400 رضيع يواجهون الموت جوعًا.. مأساة أيتام الخرطوم بعد هروب الأمهات البديلات
كتبت- سارة أبو شادي
على بُعد أمتار من مبنى القيادة العامة للجيش السوداني، وتحديدًا في ضاحية السجانة، مبنى معلقة أعلاه لافتة "دار رعاية الأطفال.. المايقوما"، الدار التي يعيش داخلها نحو 400 رضيع لا مأوى لهم سواها، كانت هي الملاذ الآمن الوحيد أمامهم بعدما فقدوا عائلاتهم، ومع اندلاع الحرب وشدة القتال بالقرب من الدار، هربت الأمهات وتركن أطفالًا يواجهون الموت جوعًا.
"الزنقة حصلت في الـ3 أيام الأولى بتاع الحرب حاولنا إجلاء الأطفال بس ما ظبط" ياسر بكري أحد المتطوعين بالدار، يسرد معاناة نحو 400 طفل أغلبهم لم يتجاوز عمره الأربع سنوات، يعيشون في ظل ظروف قاسية بعد عدم توافر الطعام لهم، إضافة إلى هروب الأمهات البديلات اللاتي يعتنين بهم.
"المايقوما" دار تتبع لوزارة الرعاية الاجتماعية الحكومية في ولاية الخرطوم، ومسؤولة من الحكومة مسؤولية مباشرة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، وفي ظل اندلاع الحرب بشكل مفاجئ لم يكن هناك مخزون كبير من الألبان والمستلزمات الغذائية للأطفال ما تسبب في أزمة غذاء داخل المؤسسة.
"الكبار هربوا وما تحملوا الضرب فما بالك بالأطفال" بعد أيام من بداية الحرب في الخرطوم، نفدت الألبان والأغذية المخصصة للأطفال المتواجدين بالدار، نتيجة انقطاع الإمدادات، صرخات الأطفال المرتفعة لم تشفع لهم لدى طرفي الصراع بالمدينة، فظل القتال دائرًا بالقرب منهم لساعات طويلة، حاولت نحو 7 سيدات فقط من الأمهات البديلات ممن رفضن الخروج وترك الأطفال تهدئتهم لكن الـ7 أمهات لم يكن وجودهن كافيًا لرعاية 400 طفل كان نحو 700 أم بديلة يقمن على رعايتهم.
حاول ياسر وعدد من المتطوعين والمسؤولين عن الدار التواصل مع وزارة الرعاية السودانية وعدد من المؤسسات المعنية بهم، من أجل محاولة إجلاء الأطفال لمكان أكثر أمانًا، أو حتى توفير الاحتياجات اللازمة لهم، لكن في ظل الظروف القائمة لم يتلقوا أي رد على محاولاتهم تلك، حتى حدثت الفاجعة وهي موت 3 أطفال جوعًا ما دفع القائمين على الدار لنشر استغاثات من أجل إنقاذ هؤلاء الأطفال.
"احتياجات الدار ماكانت كافية الأطفال ماتوا نتيجة العطش والجوع والإهمال" الـ3 أطفال كانوا حديثي الولادة أعمارهم لم تتجاوز الأربعة أشهر، كانت الطفلة "ناجية" من بينهم حتى اسمها لم يكن لها نصيب منه، ناجية ورفاقها رحيلهم كان سببًا كافيًا لإنقاذ أشقائهم الـ 397 ممن يسكنون بالدار حاليا، فعقب الإعلان عن وفاة الـ3 أطفال بدأ الكثير من المتطوعين يتوافدون على المكان من أجل المساعدة لرعاية الأطفال بل وساهم عدد آخر في توفير الاحتياجات اللازمة لهم من طعام وألبان وملابس.
المتطوعون هم من يساعدون الأطفال حاليًا، خاصة في ظل انخفاض حدة القتال بالقرب من الدار، لكن تظل الأزمة قائمة والتي يتخوف منها المسؤولون عن الدار وهي عودة القتال بشكل كبير وحدوث أزمة في الاحتياجات مرة ثانية، تلك المرة سيكون مصير الأطفال مثل ناجية وشقيقيها الراحلين.
"لم تقتصر الأزمة على دار المايقوما فقط للأطفال دون الخمسة أعوام، لكنها لا زالت قائمة وبشدة في دور رعاية الصغار والشباب فجميعهم معرضون للخطر، ويحتاجون لمكان آمن داخل السودان بعيدًا عن القتال الدائر يقطنون به لحين الانتهاء الحرب، خاصة أنّ هؤلاء الصغار لا مأوى لهم سوى دور الرعاية".
فيديو قد يعجبك: