بعد غياب 33 عاما الصحفيون السودانيون يؤسسون نقابة مستقلة
الخرطوم- (أ ف ب):
بعد ثلاثة عقود على حلّ النقابات المستقلة في السودان، أنشأ الصحفيون السودانيون نقابة مستقلة لدعم حرية التعبير التي اكتسبوها عقب الإطاحة بنظام عمر البشير في عام 2019، ولو أنها تراجعت بعد ذلك بسبب الانقلاب العسكري الذي حدث العام الماضي.
وشُكلّت النقابة عبر انتخابات شارك فيها 1314 صحافيا في البلاد وخارجها، وهي الأولى منذ أن حلّ البشير النقابات عقب استيلائه على السلطة في عام 1989.
ويقول محمد عبد العزيز العضو في النقابة الجديدة "إنها خطوة كبيرة من أجل بناء الدولة المدنية الديموقراطية التي يطمح إليها الشعب السوداني".
وأسفرت الانتخابات التي جرت السبت الماضي عن فوز عبد المنعم ابو ادريس علي، الصحفي في وكالة فرانس برس، برئاسة مجلس النقابة المؤلف من 39 عضوا.
ورحّبت منظمة "مراسلون بلا حدود" التي تضع السودان في المرتبة 151 من ضمن 180 دولة في تقريرها حول حرية الصحافة عن عام 2022، بالخطوة التي وصفتها ب"الإيجابية "
كما أشادت المجموعات التي تناصر الديموقراطية في البلاد بما جرى.
وقالت هند حلمي، أستاذة الإعلام في جامعة الخرطوم، أكبر وأقدم الجامعات السودانية، "إبّان حكم البشير، تمّ تكميم حرية الإعلام"، مضيفة "التحدي الكبير الذي تواجهه النقابة يكمن في أن جيلا كاملا من الصحافيين نشأ خلال هذه الحقبة".
وتمّ تقليص مساحة حرية الصحافة خلال حكم البشير الذي أطيح به عقب احتجاجات شعبية امتدت أشهر .
وأثناء حكمه، كان الصحافيون يتعرضون للتهجّم ومصادرة الصحف المطبوعة التي تنشر مقالات تنتقد سياسته.
بعد سقوطه، انطلقت حرية التعبير، واعتاد الناس مشاهدة أشخاص في محطات التلفزيونات المحلية يطالبون بالحكم المدني.
كما نشرت مقالات تحمل الشعارات الاحتجاجية التي استخدمها المتظاهرون ضد البشير "حرية، سلام، وعدالة".
وتعهّد الحكم الانتقالي الهش الذي تألف من عسكر ومدنيين وبدأ في آب/أغسطس 2019 بالخروج من عهود الرقابة على الإعلام والقمع والانتهاكات.
وخلال الفترة الانتقالية، تراجع استهداف الصحافيين وصار بإمكانهم انتقاد سياسات الحكومة على محطات التلفزة ونشر مقالات ضد أداء الحكومة.
- إنجاز "لا يمكن انتزاعه" -
وقالت منظمة "صحفيون بلا حدود" في تقريرها لعام 2020 "بتنصيب الحكم الانتقالي، انتهى الاضطهاد ضد الصحافيين والإعلام الذي كان يمارسه النظام السابق".
لكن الطريق قُطع على الفترة الانتقالية بانقلاب الجنرال عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 الذي أطاح بالمدنيين من السلطة، وخرجت منذ ذلك الحين احتجاجات أسبوعية تطالب بالحكم المدني قوبلت بعنف مفرط.
وحجب الانقلاب محطات إذاعية وخدمة الإنترنت بعد تفرد القائمين به بالسلطة.
ووفق للمرصد الأوروبي للإعلام، استهدف الانقلاب 55 صحافيا ومؤسسة إعلامية في الفترة بين أكتوبر 2021 ومارس 2022. وتخللت هذه الممارسات "اعتقالات تعسفية ومضايقات وإغلاق مكاتب واعتداءات جسدية ونفسية"، وفق المرصد.
لكن النقابة الجديدة تعرضت رغم كل شيء، لتهجّم من اتحاد الصحافيين الذي كان مواليا للبشير وتمّ تشكيله أثناء حكمه. وقال الاتحاد في بيان إن النقابة الجديدة شُكّلت بطريقة "غير قانونية وبعمل سياسي". وتحدث عن "شبهات في تمويلها" وعن وقوف "كوادر سياسية وراءها".
وأكد عبد العزيز أن النقابة أنشئت بموجب ميثاق منظمة العمل الدولية الذي صادقت عليه الحكومة الانتقالية في مارس 2021.
وأضاف "الهجوم كان متوقعا من مجموعات كانت لديها مصالح مع النظام على مدى عقود، وتشعر بتهديد، لكن النقابة ستواصل تمثيل الصحفيين وطموحاتهم".
وقالت هند حلمي "النقابة نشأت بشكل ديموقراطي، وهذا ما لا يمكن انتزاعه من الناس".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: