إعلان

ما مصير الأكراد في سوريا حال تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق؟

08:54 م الأربعاء 18 يناير 2023

أكراد سوريا

كتبت- سلمى سمير:

بعد توتر طويل شهدته العلاقات بين أنقرة ودمشق، على خلفية الحرب في سوريا وتناقض الأهداف خلالها لعل أبرزها سبل حل الأزمة السورية وقضية اللاجئين وملف الأكردا، ظهرت مؤخرًا مؤشرات على تقارب بين البلدين الخصمين بوساطة روسية، التي تسعى لإنهاء الصراع في سوريا والحفاظ على مكتسباتها خاصة مع استمرارها في حربها بأوكرانيا.

وأعلن وزير الخارجية الروسي اليوم، سيرجي لافروف، عن اجتماع مرتقب، بين وزراء خارجية الدول الثلاثة، روسيا وتركيا وسوريا، لمباحثات تجمع الأطراف على مستوى أعلى بعدما احتضنت موسكو اجتماع بين وزيري دفاع تركيا وسوريا، لبحث كيفية حل الأزمة بين البلدين، وشملت أهم شروط الاتفاق مسألة عودة اللاجئين السوريين، وحل مسألة الأكراد، وانسحاب القوات التركية لحدودها، واتفق الجانبان على حل مسألة الأكراد.

وأعرب لافروف، عن تقدير بلاده لمخاوف تركيا بشأن الأكراد، وطالما كان يوجد نقاط خلافية بين الجارتين السورية والتركية، أهمها تواجد العناصر الكردية مثل "وحدات حماية الشعب" على الحدود مع تركيا، الأمر الذي تعتبره أنقرة بمثابة تهديد لها، مع تصنيفها حزب العمل الكردستاني كمنظمة إرهابية، وتقول تركيا إنه يمتلك أذرع مسلحة في الأراضي السورية، ولذلك شرعت لنفسها تواجد قواتها داخل أراضي جارتها الجنوبية.

وترى صحيفة "نيزافيسيمايا جازيتا" أن الأكراد قد يواجهوا مصيراً يتمثل في هجوم ثلاثي يتألف من سوريا وتركيا وروسيا، لتمشيط مناطق سيطرة الأكراد من خلال عملية برية، في حال توصلت تركيا وسوريا لاتفاق، في خطوة ألمح لها أردوغان، الذي أعلنت بلاده احتمالية شن عملية عسكرية للرد على أي تهديدات واردة، وتشير الصحيفة إلى أن أردوغان سيفضل هذه الخطوة قبل الانتخابات، لتحسين صورته ليظهر بشكل المكافح للإرهاب، ولدحض نفوذ المعارضة، وللعمل على عودة اللاجئين السوريين لبلادهم المقدر عددهم بنحو 3.6 مليون نسمة.

لماذا ترعى روسيا الاتفاق؟

على إثر الحرب الأوكرانية، تفكر روسيا في كيفية حل الوضع في سوريا، حيث قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، اليوم إن بلاده تسعى لتحسين علاقاتها مع العرب، في إشارة للمباحثات بين تركيا وسوريا، لتخفيف وطأة العقوبات الغربية التي فرضت عليها، مشبهاً التحالف الغربي ضد بلاده، بتعامل هتلر مع اليهود.

باندلاع الحرب واجهت موسكو جبهات عدة ليس على الأرض في أوكرانيا وحدها، إذ واجهت عقوبات من حلفاء كييف، فضلاً عن دعم عسكري مستمر حتى اللحظة لأوكرانيا ما أطال أمد الصراع. لذلك يرغب بوتين في إغلاق جبهة الصراع في سوريا حتى يحتفظ بمكاسبه فيها، وكسب نقاط برعاية اتفاق سلام بين دمشق وأنقرة، ويتفرغ لحرب أوكرانيا وعقوبات الحلفاء.

واعتبر محللون سياسيون لصحيفة "الشرق الأوسط" أن الاتفاق بمثابة "هدية" من بوتين إلى أردوغان قبل الانتخابات التركية، كنوع من التطبيع بين روسيا وتركيا، بعد زيادة التعاون بين البلدين خلال الحرب الأوكرانية، ومحاولات أنقرة التوسط لحل الأزمة دبلوماسيًا بين كييف وموسكو.

لماذا قد يتخلى بشار عن الأكراد؟

تسببت هجمات تنظيم "داعش" في أرق لنظام بشار الأسد، الذي لم يرغب في طرف جديد في أرض الصراع، وكانت التنظيم اتجه نحو 3 مناطق كردية، على مقربة من مناطق سيطرته في الشمال السوري، فبدأت وحدات حماية الشعب السوري (فصائل مسلحة كردية) تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، في صد الهجمات المتتالية بداعش، بدعم من الولايات المتحدة لاحقاً، الأمر الذي لم تحبذه الإدارة السورية بسبب مواقف واشنطن منها خلال السنوات الماضية، وبعد إنهاء مسألة داعش انتقل الأكراد لشن هجمات على التواجد التركي الأمر الذي كان في صالح الأسد، الرافض لوجود الأتراك، لذلك عُقد اتفاقاً ضمنياً يقضي بالتحالف بينهم ورأى الأكراد في هذا طوق نجاة بعد تخلي الحليف الأمريكي عنهم.

من هم الأكراد؟

الأكراد هم رابع أكبر مجموعة عرقية في الشرق الأوسط، ويتراوح عددهم بين 20 و30 مليون نسمة، يقطنون في المناطق الجبلية بين تركيا وسوريا والعراق، وطالما طمح الأكراد في أن تجمعهم دولة مستقلة تلم شمل أطرافها المترامية، ويختلف الحال بالنسبة لأكراد سوريا عن أكراد العراق حيث يتمتع الأخير بحكم ذاتي (إقليم كردستان)، على عكس نظرائهم في سوريا الذين عايشوا تهميش واضح، مع وجود أقلية غير حاصلة على الجنسية السورية حتى الآن، وقبل الثورة السورية، لم يكن مسموح لهم بتدريس لغتهم في المدارس، لكن مع تسلل داعش للأراضي السورية، انتعش وضع الأكراد وبدأوا يتمتعون بنوع من الحكم الذاتي، وتدريس لغتهم في المدارس، وهو الأمر الذي قد يتغير في حال حدوث اتفاق مع الأتراك.

الأكراد.. سيناريو طويل من التخلي عنهم

في حال توصلت سوريا وتركيا إلى اتفاق لا يضمن مستقبل أفضل للأكراد فسيكون التخلي عنهم نتيجة حتمية خلال الفترة المقبلة، وتلك ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الأكراد لخيبة أمل من تخلي الحلفاء عنهم، فعلى مدار عقود شهدت القيادة الكردية تحالفات مع عدة قوى دولية، لتعينها على بناء دولة خاصة بها. ففي القرن الـ20 أراد الأكراد الاستقلال، في 4 مناطق العراق وتركيا وسوريا وإيران، وسعى الأكراد في سبيل ذلك لكسب ود عدة أطراف فامتلكوا علاقات وثيقة مع كلاً من إسرائيل وإيران، واستخدمت الدولتين الأكراد، كأداة لزعزعة استقرار العراق خوفاً من تأثير جيش العراق على الوجود الإسرائيلي، ولخدمة توسع طهران في الخليج العربي، الأمر الذي أتى بثماره في حرب 1967، حيث لم يتمكن العراق في حشد جيشه ضد إسرائيل كذلك في حرب 1973، مع بقاء 80% من الجيش العراقي في شمال البلاد، وفق مذكرات وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر التي حملت عنوان "سنوات التجديد".

بعد استخدام طهران للأكراد كأداة ضغط على العراق، تخوفت من أن يسبب تنامي الأكراد خطراً عليها، لذلك تخلت عنهم بعد "اتفاق الجزائر" عام 1975 بين شاه إيران وصدام حسين، تبعها اجتياح القوات العراقية لمنطقة الأكراد وقتل الآلاف وفرار المدنيين إلى إيران وسط تخلي الحلفاء الأمريكيين والإسرائيليين، وتجددت الكرة في مطلع التسعينيات، مع تحريض الإدارة الأمريكية الأكراد للثورة ضد صدام حسين، لكنها تخلت عنهم لاحقاً بعدم إرسالها أي دعم، وخلال الحرب السورية وظهور تنظيم داعش، دعمت واشنطن الأكراد ثم تخلت عنهم بعد إعلان إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ما تركهم في مواجهة الأتراك.

فيديو قد يعجبك: