إعلان

اقتحام بن غفير للأقصى يسلط الضوء من جديد على الأماكن المقدسة

08:14 م الأربعاء 04 يناير 2023

إيتمار بن غفير

(دويتشه فيله)

استهلّ إيتمار بن غفير مهام عمله كوزير للأمن القومي الإسرائيلي باقتحام إلى باحات الحرم القدسي الشريف أو مجمع المسجد الأقصى، الذي يسميه اليهود "جبل الهيكل". فهل سيؤدي ذلك إلى موجة عنف جديدة في المنطقة؟

لم يكن اقتحام السياسي الإسرائيلي اليميني المتشدد إيتمار بن غفير إلى مجمع المسجد الأقصى أمس الثلاثاء هو الاقتحام الأول له للمكان، إذ سبق ذلك عدة اقتحامات.

بيد أن الاقتحام الأخير كان الأول له منذ توليه منصب وزير الأمن القومي الإسرائيلي، وهو الأمر الذي أثار حملة إدانات فلسطينية وعربية وإسلامية واسعة النطاق، وسط مخاوف من إثارة المزيد من التوترات.

يطلق المسلمون على الموقع "باحات الحرم القدسي الشريف"، فيما يعد المسجد الأقصى ثالث أقدس مكان في الإسلام، فهو ثالث الحرمين الشريفين، بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، لذا ينظر المسلمون إلى زيارة بن غفير على أنها "خطوة استفزازية".

أما بالنسبة لليهود، فيشيرون إلى المكان باسم "جبل الهيكل" ويعد أقدس مكان لدى اليهود. وتضم البلدة القديمة في القدس قبة الصخرة والمسجد الأقصى فيما يوجد بها أيضا أماكن مسيحية مقدسة. وحتى تدمير الهيكل على يد الرومان عام 70 بعد الميلاد، كان يقف هنا الهيكل اليهودي الثاني، كما أن البقعة المقدسة بالنسبة للمسلمين ترتبط برحلة المعراج وصعود النبي محمد إلى السماوات.

وفيما يتعلق باقتحام بن غفير لمجمع المسجد الأقصى، أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية بأنه الوزير الإسرائيلي أبلغ الشرطة في الأيام الأخيرة بعزمه القيام "بزيارة" الموقع الثلاثاء وهو اليوم الذي يصوم فيه بعض اليهود المتدينين إحياءً لذكرى الأحداث التي أدت إلى تدمير الهيكل الأول.

مخاوف حيال الوضع الديني القائم

يُعرف عن بن غفير، الذي اقتحم الموقع في السابق عندما كان نائبا في الكنيست، تأييده لأداء الصلوات اليهودية في المجمع بل ويرغب في تغيير الوضع الراهن طويل الأمد، الذي تحظى به المناطق المقدسة في القدس.

وبموجب ترتيبات طويلة الأمد، يُسمح لليهود بزيارة المكان حيث يعتقدون أنه كان يضم معابد خلال فترة زمنية سابقة، بيد أنه لا يُسمح لهم بالصلاة. وترمي هذه الترتيبات إلى الحفاظ على الوضع الراهن من قواعد واحترام متبادل بين الطوائف الدينية، فيما يدير الأردن شؤون المسجد الأقصى والمقدسات في القدس بموجب "الوصاية الهاشمية".

لكن في السنوات الأخيرة، دعت حركة يمينية متطرفة يُطلق عليها اسم "نشطاء جبل الهيكل"، اليهود المتشددين إلى زيارة المكان، فيما وصف بن غفير حظر أداء الصلاة اليهودية داخل المجمع بأنه يعد "أمرًا تمييزيًا".

وخلال الأسبوع الماضي، أعرب ملك الأردن عبد الله الثاني عن بالغ قلقه حيال مساعي بعض الإسرائيليين الذين يحاولون الضغط من أجل إحداث تغييرات في الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة سواء الإسلامية أو المسيحية في القدس الشرقية.

وقال في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" إن الجميع في المنطقة في حالة قلق بالغ، مضيفا "إذا أراد الناس الدخول في صراع معنا، فنحن مستعدون تماما. أصدق مقولة دعونا ننظر إلى نصف الكوب المملوء، لكن لدينا خطوط حمراء معينة وإذا ما أراد أحد تجاوز تلك الخطوط الحمراء فسنتعامل مع ذلك".

شبح زعزعة الاستقرار

في حرب يونيو 1967 (حرب الأيام الستة)، استولت إسرائيل على مدينة القدس القديمة والحرم الشريف أو جبل الهيكل من الأردن، إلى جانب بقية القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة. ويرغب الفلسطينيون أن تكون هذه الأراضي جزءًا من دولتهم المستقبلية، لكن إسرائيل ضمت القدس الشرقية واعتبرت المدينة عاصمتها الموحدة، وهي خطوة لم يعترف بها معظم المجتمع الدولي.

بدوره، قال دانيال (داني) سيدمان، مؤسس ومدير منظمة "Terrestrial Jerusalem" (القدس الدنيوية)، وهي منظمة إسرائيلية غير الحكومية تدعو إلى حل قضية القدس في إطار مفهوم حل الدولتين، إن ما وقع عام 1967 "يعد أساسيا لفهم ما يحدث هنا اليوم". وأضاف سيدمان أنه خلال العقود الأخيرة أصبح المكان المقدس "بؤرة يمكن أن تؤدي إلى إشعال الصراع" خاصة مع التآكل التدريجي للوضع القائم في القدس.

ومن المحتمل أن يؤدي اقتحام بن غفير، الذي يعتبره كثير من الفلسطينيين "رمزًا لسياسات الاحتلال الإسرائيلي والتحريض ضد العرب"، إلى زعزعة استقرار الوضع أكثر، خاصة وأنه بموجب منصبه كوزير للأمن القومي، سوف يشرف على جهاز الشرطة، الذي يحدد السياسات داخل المكان بشكل يومي.

وقال سيدمان "رصدنا ذلك خلال النصف الأول من عام 2021 ، عندما أدت انتهاكات جبل الهيكل/ الحرم القدسي إلى جانب أعمال التهجير التي طالت حي الشيخ جراح إلى اندلاع موجة من العنف بين إسرائيل وغزة حيث كان ذلك المفجر لموجة العنف. وقد بقيت التوترات متصاعدة منذ ذلك الحين".

في المقابل، حذر مراقبون من أن أي تغييرات كبيرة في الوضع القائم قد تؤدي إلى احتجاجات حاشدة في جميع أنحاء المنطقة.

وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أصدر بيانا الثلاثاء أكد فيه على "الالتزام بشدة بالحفاظ على الوضع الراهن دون أي تغييرات" فيما يتعلق بالأماكن المقدسة بالقدس.

يشار إلى أن اتفاق تشكيل الحكومة الائتلافية برئاسة نتنياهو ينص على الحفاظ على الوضع القائم فيما يتعلق بالأماكن المقدسة.

وفي ذلك، قال سيدمان: "أنا لا أقول إن هذا سيؤدي إلى موجة عنف، لكن هناك احتمالية حدوث ذلك بنسبة ما بين 30٪ إلى 50٪. ولن تُقدم أي حكومة تتحلى بالمسؤولية على التصرف بطريقة خطرة بما يؤدي إلى اندلاع أعمال عنف على هذا النحو من الأهمية". وأضاف مؤسس ومدير منظمة "القدس الدنيوية": "لا يمكن للمجتمع الدولي أن يغض الطرف عن هذا فنحن نرى شبح خطر يلوح في الأفق".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: