لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ما هو الفطر الذي يسبب مرضا جلديا للبشر والقطط؟ ولماذا انتشر؟

11:17 ص الإثنين 27 فبراير 2023

الفطر

(بي بي سي):

حتى منتصف التسعينات، كان الفطر الذي يطلق عليه اسم "سبوروثريكس برازيلينسيس غير معروف بشكل كبير. لكنه أصبح يشكل منذ ذلك الحين مشكلة للصحة العامة في أمريكا اللاتينية لأنه يتسبب في جروح جلدية عميقة لدى القطط والبشر.

الحالات الأولى للعدوى بذلك الفطر الممرض بدأت في لفت الانتباه في ريو دي جانيرو، حيث لاحظ الباحثون أن انتقالها للبشر جاء بشكل عام من القطط الضالة.

وسرعان ما انتقلت العدوى إلى ولايات برازيلية أخرى. وذكرت دراسة نُشرت في سبتمبر الماضي أن أحد المستشفيات العامة بمدينة ساو باولو استقبل عددا متزايدا من الحالات خلال فترة طولها 15 عاما.

وقال دكتور جون فيريندر فيسي أحد الباحثين الذين أجروا الدراسة في تصريحات لموقع Medscape "مدسكيب" المختص في الأخبار الطبية على الإنترنت: "اعتدنا أن نرى حالة أو حالتين في العام الواحد. أما الآن، فنرى حالتين أو ثلاث في الأسبوع الواحد".

في ديسمبر الماضي، نشرت طبيبة الأمراض الجلدية روسانا سيتي صورا على موقع إنستغرام لطفح جلدي ناتج عن عدوى فطر سبوروثريكس.

وذكر المريض أن هناك قططا في مكان عمله.

كما انتشرت عدوى فطر سبوروثريكس برازيلينسيس في كل من الأرجنتين وباراغواي وبوليفيا وكولومبيا وبنما.

لكن ما أسباب ذلك الانتشار؟

يشير انتشار ذلك الوباء الغامض إلى أن الاختلال في التوازن البيئي قد تكون له عواقب مفاجئة وغير متوقعة.

من فطر غير ضار إلى خطر
مجموعة الفطريات التي ينتمي إليها سبوروثريكس معروفة للعلماء منذ عام 1898. وتوجد تلك الفطريات بشكل عام في التربة، كما تنمو على بعض النباتات.

وكغيرها من الفطريات، تعتبر تلك الأنواع ذات أهمية بالغة لعملية تحلل الكائنات العضوية في الطبيعة.

ونشرت طبيبة بيطرية صورة لقطة لديها هذه العدوى كانت تقوم برعايتها.

غير أنه في بعض الحالات النادرة، قد تتسبب تلك الكائنات الدقيقة في إصابة البشر بأمراض يطلق عليها اسم عام هو sporotrichosis (داء الشعريات المبوغة).

يخترق سبوروثريكس برازيلينسيس الطبقات السطحية من الجلد. ويستعمر الفطر النسيج الموجود تحت تلك الطبقات ويتسبب في جروح به.

كما يغزو الفطر الجهاز اللمفاوي ويؤثر على العين والأنف، بل وحتى الرئتين أيضا.

وكما ذكرنا آنفا، هذه الحالات نادرة. لكن تكرار حدوثها بدأ في لفت الانتباه في أواخر التسعينيات في بعض مناطق ريو دي جانيرو.

الاتصال بالقطط
بين عامي 1998 و2001، شخّص الباحثون بمؤسسة أوزوالدو كروز "Oswaldo Cruz Foundation" 178 حالة إصابة بداء الشعريات المبوغة.

وكتب الباحثون: "من بين المرضى البالغ عددهم 178، كان 156 مريضا على اتصال جسدي بقطط سواء في المنزل أو في مكان العمل، وتعرض 97 منهم للعض أو الخدش من تلك الحيوانات".

لكن منذ ذلك الحين، ازدادت أعداد الحالات بشكل متسارع.

يقول الدكتور فلافيو تيليس من رابطة الأمراض المعدية البرازيلية: "وفقا لأحدث الإحصائيات، كان هناك أكثر من 12000 حالة إصابة بين البشر منذ ذلك الحين".

ويضيف: " هذا بالإضافة إلى الإصابات التي لا حصر لها بين القطط والكلاب".

مع مرور الوقت، تمكن الباحثون من فهم دورة العدوى بين البشر والحيوانات التي تعيش بالقرب منا بشكل أفضل.

يقول الدكتور تيليس، وهو أيضا أستاذ بجامعة بارانا الفدرالية: "لسبب ما، أصبحت أجسام القطط بيئة ملائمة للفطر. فهو يتسبب في إصابتها بمرض يؤدي إلى إحداث جروح في الوجه والأقدام".

ويضيف البروفيسور تيليس: "يحدث ذلك لأن المعارك التي تدور بينها للدفاع عن مناطقها أو بحثا عن الطعام أو التزاوج، تعتبر جزءا من الطبيعة البيولوجية للقطط، وتقوم خلالها بخدش أو عض بعضها بعضا".

الخبراء الذين أجرت بي بي سي حوارات معهم أوضحوا أنه لا ينبغي تحميل القطط مسؤولية الإصابة بداء الشعريات المبوغة. فهي ضحية مثلها مثل الكلاب والبشر، وغياب السياسات العامة الرامية إلى السيطرة على عدوى الفطر يؤدي إلى انتشارها.

اختلال التوازنات البيئية

يقول عالم الميكروبيولوجيا (الأحياء الدقيقة) مارسيو رودريغيز من مؤسسة أوزوالدو كروز إن انتشار فطر سبوروثريكس برازيلينسيس لا يزال محل دراسات وتكهنات.

"هناك علاقة مباشرة بين [ارتفاع عدد الحالات] واحتلال الأراضي وتدمير الغابات وبناء المنازل".

"لدينا اختلال في الأنظمة البيئية التي كانت متوازنة في السابق، وهذا يؤدي إلى تعريض الحيوانات والبشر لجراثيم جديدة".

بمجرد وصول الفطر إلى القطط الضالة، كانت قفزته إلى البشر سهلة نسبيا. فتلك القطط تنتشر بشكل كبير في العديد من الأحياء البرازيلية.

وعادة ما يلعب الأطفال مع القطط الضالة، ويرحب البالغون بها لأنها تساعدهم في السيطرة على غزو الجرذان.

مسألة اختلال التوازن البيئي بالإضافة إلى العيش بالقرب من الحيوانات ساعدا على حدوث اتصال مع الفطر، وهو ما بدأ بدوره في إصابة البشر بالمرض.

وعلى الرغم من أن تلك الملاحظات تساعد في شرح كيفية تفشي العدوى بفطر سبوروثريكس برازيلينسيس، فإنها لا تسمح لنا بفهم كيفية انتشار المشكلة خارج البرازيل.

الأرجنتين
في الأرجنتين، على سبيل المثال، حالات عدوى مرض الشعريات المبوغة لدى القطط زادت بنسبة أكثر من أربعة أضعاف في أقل من 10 سنوات منذ عام 2011.

يقول الدكتور فلافيو تيليس: "باستطاعة القطط أن تعبر الحدود اليابسة بين الولايات، وحتى البلدان".

ويضيف: "فضلا عن ذلك، الأشخاص الذين يرحلون عن حي أو مدينة ما أحيانا ما يأخذونها معهم".

الجرذان

تفسير آخر محتمل لانتشار سبوروثريكس عبر عدة بلدان في الأمريكيتين يتعلق بالجرذان.

فبعض الدراسات زعمت أن تلك القوارض من الممكن أيضا أن تكون حاملة للفطر. وباستطاعة تلك الحيوانات الانتقال من مكان إلى آخر "في الخفاء" داخل شحنات الغذاء على متن الشاحنات والسفن.

وفي المواقع الجديدة التي تذهب إليها، تتعرض الجرذان للمطاردة من قبل القطط التي تعيش هناك. وتصاب القطط بدورها بالعدوى، وتبدأ دورة جديدة من داء الشعريات البوغية.

ما الذي يمكن أن نفعله؟
مقارنة بفطريات أخرى من نفس الفصيلة، لسبوروثريكس برازيلينسيس القدرة على الانتشار بسهولة أكبر، ومن الممكن أن يتسبب في عدوى أكثر خطورة.

كما أن العلاج من العدوى ليس سهلا، إذ إن العقاقير المضادة للفطريات قد لا تكون فعالة في بادئ الأمر.

العلاج بالأدوية والعقاقير عادة ما يستمر 187 يوما في المتوسط، وفق ما جاء في دراسة لجامعة ريو غراندي الفدرالية.

أهم شيء هو التشخيص الدقيق وبدء العلاج بأسرع ما يمكن.

وهذا من شأنه أيضا أن يحول دون مقاومة الفطر للعقاقير، وهو ما تسبب في مشاكل متكررة في الأعوام الأخيرة فيما يتعلق بأنواع أخرى من الفطريات.

الأثر البيئي
يقول مارسيو رودريغيز إن حالات مثل سبوروثريكس برازيلينسيس تظهر أن الاختلالات في التوازن البيئي الناتجة عن تصرفات البشر لها عواقب لا يمكن التنبؤ بها.

ويضيف عالم الأحياء الدقيقة: "لم يكن داء الشعريات البوغية مشكلة قبل 15 عاما".

"التغيرات التي تطرأ على النظم البيئية من الممكن أن ينتج عنها التعرض لجراثيم لم نتعرض لها في السابق. وهذا بدوره يؤدي إلى كارثة على الصحة عامة".

يضيف تيليس أن ذلك يؤكد مرة أخرى على أهمية النظر إلى صحة البشر والحيوانات والكوكب نفسه كشيء واحد لا يتجزأ.

يشرح قائلا: "إننا نتحدث عن قضية معقدة يتوقف حلها على مقاربة دولية".

"سوف نحتاج إلى أطباء بشريين وبيطريين ومتخصصين في علم الأوبئة والأحياء الدقيقية والصحة العامة والبيئة، وعددا من المهنيين لكي يتأتى لنا مكافحة هذا [الوباء] وغيره من الحالات الشبيهة".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان