إعلان

نيويورك تايمز: 5 أسباب تدفع إسرائيل إلى الدعوة لوقف الحرب

04:03 م الإثنين 04 ديسمبر 2023

الحرب علي غزة

كتب- محمد صفوت:

كتب توماس فريدمان مقالاً تحليلاً في صحيفة "نيويورك تايمز" استهله بمقولة الفيلسوف الصيني كونفوشيوس: "قبل أن تشرع في رحلة الانتقام، احفر قبرين أحدهما لعدوك والآخر لنفسك".

تحدث خلاله عن الدروس التي على إسرائيل تعلمها من الحرب الدائرة في غزة ومن هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة التي أشعلت حربًا في أفغانستان تبعها حربًا في العراق دفعت فيه واشنطن ثمنًا بهظًا، معربًا عن قلقه من أن تل أبيب تتصرف بدافع الغضب، ووضعت لنفسها هدفًا بعيد المنال (تدمير حماس والقضاء على مقاتليها) بدون خطة لليوم التالي من الحرب.

ويرى فريدمان، أن سمعة الجيش الإسرائيلي على المحك وسط الأزمة الإنسانية التي تسبب فيها في غزة، وفقدان الثقة من الشعب الإسرائيلي.

يبدأ الكاتب بالحديث عن ما تسميه وكالة الاستخبارات المركزية "الخلية الحمراء" أو "الفريق الأحمر" وهي مجموعة من ضباط المخابرات خارج سلسلة القيادة العسكرية أو السياسية المباشرة، ووظيفتها الرئيسية هي فحص خطط الحرب وأهدافها، واختبارهما من خلال اقتراح بدائل متعارضة لأهداف قابلة للتحقيق لاستعادة الأمن والردع و يتم نشر توصيات الفريق الأحمر على الملأ قبل خوض الحرب.

من هذا المنطلق، يقترح فريدمان، على إسرائيل تشكيل ليس فقط "فريق أحمر" لكيفية التعامل مع حماس في غزة، ولكن أيضًا "فريق أزرق" لانتقاد الفريق الأحمر، مؤكدًا أن إسرائيل بحاجة إلى نقاش داخلي أكثر قوة، لأنها اندفعت بشكل واضح إلى حرب ذات أهداف متعددة متناقضة.

يتوقع الكاتب في مقاله، مقترحات "الخلية الحمراء" على إسرائيل في هذه الحرب خاصة بعد تكدس معظم سكان غزة جنوبًا وسط توقعات بتوجيه المعارك جنوبي القطاع.

صفقة نظيفة

يعتقد الكاتب أن على "الخلية الحمراء" اقتراح بديلاً جذريًا للحرب، بدفع إسرائيل إلى الدعوة لوقف إطلاق النار يعقبه انسحاب فوري من غزة، مقابل إعادة كافة الأسرى (مدنيين وعسكريين) لدى حماس، دون أن تحصل الحركة الفلسطينية على أي معتقلين من السجون الإسرائيلية، كما يحق لإسرائيل محاكمة قادة حماس الذين خططوا لهجمات السابع من أكتوبر، ووصفها بأنها "صفقة نظيفة".

يُعدد توماس فريدمان، مزايا الاقتراح، أولها أن كافة الضغوط الدولية الداعية لوقف إطلاق النار سترمى على كاهل حماس، مضيفًا: "دعونا نرى حماس ترفض وتعلن أنها تريد الحرب".

الميزة الثانية، رغم عدم تحقيق إسرائيل لهدفها في غزة (القضاء على حماس) يمكن الرد بأنه هدفًا غير واقعي من البداية، كما أن العملية العسكرية دمرت أجزاء واسعة في غزة وهي رسالة ردع لحزب الله وحماس في المستقبل، بأن من يدمر مدنًا سندمر مدنه.

نقل الضغط على السنوار

ويواصل الكاتب في تعديد المزايا، قائلاً إنه بوقف الحرب سيخرج يحيى السنوار للمرة الأولى من الأنفاق ويواجه شعبه، ربما يحمل على الأعناق ويتغنون باسمه، لكن سيواجه انتقادات لاذعة من أهالي الضحايا والأهالي الذين بحاجة إلى مسكن وطعام ومقومات أساسية للعيش.

ومع خروج إسرائيل، فإن الأزمة الإنسانية التي خلقتها هذه الحرب في غزة سوف تصبح مشكلة السنوار وحماس.

يرى أن الميزة الثالثة في وقف الحرب، رسالة الردع التي خلقتها الحرب التي ستتلقاها المجتمعات المؤيدة لحزب الله جنوبي لبنان.

كشفت مواطن الضعف

يضيف الكاتب أن هجمات السابع من أكتوبر كشفت لإسرائيل مواطن الضعف في الجدار الحدودي وكيف تحصل حماس على أسلحتها وكل هذا يمكن تفاديه في المستقبل، ويمكن إسرائيل من إعادة تصور وتعزيز دفاعاتها الحدودية.

يشير الكاتب الأمريكي، إلى أن الميزة الرابعة التي أعتبرها الأهم والأكبر، هي أن الخروج من غزة قد يضع القطاع تحت المراقبة الدولية، ما يجعل إسرائيل تتفرغ لحزب الله وإيران، اللذان يرغبان في انهاك تل أبيب عسكريًا.

ولن تضطر إسرائيل، إلى الاحتفاظ بجزء كبير من قوات الاحتياط التي يزيد عددها عن 300 ألف جندي - الذين يقودون اقتصادها - في حالة تعبئة دائمة لحكم غزة.

ويشير إلى أن إيران وحزب الله ووكلاء طهران في المنطقة، يريدون أن يتحمل الاقتصاد الإسرائيلي ثمنًا باهظًا، ويسعون دائمًا لكسب الدعم العالمي والاعتراف بأن الأزمة الإنسانية في غزة سببها إسرائيل.

التفرغ للأزمات الداخلية

ميزة الخامسة، فهي داخلية حيث تحتاج إسرائيل إلى علاجًا داخليًا للتعافي من حكم نتنياهو الذي قسم المجتمع ومزق البلاد، ولن يتسنى لإسرائيل أن تتعافي داخلياً وأن تستأنف مشروعها المتمثل في تطبيع العلاقات مع جيرانها العرب وإقامة علاقة مستقرة مع القيادة الفلسطينية الأكثر اعتدالاً في الضفة الغربية إلا إذا تمت إزاحة نتنياهو.

يرد الكاتب على نفسه في مقاله التحليلي، ويبدأ في النصف الثاني من المقال في توقع رد ما اسماه بـ "الفريق الأزرق" على تلك الحجج التي صاغها في بداية مقاله.

يبدأ بالصفقة المقترحة في البداية (وقف إطلاق النار إطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين والانسحاب من غزة) ويقول إنه في حال رفضت حماس وأصرت على الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، فعلى إسرائيل خفض أهدافها في غزة.

الردع مجرد وهم

يوضح أن في حرب 2006، لم يتم ردع حزب الله، فسياسية الردع "مجرد وهم" حيث تواصل إيران دعم حزب الله حتى اليوم الذي تستطيع فيه تهديد إسرائيل ببرنامجها النووي، ولكن الأفضل هو التقليل المستمر لقدرات الأعداء.

بعد تقليص قدرات حماس تنسحب القوات الإسرائيلية من غزة، وتنشئ مواقع استيطانية جديدة أقرب إلى غزة من تلك الموجودة حاليًا، لضمان عدم تكرار الهجوم مستقبلاً.

ويواصل حديثه من منطلق "الفريق الأزرق" الذي تخيله في مقاله، قائلاً: "إذا أرادت حماس مبادلة أسرانا بالمعتقلين، فيمكننا أن نتحدث. أما بالنسبة للحكم في غزة، فإن حماس المتضائلة قادرة على البقاء في السلطة إذا كان هذا هو ما يريده أهل غزة. فلتكن حماس مسؤولة عن الماء والكهرباء".

وأخيًرا، سيقول الفريق الأزرق للقيادة السياسية الإسرائيلية: "توقف عن الكذب على نفسك وعلى الجمهور. إذا حاولنا احتلال غزة بأكملها والاحتفاظ بها، فإن غزة لن تبتلعنا في النهاية فحسب، بل ستخلقون أنتم أيها الساسة شكوكًا كبيرة في ذهن الجمهور حول الجيش من خلال إعطائه هدفًا غير قابل للتحقيق، ولا تستطيع إسرائيل ببساطة تحمل المزيد من الشكوك حول الجيش".

إسرائيل بحاجة لمناقشة داخلية

في ختام مقاله، يرى أن ما تحتاجه إسرائيل حاليًا هو هذا النوع من المناقشة حيث يكون هناك فريقان يذكرا قادة البلاد بأنه لا توجد نتيجة مثالية تنتظر إسرائيل في غزة، إن إصلاح غزة "مرة واحدة وإلى الأبد" كان دائمًا ضربًا من الخيال .

ويرى أن ما ليس خيالاً هو التاريخ الحقيقي بين إسرائيل وحماس، وأن دائمًا الحروب ما تؤدي إلى ازدهار حماس لأن هذا هو كل ما يمكنها تقديمه وكل ما وجدت من أجله، ولكن تزدهر إسرائيل في فترات التوقف الدائم لإطلاق النار، عندما تبحث عن نقاط ضعفها لإصلاحها وتبني على نقاط قوتها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان