله الذي كان يصرخ بينما يتجه نحوه "المياه! المياه!".

ركض بكل قوته لإنقاذ نفسه، مصطدما بالجدران وبأعمدة الدعم.

ويقول ديفيد البالغ من العمر 35 عاما والذي أمضى 13 عاما يعمل في مناجم سابيناس في ولاية كواويلا (شمال)، أكبر منطقة منتجة للفحم في البلاد، "المياه عدوتنا اللدودة".

وشقيقه سرجيو كروز هو اليوم بين المفقودين في منجم إل بينابيت الذي يبلغ عمقه حوالى ستين مترا وقد غمرته المياه خلال أعمال حفر في الثالث من آب/أغسطس الحالي. وكشفت السلطات أن المياه كانت متأتية من منجم ملاصق مهجور أكبر حجما.

وعمل المنقذون، ومن بينهم عناصر في الجيش، على سحب المياه بالمضخات طوال 24 ساعة دون توقف بهدف خفض منسوبها على أمل العثور على العمال العشرة الذين لم تظهر إشارة على أنهم أحياء.

وبعد أن بدا أن جهودهم ستأتي بثمارها حين بدأت عمليات إنزال غواصين في النفق عبر آبار عمودية، عاد مستوى المياه ليرتفع خلال نهاية الأسبوع ما بدّد آمال عائلات المفقودين.

وارتفع منسوب المياه الى أعلى مما كان عليه غداة وقوع الحادث.

وأبدت الحكومة إصرارا على مواصلة أعمل البحث، وأقرت خطة عمل جديدة للتدخل تقوم على إنشاء جدار تحت الأرض يفصل بين المنجمين، عبر إلقاء كميات ضخمة من الإسمنت.

خوذة ومصباح

وتعتمد مراكز توليد الكهرباء في المكسيك على الفحم المستخرج من المناجم الصغيرة على غرار منجم إل بينابيت، المحفورة على عجل ومن دون معايير سلامة متينة.

وبحسب الأرقام الرسمية، هناك 67 شركة في منطقة سابيناس مسجلة للقيام بعمليات الاستخراج التي مكّنت من الحصول على مليوني طن من الفحم في الفترة الممتدة بين أيلول/سبتمبر 2020 وكانون الثاني/ديسمبر 2021.

لكن ثمن هذا المنتوج الأحفوري باهظ.... من حياة العمال.

فقد قُتل 65 عامل مناجم في العام 2006 في انفجار بمنطقة كونشوس، وفقا للمنظمة غير الحكومية "فاميليا باستا دي كونشوس" التي تقوم بحملات لإنصاف العمال قضائيا.

وقتل في المنطقة نحو 3100 عامل منذ العام 1883.

وتغيّرت الظروف قليلا منذ بدء عمليات استخراج الفحم. اليوم، لا يزال العمال يعملون وهم "عراة تقريبا" تحت الأرض وسط درجات حرارة تقدر بحوالى 35 درجة من دون تهوئة مناسبة، على ما يشدد ديفيد، ومقابل راتب يتراوح بين 150 و200 دولار في الأسبوع.

يقضون ست ساعات يوميا في العمل ولا يمكن لأجسادهم أن تتحمّل أكثر الانحناء أو الجلوس في وضع القرفصاء داخل أنفاق ضيقة دون تجهيزات حماية خاصة ولا حتى كمامات لتفادي الأمراض التنفسية.

وتقول مديرة "فاميليا باستا دي كونشوس" كريستينا أوورباش "الشيء الوحيد الذي يقدم لهم خوذة ومصباح".

وبالنسبة لعمال المناجم والمختصين، الإهمال الأكبر يتمثّل في عدم معرفة مشغلّيهم لخبايا جيولوجيا الأرض.

ويقول الخبير في مركز الأبحاث حول علوم الجيولوجيا المطبقة في جامعة كواهيلا دياغو مارتينيز "لا يوظفون مهندسين ولا يقومون بعمليات حسابية ولا يقيسون الإنتاج، همهم فقط عمليات الاستخراج والبيع".

ويضيف أن أحدا لم يكن يدقّق في الخرائط أو يقود عمليات الحفر والاستخراج في إل بينابيت وأكدت السلطات المحلية أنه لم يتم متابعة المخططات" في ال بينابينت.

ولزمت الشركة المستغلة للمناجم في المنطقة الصمت.

ويقول دافيد بغضب "المالكون لا يكترثون ما دام هناك استخراج للفحم".

ورغم المخاطر، يبقى العمل في المناجم، وفقا لكثيرين، مصدر الرزق الأول في المنطقة. ويقول لويس أونتيفيروس "عملنا منذ زمن هنا...من الصعب المغادرة".

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان