شبح الماضي.. كيف يتابع ناجون من كارثة تشيرنوبل القتال حول محطة زاباروجيا النووية؟
كتبت- هدى الشيمي:
يثير ذكر محطة زاباروجيا للطاقة النووية دموع الناجين من كارثة تشيرنوبل، الذين تمكنوا من الخروج سالمين مما يُعتبر أسوأ كارثة نووية في التاريخ، ولكنهم الآن يخشون من تكرار المأساة مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية للشهر السادس.
مثل كثيرين كانت أنجويش تكاتشينكو، تتابع الأخبار المتعلقة بمحطة زاباروجيا والقتال الدائر حولها، جنوب أوكرانيا، ولكن على عكس الجميع، كانت تشعر – حسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز- أن هناك كارثة نووية تلوح بالأفق.
"كارثة نووية"
كانت تكاتشينكو تبلغ من العمر ١٢ عامًا في عام ١٩٨٦، عندما رصدت توهجًا ينبعث من محطة تشيرنوبل للطاقة من منزلها في قرية لوبيانكا، على بعد حوالي ٢٠ ميلاً. انفجر المفاعل، واشتعلت فيه النيران.
تم إجلاؤها هي وعائلتها ولم يعودوا أبدًا إلى منزلهم، وبعد فترة توفيت عمتها بعد معاناتها من السرطان، وهو المرض الذي قالت تكاتشينكو إنه أصاب الكثير من أهالي قريتها. أما هي، فقد تأثر مظهرها كثيرًا، تقول للصحيفة الأمريكية إن شعرها الأشقر الكثيف، بدأ في التساقط وأصبح خفيفًا لدرجة أنه لم تتمكن من وضع دبوس شعر به أبدًا.
والآن، تزداد مشاعر الخوف بداخلها مع تصاعد حدة التوترات في المنطقة المحيطة بمحطة زاباروجيا، بينما تشتد حدة القتال بين القوات الروسية والأوكرانية بالقرب منه.
قالت تكاتشينكو، المقيمة في بوجريبي، قرية قريبة من كييف، حيث أعيد توطين الأشخاص الذين تم إجلاؤهم بعد كارثة تشيرنوبل، :"إن الكلمات لا يمكن أن تعبر عن حجم هذه الكارثة"، وأضافت: "خلال نشأتي كان الناس في المنطقة المحيطة يخافون مني، ويتعاملون معي كما لو كنت أحمل نوعًا من المرض".
وتابعت، للصحيفة الأمريكية، "علينا أن نصرخ ونطالب العالم كله بالتدخل، حتى لا يعيد تاريخ تشيرنوبل نفسه".
ومع مرور الوقت واستمرار القتال، يخشى العالم من حدوث كارثة نووية أخرى، حال حدوث انفجار في المحطة النووية.
تعد زاباروجيا، أكبر محطة نووية في أوروبا. وتتبادل كل من روسيا وأوكرانيا الاتهامات بشأن زيادة التوترات في المنطقة المحيطة بها، التي تتعرض لقصف مكثف يهدد بحدوث كارثة.
وتقع المحطة النووية بالقرب من بلدة إنيرهودار التي تسيطر عليها القوات الموالية لموسكو الآن.
ووافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، على إرسال الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعثة إلى المحطة النووية الأوكرانية.
"مدن الأشباح"
أما بالنسبة للناجين من تشيرنوبل، فإنهم على دراية ببعض العواقب الناتجة عن مثل تلك الكوارث، يتذكرون كل شيء حدث بعد وقوع الانفجار، مدن الأشباح، اللبن الملوث، الخوف والمرض.
تسببت حادثة تشيرنوبيل، التي تعد أسوأ كارثة نووية في التاريخ، في تشريد مئات الآلاف من المواطنين، وأفرغت القرى، ولوثت مساحات من الأراضي الأوكرانية، البيلاروسية، الروسية.
حادثة تشيرنوبيل ، التي تعتبر بشكل عام أسوأ كارثة نووية في التاريخ ، شردت مئات الآلاف من الناس، وأفرغت القرى وتسممت مساحات من الأراضي الأوكرانية والبيلاروسية والروسية.
يقول الخبراء إن الخطر الذي قد ينجم عن قصف أو إلحاق أضرار بمحطة زاباروجيا قد يكون أقل، خاصة وأن هياكل الاحتواء حول المفاعل ربما تكون قادرة على وقف أي إطلاق للإشعاع، على عكس تشيرنوبل التي لم يكن بها هياكل.
علاوة على ذلك، أوضح الخبراء- حسب نيويورك تايمز- أن المفاعلات في زاباروجيا بها دوائر مياه منفصلة لتبريد المفاعل، وإنتاج البخار.
مع ذلك، لا يزال التهديد كبيرًا، حسب نيويورك تايمز.
"جرعة زائدة من الإشعاع"
يتذكر أندريه كوليش، ضابط سابق في الجيش السوفيتي، إنه تلقى أوامر بعد الانفجار بتنظيف سطح مفاعل تشيرنوبل، وفي نفس الليلة، شعر بدوار، غثيان وتقيأ وفقد الوعي، وأخبره الأطباء في مستشفى كييف، حيث احتجز الجنود الذين تعرضوا للإشعاع في طابقين من قسم الأعصاب، إنه تعرض لجرعة كبيرة من الإشعاع.
وعلى مدار السنوات، تضاعف حجم الغدة الدرقية، ثم أصيب بأمراض مزمنة في القلب، وضعف جسده. ما دفعه إلى الاستقالة من منصبه كضابط كبير في وزارة الدفاع الأوكرانية ثم من الوظيفة المدنية التي عمل بها لاحقا. ويقول لنيويورك تايمز، إن أغلب جنود فرقته أصيبوا بالمرض أو ماتوا.
وحسب خبراء الأمم المتحدة، فإن الإشعاع تسبب في مقتل حوالي ٤٠٠٠ شخص بين سكان تشيرنوبل، كان أبرزهم عمال الطوارئ، والأشخاص الذين تم إجلاؤهم من المناطق الأكثر تلوثًا.
فيديو قد يعجبك: