لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فوضى في بورتسودان والآلاف يحاولون الفرار خارج البلاد

10:50 ص الإثنين 01 مايو 2023

إجلاء من الميناء السوداني

الخرطوم - (بي بي سي)

أصبح ميناء بورتسودان سريعا المعبر الرئيسي لإجلاء المدنيين بعيدا عن المعارك الدائرة في البلاد، وانضمت كبيرة مراسل بي بي سي الدوليين ليز دوسيت إلى أحدث مهمة إجلاء من الميناء السوداني، باتجاه ميناء جدة السعودي.

في ظلمات الليل تمخر السفينة الحربية السعودية (الدرعية)، عباب البحر الأحمر، باتجاه الساحل السوداني، بينما يقوم الضباط السعوديون بتحريك الأضواء لتأمين مسار السفينة، لدخول ميناء بورتسودان، الذي تحول إلى معبر رئيسي لإجلاء المدنيين، وإدخال المعونات إلى السودان، خلال الأزمة الجارية.

حتى في الثانية صباحا، كانت هناك سفينتان أخريان عند مدخل الميناء، في انتظار الإذن لهما بالدخول، للقيام بعمليات الإجلاء.

ويقول حسن فراز المواطن الباكستاني "أشعر بالراحة لكن أيضا أشعر بالحزن لأني عاصرت ما يحدث".

وصلنا رصيف الميناء، بعد نحو 10 ساعات على متن السفينة الحربية السعودية، التي انطلقت من ميناء جدة، كنا مجموعة صغيرة من الصحفيين الذين حصلوا على الإذن النادر لدخول السودان في هذه الظروف، ولو لفترة قصيرة.

"سيواصل الناس التحدث عما يجري هنا لسنوات عديدة"، هكذا قال فراز بينما ينتظر في طابور طويل، أمام حاجز مراجعة جوازات السفر ومقارنتها بقائمة الإجلاء السعودية، وهذه المرة كانت تضم الكثير من أسماء الشباب من جنوب شرق أسيا، الذين أكدوا أنهم انتظروا هنا أياما طويلة، بعد نحو أسبوعين شديدي الصعوبة من المعارك.

وتحدث شخص آخر من باكستان قال إنه كان يعمل في مصنع معادن سوداني وإنه "رأى الكثير من القنابل التي انفجرت" قبل أن يؤثر الصمت محملقا باتجاه البحر.

وتحولت المعارك الى ما يشبه الحرب الكاملة، رغم اتفاقات وقف إطلاق النار المتكررة، والتي يجري انتهاكها، وهي صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقائده اللواء عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع وقائدها محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي.

ويقول رفيقي الذي يحمل الجنسيتين السودانية والبريطانية مهند هاشم "بورتسودان أصبح أفضل حالا في هذه الحرب، فقد اندلع القتال هنا خلال اليوم الأول فقط، ثم اكتظ الميناء والمدينة بالمدنيين الفارين من الخرطوم والمدن الأخرى".

لقد عبرنا للتو إلى جوار النادي البحري، الذي تحول إلى مقر لاستضافة عشرات الفارين من الخرطوم، حيث ينام الكثيرون بشكل اضطراري، حتى في الشارع، بينما اكتظت الفنادق ومقرات الإقامة، بأشخاص يحملون جنسيات دول مختلفة حول العالم، إضافة إلى العديد من مكاتب الخدمات القنصلية التي افتتحت هنا على عجل، من قبل السفارات التي تحاول إجلاء دبلوماسييها من العاصمة.

ويخشى الكثيرون من عدم تمكنهم من الخروج من البلاد، ورغم ذلك تكتظ مدينة بورتسودان بالكثيرين ممن يحملون جوازات سفر أقل حظا مثل السوريين واليمنيين والسودانيين.

نحو 3 آلاف يمني جُلهم من الطلاب، يتجمعون في بورسودان بحثا عن طريق للخروج، ويقول ضابط أمن "السعوديون يقومون بإجلاء اليمنيين لكنهم يشعرون بالتوتر من قبول أعداد كبيرة منهم".

ويتم توفير إقامة فندقية قصيرة للكثيرين لدى وصولهم السعودية، لكن يتم الإيضاح لهم أنه من المتوقع أن تقوم دولهم بنقلهم سريعا، ودفع فاتورة الإقامة.

وتجول مهند هاشم في المدينة بحثا عن أقاربه المقيمين فيها، والذين ربما يحاولون الفرار أيضا خارج البلاد، وقبل ذلك بيوم واحد وجد مهند نفسه يعانق أحد أقاربه في قاعدة الملك فيصل العسكرية، قبيل انطلاقنا في رحلتنا إلى بورتسودان، حيث كان قريبه قد وصل للتو مع اثنين من أطفاله قادما من السودان.

وتقول رشا التي تضع إيشاربا ورديا على شعرها، "من فضلكم ساعدونا أسرتي لا تزال في السودان"، تقول ذلك بينما تحاول أن تهدهد طفلها النائم على صدرها، وتضيف "من فضلكم أخبروا العالم أن يوفر الحماية للسودان"، ويعيش أفراد أسرتها في المدينة الرياضية قرب الخرطوم، والتي تشهد أعنف المعارك.

وتتحدث ابنتها البالغة من العمر 8 سنوات، لين، الانجليزية بطلاقة، بلكنة أمريكية، وأخبرتنا بتفاصيل كيفية اقتحام المسلحين منزلهم، "لقد اضطررنا جميعا للاختباء، عشرة أفراد اختبأوا في الغرفة الخلفية"، مضيفة "لقد بقيت هادئة ولم أبك، لأننا لم نكن نستطيع أن نحدث أي صوت"

وتواصل لين "لقد كانوا أشرارا بالفعل"، وقال شقيقها إن والدهم أشار إلى أنهم من قوات الدعم السريع، والذين يوجه إليهم اللوم بخصوص أغلب عمليات نهب المدنيين، والعنف بحقهم.

ولا تقتصر الحرب المشتعلة في السودان على الخلافات الشخصية بين البرهان وحميدتي، ولا الصراع على السلطة، بل تتعدى الأسباب إلى تضارب المصالح بين القوتين الأبرز في البلاد.

وقد اعتادت القوتان الإقليميتان الأبرز في المنطقة، السعودية والإمارات على دعم حميدتي، ماليا والذي كسب الكثير من الأموال من إرسال جنوده للقتال إلى جانبهم خلال الفترة الأولى من حربهم المدمرة ضد الحوثيين في اليمن.

لكن في السنوات الأخيرة اقتربت الرياض بشكل أكبر من البرهان، ووطدت علاقاتها بالجيش، كما تنخرط روسيا عبر مرتزقة فاغنر، وإسرائيل، ومصر أيضا، في الوضع السياسي المعقد في البلاد الغنية بالثروات المعدنية، والزراعية.

لكن في الصراع الجاري، تقوم الولايات المتحدة وبريطانيا، والقوى الكبرى التي قد تكون وسيط سلام بموازنة الأمور، لكن القوى الخارجية يقال الآن إنها تتحدث بلغة واحدة، سعيا لوقف إطلاق النار، ووقف الوضع المتدهور، ومعاناة المدنيين.

ويعبر الدبلوماسيون عن الامتنان للسعودية، وعمليات الإجلاء التي قامت بها، وشملت أكثر من 5 آلاف شخص حتى الآن، من 100 جنسية، نقلتهم جميعا عبر البحر الأحمر إلى جده، مستخدمة سفنها الحربية، بينها ما عرف بأكبر عملية إجلاء مفردة ضمت ألفي شخص، بينهم بعض الإيرانيين، والذين كانت بلادهم على عداء شديد مع السعودية، قبل التقارب الأخير، وإعادة تبادل السفارات.

وتقول المهندسة المدنية نازلي، البالغة من العمر 32 عاما، "إنه من حسن حظنا، ونرجو أن يسود السلام بين البلدين"ونزلت نازلي إلى ميناء جدة، صحبة زوجها المهندس هو الآخر، والذي كان يعمل سنوات طويلة في السودان.

وفي يوم الأحد، بينما تعبر إلى جانبنا سفينة أخرى تحمل مدنيين بعيدا عن السواحل السودانية، رأيتهم يلتفتون ويلقون نظرة الوداع لدولة يأسفون على أنهم ربما لن يعودوا إليها أبدا.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان