اعتصام الصدر يغلق أبواب محاكم العراق.. والقضاء يرد بمذكرات اعتقال
مصراوي
في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، توجه العشرات من أنصار التيار الصدري، إلى مجلس القضاء الأعلى العراقي وشرعوا بنصب سرادق الاعتصام أمام مبنى المجلس في تطور جديد للتصعيد طال السلطة القضائية بعد السلطة التشريعية في ظل أزمة سياسية خانقة تمرّ بها البلاد.
وهذه المرة الأولى الذي يشهد فيه مبنى المجلس الكائن في المنطقة الخضراء المحصنة وسط العاصمة بغداد احتجاجات لما يتمتع به من حماية مشددة، ولكن أتباع الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر لهم القدرة على اجتياح أي مؤسسة رسمية لما يمتلكون من قاعدة شعبية واسعة على مستوى مناطق وسط وجنوب العراق، وهم مسنودون بـ"سرايا السلام" الجناح العسكري التابع للتيار.
وحمل المعتصمون شعارات تطالب بتنفيذ دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لحل مجلس النواب العراقي تمهيدا للمضي في إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في العراق.
وتضمنت المطالب التي رفعها المحتجون أمام مجلس القضاء إضافة إلى حل البرلمان "تحديد الكتلة الأكبر، محاربة الفساد والفاسدين، فصل الإدعاء العام عن مجلس القضاء الأعلى مع التعديل، عدم تسييس القضاء".
واتهم بعض المحتجين القضاء الأعلى بالتواطؤ مع الفاسدين، مؤكدين مواصلة التظاهرات والاعتصامات لحين تحقيق مطالب زعيمهم مقتدى الصدر.
تعليق العمل بالقضاء
وبعد لحظات من الاعتصام، قررت السلطة القضائية في العراق، تعليق مهام أعمالها في البلاد.
وذكر بيان صادر عن السلطة القضائية، أن مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا اجتمعا حضوريا صباح اليوم، على إثر الاعتصام المفتوح لمتظاهري التيار الصدري امام مجلس القضاء الأعلى، للمطالبة بحل مجلس النواب عبر الضغط على المحكمة الاتحادية العليا، لإصدار القرار بالأمر الولائي بحل مجلس النواب وإرسال رسائل تهديد عبر الهاتف للضغط على المحكمة.
وأوضح البيان "قرر المجتمعون تعليق عمل مجلس القضاء الأعلى والمحاكم التابعة له والمحكمة الاتحادية العليا، احتجاجا على هذه التصرفات غير الدستورية والمخالفة للقانون".
وحمّل البيان "الحكومة والجهة السياسية التي تقف خلف هذا الاعتصام المسؤولية القانونية إزاء النتائج المترتبة على هذا التصرف".
بدوره أوضح مصدر قضائي وفقًا لوسائل إعلام محلية، إن قرار التعليق يستمر ليوم واحد فقط، على أن يتم تقييم الموقف في الساعات المقبلة في حال استمراره او انهاء التعليق.
وأردف المصدر بالقول إن المحاكم في بغداد وباقي المحافظات، بدأت عملية إيقاف عملها بعد بيان مجلس القضاء الأعلى، وتخرج المراجعين فيها بشكل تدريجي لتوقفها عن العمل بشكل كامل لإشعار آخر.
مذكرات اعتقال
كما أعلن مجلس القضاء الأعلى العراقي، أن محكمة تحقيق الكرخ الأولى، باشرت بإجراءات جمع الأدلة عن "جريمة" تهديد المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق) لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق الفاعلين.
وأصدر المجلس مذكرة قبض بحق قيادين في التيار الصدري.
وذكر بيان لمجلس القضاء الأعلى العراقي أن "محكمة تحقيق الكرخ أصدرت، اليوم، مذكرة قبض بحق صباح الساعدي عن جريمة تهديد القضاء، ومذكرة أخرى بحق محمد الساعدي، إضافة أيضًا إلى مذكرة قبض بحق غايب العميري (نائب مستقيل) عن جريمة التحريض على قتل القضاة، و قررت المحكمة منع سفره وطلبت من الأجهزة الأمنية سرعة ضبطه".
تعطيل القضاء والبرلمان
وأبدى رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، يوم الثلاثاء، اعتراضه على التصعيد الأخير للصدريين بالاعتصام أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى وسط العاصمة بغداد.
وقال في تغريدة له، "ندعم التظاهرات وفق السياقات القانونية والدستورية وبما يحفظ الدولة ومؤسساتها ويحمي وجودها".
واستدرك قائلا "لكن لا ينبغي أن تكون خصومتنا مع القضاء الذي نحتكم إليه جميعا اذا اختصمنا".
الرئيس العراقي
ومن جانبه حذر رئيس الجمهورية برهم صالح، من تداعيات تعطيل المؤسسة القضائية في البلاد بعد اعتصام التيار الصدري أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى في المنطقة الخضراء المحصنة وسط العاصمة بغداد.
وقال صالح في بيان، "إن تطورات الأحداث في البلد تستدعي من الجميع التزام التهدئة وتغليب لغة الحوار، وضمان عدم انزلاقها نحو متاهات مجهولة وخطيرة يكون الجميع خاسراً فيها، وتفتح الباب أمام المُتربصين لاستغلال كل ثغرة ومشكلة داخل بلدنا".
وأردف بالقول "إن التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق مكفول دستورياً، ولكن تعطيل عمل المؤسسة القضائية أمر خطير يهدد البلد وينبغي العمل على حماية المؤسسة القضائية وهيبتها واستقلالها، وأن يكون التعامل مع المطالب وفق الأطر القانونية والدستورية".
وأضاف صالح "أن البلد يمر بظرف دقيق يستوجب توحيد الصف والحفاظ على المسار الديمقراطي السلمي الذي ضحى من أجله شعبنا، ولا ينبغي التفريط بها بأي ثمن، والعمل على تجنّب أي تصعيد قد يمس السلم والأمن المجتمعيين".
رئيس الوزراء
وقطع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يوم الثلاثاء، زيارته لمصر التي وصلها أمس لحضور قمة عربية، وعاد الى بغداد لمتابعة تطورات الأحداث، محذرا من أن تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرض البلاد إلى مخاطر حقيقية.
وقال مكتب الكاظمي، إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قطع صباح اليوم، زيارته إلى جمهورية مصر العربية، وعاد إلى بغداد؛ إثر تطورات الأحداث الجارية في البلد، ولأجل المتابعة المباشرة لأداء واجبات القوات الأمنية في حماية مؤسسات القضاء والدولة.
وحذر الكاظمي، وفق البيان، من أن تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرض البلاد إلى مخاطر حقيقية، مؤكداً أن حق التظاهر مكفول وفق الدستور، مع ضرورة احترام مؤسسات الدولة للاستمرار بأعمالها في خدمة الشعب.
وطالب الكاظمي، جميع القوى السياسية بالتهدئة، واستثمار فرصة الحوار الوطني؛ للخروج بالبلد من أزمته الحالية، داعيا إلى اجتماع فوري لقيادات القوى السياسية؛ من أجل تفعيل إجراءات الحوار الوطني، ونزع فتيل الأزمة.
هجوم وزير الصدر
وشن صالح محمد العراقي المعروف بوزير زعيم التيار الصدر،، هجوما لاذعا لمجلس القضاء الاعلى، مشيرا إلى عدم تدخل الصدر لإيقاف المتظاهرين.
وذكر العراقي في منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك؛ "ما إن تشتدّ حدّة الاحتجاجات ضدّ الفاسدين.. فإنهم يسارعون مستنجدين بالزعيم مقتدى الصدر، لكنه ومنذ يومين قرر عدم التدخل مطلقاً".
وأضاف؛ أنه "لاستمرار (ثورة عاشوراء) على عفويتها.. فإن مقتدى الصدر قد يأمر مستقبلاً بتعليق عمل اللجنة المشرفة على الاحتجاجات، مقابل تعليق القضاء والمحاكم عملها".
وتابع العراقي أن "من المعيب أن يعلّق القضاء والمحاكم العمل من أجل إنهاء ثــورة إصلاحية ولا تعلّق أعمالها من أجل استنكار فساد مستشرٍ إذا لم تستطع محاكمة الفاسدين من جميع الأطراف"، مشيرا إلى أن "القرار قرار الشعب فإلى ذلك نسترعي انتباهكم".
الإطار التنسيقي
وأعلن الإطار التنسيقي الشيعي، اليوم الثلاثاء، رفضه اجراء اي حوار مع التيار الصدري إلا بعد تراجعه عن ماوصفه بـ"احتلال مؤسسات الدولة"، متهما إياه بتهديد رئيس المحكمة الدستورية بـ"التصفية الجسدية".
وقال في بيان إنه "يعلن إدانته الكاملة للتجاوز الخطير على المؤسسة القضائية وتهديدات التصفية الجسدية بحق رئيس المحكمة الدستورية"، مطالبا "كل القوى السياسية الوطنية المحترمة وكذلك الفعاليات المجتمعية الى عدم السكوت بل المبادرة الى ادانة هذا التعدي".
وأعلن الإطار التنسيقي، وفق بيانه، "رفضه استقبال أي رسالة من التيار الصدري أو أية دعوة للحوار المباشر، الا بعد ان يعلن عن تراجعه عن احتلال مؤسسات الدولة الدستورية والعودة إلى صف القوى التي تؤمن بالحلول السلمية الديمقراطية".
كما حمّل الإطار التنسيقي، "الحكومة كامل المسؤولية للحفاظ على ممتلكات الدولة وأرواح الموظفين والمسؤولين خصوصاً السلطة القضائية التي تعتبر الصمام الوحيد الذي بقي للعراق، نتيجة تسلط قوى خارجة عن الدولة على المؤسسات وفرض إرادتها خارج سلطان الدولة".
كما دعا الإطار التنسيقي، "الشعب العراقي بكامل شرائحه الى الاستعداد العالي والجهوزية التامة للخطوة المقبلة التي يجب ان يقول الشعب فيها قوله ضد مختطفي الدولة لاستعادة هيبتها وسلطانها".
وكذلك دعا الإطار التنسيقي المجتمع الدولي إلى "بيان موقفه الواضح أمام هذا التعدي الخطير على المؤسسات الدستورية وفي مقدمتها السلطة القضائية والمؤسسة التشريعية".
الأمم المتحدة
ومن جانبها أكدت بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي"، يوم الثلاثاء، على ضرورة عمل مؤسسات الدولة دون "عائق"، وذلك تعقيبا على بدء مناصري التيار الصدري باحتجاجات أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى.
وقالت البعثة في منشور لها على مواقع التواصل الاجتماعي، إن "الحق في الاحتجاج السلمي عنصر أساسي من عناصر الديمقراطية. ولا يقل أهمية عن ذلك التأكيد على الامتثال الدستوري واحترام مؤسسات الدولة".
وشدد البيان أنه "يجب أن تعمل مؤسسات الدولة دون عوائق لخدمة الشعب العراقي، بما في ذلك مجلس القضاء الأعلى".
فيديو قد يعجبك: