الملكة إليزابيث الثانية: حياة مديدة حافلة بالمسؤولية
لندن- (بي بي سي):
تميزت الفترة الطويلة لعهد الملكة إليزابيث الثانية بإخلاصها اللامتناهي لدورها وبعزيمتها الصلبة في تكريس حياتها للعرش ولشعبها، وظلت لدى الكثيرين الثابت الوحيد في عالم سريع التقلبات والتغيرات، حيث تراجع النفوذ البريطاني والمجتمع تغير بشكل لافت جداً، حتى بات دور المؤسسة الملكية نفسه مثار جدل.
ونظراً لعمرها الطويل الذي يقترب من 100 عام، فقد عاصرت الكثير من الأحداث العالمية والمحلية وبعضها كان مفصليا وأثر مباشرة على مسار حياتها.
كانت الابنة البكر لوالدها ألبرت، دوق يورك، الابن الثاني لجورج الخامس وكانت مقربة لهما جدا. لكن تنازل عمها الكبير سنة 1936 عقب وفاة جدها، عن العرش لزواجه من سيدة أمريكية دفع بوالدها لصدارة المشهد ليصبح الملك جورج السادس وصارت هي الأميرة إليزابيث.
بعدها بثلاث سنوات صاحبت واختها مارغريت التي تصغرها بأربع سنوات، والدها إلى كلية البحرية الملكية في دارتموث، وهناك لم تكن المرة الأولى التي تتعرف فيها لزوجها المستقبلي وابن عمها من الدرجة الثالثة، الأمير اليوناني فيليب الذي صار لاحقا، دوق ادنبره وتوفى قبل زوجته الملكة بنحو عام، في نيسان إبريل 2021 عن 99 عاما. اعترضت عقبات عدة رغبتها الجامحة وقتها في الاقتران بفيليب الذي كان عليه التغلب على المؤسسة الملكية التي لم تكن تقبل بسهولة شخصاً من أصول أجنبية لكن انتصرت رغبة الزوجين وعقدا زفافهما عام 1947 وعاشا حياة شبه عادية في مالطا، حيث كانت تتمركز الوحدة التي خدم فيها زوجها ضابطاً في البحرية.
بعد ذلك بأقل من 5 سنوات، كان عمرها آنذاك 25 عاماً، تلقت إليزابيث نبأ وفاة والدها بينما كانت تُجري مع زوجها جولة خارجية نيابة عن والدها الملك بسبب ظروفه الصحية فعادت فوراً إلى لندن وهي ملكة جديدة وكانت حينذاك أما لكل من، تشارلز، 4 سنوات، وابنتها آن التي تصغره بعامين.
. وذكرت لاحقاً: "لم أمر بفترة تدريب إن صح التعبير. توفي أبي مبكراً فكان استلاماً سريعاً للمهام، وكان علي أن أقدم أحسن ما أستطيع".
وقد عاصرت الملكة أيضا حروبا ونزاعات.
فعند تتويجها في مايو 1953 لم تكن البلاد تخلصت من حالة التقشف التي بدأت مع الحرب العالمية الثانية. ورغم معارضة رئيس الوزراء ونستون تشرتشل، كان أول حفل تتويج ينقل مباشرة عبر التلفزيون وتجمهر الملايين أمام الشاشات. لكن عجّلت الحرب بنهاية الإمبراطورية البريطانية، وبدأ عهد إليزابيث الثانية مع نيل العديد من المستعمرات السابقة لبريطانيا، ومن ضمنها الهند، استقلالها قبل أن تتكتل كلهاً طوعاً في عائلة واحدة، رابطة الكومنولث التي ترأستها الملكة إلى جوار مهامها الأخرى وعنيت بقضاياها.
ساهمت أزمة قناة السويس سنة 1956 إلى حد كبير في تراجع النفوذ البريطاني حين اتضح أن دول الكومنولث تفتقر إلى الاستعداد للعمل الجماعي المنسق عند نشوب أزمات. وانتهى قرار إرسال قوات بريطانية لمنع التأميم الذي كان يهدد به الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لقناة السويس بانسحابها بشكل مذل واستقالة رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن.
وبسبب سلسلة من الفضائح والكوارث الأسرية واجهتها العائلة الملكية منذ تسعينيات القرن الماضي من أزمات انفصال متعددة وترافق ذلك بالجدل الذي أثاره رحيل ديانا، أميرة ويلز وزوجة ابنها تشارلز سابقا عام 1997، تعرضت الأسرة المالكة لانتقادات.
لكن في سبتمبر 2015، أصبحت إليزابيث الثانية أطول من حكم في التاريخ البريطاني، متجاوزة مدة حكم جدتها الملكة فيكتوريا.
فيديو قد يعجبك: