لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لم يفرق الزلزال بينها.. النزاع السوري يعرقل إغاثة المناطق المنكوبة

10:45 م الثلاثاء 07 فبراير 2023

زلزال سوريا

(دويتشه فيله)

لم يفرق الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا بين مناطق "سوريا الأسد"، ومناطق معارضته المدعومة من تركيا، وبين سوريا "الإدارة الذاتية" التي يشكل الأكراد عمودها الفقري. فكيف يؤثر النزاع السوري على فرص إغاثة المناطق المنكوبة؟

في بلدة جنديرس في شمال سوريا، أبصرت رضيعة النور يتيمة، بينما قتل أفراد أسرتها جميعاً: والدها عبدالله المليحان ووالدتها عفراء مع أشقائها الأربعة، إضافة الى عمتها. انتشل سكان وعمال إنقاذ الصغيرة بعد أن ولدت بأعجوبة تحت الركام، وبقيت متصلة عبر حبل الصرة بوالدتها القتيلة.

في مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر مجموعة من الرجال فوق ركام مبنى مدمّر بينما يهرول رجل من خلف جرافة صفراء وهو يحمل الرضيعة عارية إلا من طبقة من الغبار الممزوج بالدماء غطت جسدها الهزيل الذي تدلى منه حبل الصرة.

ألمانيا تدعو لتنحية السلاح

قال خالد حبوباتي رئيس الهلال الأحمر السوري اليوم الثلاثاء (السابع من شباط/فبراير 2023) إن المنظمة مستعدة لإيصال المساعدات الإغاثية لجميع مناطق سوريا بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وحث الأمم المتحدة على تسهيل الأمر.

جاء ذلك بعد أن قال السفير السوري لدى الأمم المتحدة بسام صباغ للصحافيين بعد لقائه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس في نيويورك عندما سئل عن احتمال فتح نقاط عبور جديدة لمواجهة تداعيات الزلزال: "نحن مستعدون للعمل مع كل من يرغب بتقديم المساعدة للسوريين من داخل سوريا". وأضاف "الوصول من داخل سوريا متاح، لذا فإن من يرغب بمساعدة سوريا بإمكانه التنسيق مع الحكومة ونحن سنكون على استعداد للقيام بذلك".

بيد أن الناشط الإغاثي السوري-الألماني صفوح لبنيه يشكك في تصريح لـ DW عربية في ذلك: "أثبتت التجارب أن النظام غير جاد في التخفيف عن معاناة الناس، ولم يسمح لنا بالماضي في العمل في مناطق سيطرته. وأعتقد أنه يحاول استغلال المأساة لاحتكار تقديم العون وإعادة اكتساب شرعية دولية".

أنيتا ستاروستا من منظمة "ميديكو إنترناشونال" قالت في تصريحات لـ DW: "فيما يخص مناطق النظام لا يمكن تجاوز النظام في تنسيق تقديم المساعدات"، مشيرة بذلك لوعد النظام بالمساعدة ودعوته الأمم المتحدة للعون. ولكنها تؤكد أن "كل المساعدات المقدمة لدمشق تذهب لمنظمات مرتبطة بعائلة الأسد ومن هنا يأتي سعي النظام ليمر كل شيء عن طريقه".

هذا وأشار المصطفى بنلمليح المنسق المقيم للأمم المتحدة لرويترز في مقابلة عبر رابط فيديو من دمشق أن "الأضرار التي لحقت بالطرق ونقص الوقود والطقس الشتوي القاسي في سوريا كلها عوامل تعرقل مواجهة الوكالة لآثار الزلزال".

واليوم الثلاثاء دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك روسيا إلى المساعدة في الضغط على دمشق للسماح بدخول المساعدات الإنسانية ودون أي عقبات إضافية.

وفي مؤتمر صحفي في برلين مع وزير الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان، قالت بيربوك: "من المهم تنحية الأسلحة جانباً الآن وتركيز كل الجهود في المنطقة على المساعدات الإنسانية وعلى انتشال الضحايا وحمايتهم" موضحة أن كل دقيقة تحدث فارقاً.

إدلب في عين العاصفة والزلزال

حالياً تصل المساعدات إلى المناطق التي يسيطر عليها المعارضة المدعومة من تركيا وجهاديون من "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) في إدلب وأجزاء من ريف حلب عبر تركيا بفضل آلية انشئت عام 2014 بموجب قرار لمجلس الأمن الدولي.

لكن دمشق وحليفتها موسكو تعترضان على هذه الآلية وتعتبرانها انتهاكاً للسيادة السورية، وبمرور الوقت جرى تقليص المعابر المخصصة للمساعدات من أربعة الى واحد بضغط من روسيا والصين.

ويبدي معنيّون بالعمل الاغاثي قلقهم من ازدحام معبر باب الهوى في حال كان المنفذ الوحيد، لكنهم يشككون في الوقت عينه في إمكانية إعادة تفعيل المعابر الحدودية الأخرى.

وتتعثر جهود الإنقاذ بسبب ظروف الطقس وعدم توافر المعدات اللازمة. ويقوم رجال الإنقاذ بإزالة أكوام الحطام باستخدام أدوات بسيطة وبأيديهم. وقال مدير منظمة الدفاع المدني التابعة للمعارضة السورية اليوم الثلاثاء "فرقنا تبذل الكثير من الجهد لكنها غير قادرة على التعامل مع حجم تداعيات الكارثة والعدد الكبير من المباني المنهارة".

وقال فريق الاستجابة الطارئة في سوريا، وهو منظمة غير حكومية تعمل في المنطقة التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، إن العواصف الثلجية أغلقت الطرق داخل المخيمات المؤقتة التي تؤوي عشرات الآلاف من النازحين السوريين.

وقال سلامة إبراهيم وهو من قيادات رجال الإنقاذ العاملين في مدينة سرمدا حيث تسبب الزلزال في تدمير حي بأكمله "نواجه صعوبة كبيرة في توفير معدات ثقيلة بسبب الانتشار الواسع للأماكن المتضررة".

ويقول زهير القراط مدير صحة مدينة إدلب إن معظم المستشفيات ممتلئة والوضع كارثي، وهناك حاجة ماسة إلى أدوية لتلبية الاحتياجات.

ويرى الأستاذ رافايل بيتي من منظمة "مهاد" الفرنسية غير الحكومية، أن إرسال المساعدة الى سوريا هو أكثر إلحاحاً (من إرسالها إلى تركيا) "لأن وضع السكان كان مأسوياً" حتى قبل الزلزال. وأبدى قلقه على وجه الخصوص بشأن محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، خصوصاً وأن السلطات التركية منشغلة حالياً بتوفير المعونة لمواطنيها المنكوبين.

وحتى قبل وقوع الزلزال قدرت الأمم المتحدة أن أكثر من أربعة ملايين شخص في شمال غرب سوريا يعتمدون على المساعدات عبر الحدود.

وتقول الأمم المتحدة إن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى دعم إنساني هو الآن أكبر من أي وقت مضى منذ بدء الحرب، إذ يحتاج 70 في المئة من السكان إلى المساعدة. وكان ذلك قبل وقوع الزلزال. وقال بنلمليح "إنهم نفس الأشخاص - يعانون أكثر" الآن.

وقالت أديلهيد مارشانج كبيرة مسؤولي الطوارئ في منظمة الصحة العالمية إن سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية ضخمة بعد الزلزال الذي تسبب في "أزمة على رأس أزمات متعددة".

عوائق لوجستية

ومن طرفها، قالت متحدثة باسم الأمم المتحدة إن تدفق مساعدات المنظمة المهمة من تركيا إلى شمال غرب سوريا توقف مؤقتاً بسبب الأضرار التي لحقت بالطرق ومشاكل لوجستية أخرى مرتبطة بالزلزال العنيف الذي ضرب البلدين.

وقالت ماديفي سون سوون المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لرويترز: "بعض الطرق معطلة والبعض الآخر لا يمكن الوصول إليه. هناك مشكلات لوجستية تحتاج إلى حل". وأضافت "ليس لدينا صورة واضحة عن موعد استئنافها".

ومن جهته عبر تيدروس أدهانوم جيبريسوس، مدير منظمة الصحة العالمية، عن قلقه على نحو خاص إزاء مناطق في تركيا وسوريا لم ترد منها أي معلومات منذ وقوع الزلزال المدمر. وقال في جنيف "إننا قلقون على نحو خاص بشأن المناطق التي لم تردنا معلومات منها بعد. (تصور) الأضرار من إحدى الوسائل لاستنتاج الأماكن التي نحتاج لتركيز انتباهنا فيها".

صعوبات قانونية ودبلوماسية

وقال مسؤول برنامج سوريا في منظمة أطباء بلا حدود مارك شاكال إن البلاد "لا تزال منطقة غير واضحة من وجهة نظر قانونية ودبلوماسية"، مشددا ًعلى الحاجة الى إرسال المساعدات "في أسرع وقت". وأبدى شاكال خشيته من أن تكون تبعات الزلزال أكبر من قدرة المنظمات الإنسانية المحلية والدولية الحاضرة في مختلف المناطق السورية.

ولم يوقع الزلزال أعداد كبرى من الضحايا في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية في شمال وشمال شرق البلاد. حين أعلنت الإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) أمس الاثنين عن سبعة قتلى و40 مصاباً.

وتوضح المسؤولة في منظمة "ميديكو إنترناشونال، أنيتا ستاروستا، التي كانت في زيارة الأسبوع الماضي للمناطق في شمال وشمال غرب سوريا: "كما هو معروف، لا توجد نقطة عبور تابعة للأمم المتحدة في الشمال الشرقي (حيث تسيطر الإدارة الذاتية)، على الرغم من الحاجة إلى المساعدة الدولية هناك أكثر من أي وقت مضى. يقوم الهلال الكردي بالفعل بإنشاء مدن من الخيام هناك".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان