الأول في المملكة المتحدة منذ 70 عامًا.. حفل تتويج تاريخي للملك تشارلز الثالث
لندن - (بي بي سي)
تُوج الملك تشارلز الثالث في حفل تتويج تاريخي، هو الأول في المملكة المتحدة منذ سبعين عاماً.
ووضع رئيس أساقفة كانتربيري تاج سانت إدوارد على رأس الملك خلال الحفل الذي أقيم في كنيسة دير وستمنستر.
وكان هذا التاج قد صُنع للملك تشارلز الثاني في القرن السابع عشر ويتم ارتداؤه فقط عندما يتم تتويج الملك أو الملكة_ وهو ما يعني أن الملك تشارلز الثالث لن يضعه مرة ثانية.
وعقب تتويج الملك، تم تتويج زوجته كاميلا ملكة.
وكانت مراسم التتويج قد بدأت في الساعة الحادية عشرة صباحاً بالتوقيت الصيفي وانتهت في الواحدة من بعد الظهر، وكان موضوعها الأساس أهمية الخدمة.
وقد انعكست هذه الفكرة في القسم والصلاة التي أداها الملك تشارلز، وفي العظة التي قدمها رئيس أساقفة كانتربيري، جاستن ويلبي.
فقد قال الملك تشارلز في أول صلاة له بعد وصوله إلى كنيسة الدير: "أتيت لا لكي أُخدَم بل لأخدِم".
وافتتح رئيس الأساقفة عظته بالقول: "اجتمعنا هنا لتتويج ملك، ونحن نتوج ملكاً ليخدم".
وأضاف: "لقد مُسح ملك الملوك يسوع المسيح بالزيت لا لكي يُخدم وإنما لكي يخدم. وأوجد القانون الذي لا يمكن تغييره وهو أنه مع امتياز السلطة يأتي واجب الخدمة".
وفي الدير، أعلن عن تشارلز "ملكاً بلا شك" في المرحلة الأولى من مراحل الحفل.
ثم طُلب من المجتمعين في الحفل إظهار ولائهم وخدمتهم للملك من خلال الهتاف "حفظ الله الملك".
وكانت هناك لحظات من الصمت التام بين القسم والموسيقى مع انتهاء كل مرحلة من مراحل الحفل العريق.
وأقسم الأمير ويليام أيضاً بالولاء للملك تشارلز، قبل أن يُطلب من المجتمعين في الحفل إظهار تأييدهم للملك.
وقد أطلقت المدفعية تحية للملك في 13 موقعاً في المملكة المتحدة، من بينها مدن لندن، وأدنبرة وهلسبورو، لحظة تتويج الملك تشارلز، بينما قرعت أجراس كنيسة دير ويستمنستر لمدة دقيقتين.
وفي هذه الأثناء، انطلقت حناجر الحشود في طريق ذي مول بهتاف "حفظ الله الملك" وسمعت أصوات فتح زجاجات المشروب احتفالاً بالمناسبة.
و على الرغم من الطقس الإنجليزي المعروف بتقلباته، إلا أنه كانت هناك أجواء احتفالية في "ذي مول"، مع تحية الجمهور بين الفينة والأخرى لعناصر الشرطة وحراس الأمن.
ومن بين المتفرجين كانت ألكسندرا هورنياك، البالغة من العمر 57 عاماً، من مونتريال في كندا.
وقالت لبي بي سي: "عرفت منذ سنوات أنني سأرغب بحضور هذا اليوم، وفي اليوم الذي أعلن فيه عن الموعد، كنت أقود سيارتي إلى المكتب، وزوجي اتصل بي وقال السادس من مايو/ أيار".
وأضافت " عرفت تماماً ما يعني ذلك. وسارعت إلى الهاتف لأحصل على حجز فندقي وتابعنا الموضوع من تلك اللحظة".
وقالت كارين دالي، 54 عاماً، من بيرمنغهام: "كان يمكننا القيام بهذا في البيت، لكن الأجواء جيدة للغاية والجميع سعداء حقاً."
وأضافت: "عندما توفيت الملكة، لم نستطع القدوم لأننا لم نستطع جميعاً الحصول على إجازة من العمل. وبالتالي فقد حجزنا الاجازة حالما عرفنا بموعد التتويج".
وحضر في الكنيسة نحو 2,300 مدعو إلى قداس التتويج، ومن بينهم الأمير هاري الذي وصل بصحبة ابنتي عمه الأميرة يوجين والأميرة بياتريس.
وكان الأمير هاري، دوق ساسيكس، قد وصل إلى البلاد الجمعة قادماً من الولايات على متن طائرة تجارية.
وهذه هي المرة الأولى منذ نشر مذكرات الدوق التي شوهد فيها الأمير أمام الملأ بصحبة شقيقه الأمير ويليام، أمير ويلز وإن كانت تفصلهما عدة صفوف من المقاعد خلال الحفل.
وعقب قداس التتويج، شوهد وهو يغادر كنيسة دير ويستمنستر وحيداً في سيارة من طراز "بي أم دبليو". وشوهد الأمير أندرو وهو يتبعه في سيارة أخرى بصحبة الأميرة يوجين وزوجها جاك بروكسبانك.
ويُعتقدُ بأن الأمير هاري سيعود بسرعة إلى الولايات المتحدة للانضمام إلى زوجته ميغان، حيث يحتفل ابنه آرتشي بعيد ميلاده الرابع اليوم.
وكان هناك حضور لافت للمدعويين من المشاهير، ومن بينهم الممثلة إيما تومبسون والمغنية الأمريكية كيتي بيري.
كما وصلت السيدة الأمريكية الأولى جيل بايدن وحفيدتها فينيغان في موكب من ثلاث سيارات. أما الرئيس جو بايدن فلم يحضر إلى المملكة المتحدة.
وكان من بين الحضور في الكنيسة أيضاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والسيدة الأولى في أوكرانيا أولينا زيلينسكا، وكذلك رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك وقادة دول الكومونويلث.
وقد تجمع الآلاف من الحشود التي تحمل الأعلام البريطانية على طول الطريق الذي سيمر منه الموكب، حيث خيم الكثيرون منهم في المكان خلال الليل.
ووصل الآلاف من أفراد القوات المسلحة إلى لندن للمشاركة في الموكب، وثمة عملية أمنية ضخمة تجري الآن لتأمين الموكب.
وعقب إتمام المراسم في الكنيسة، سيغادر الملك وكاميلا ودير وستمنستر عائدين إلى قصر باكنغهام.
ووصل أكثر من 5000 من أفراد القوات المسلحة بالقطار إلى محطة ووترلو من الحاميات في ربوع البلاد.
وبحسب شبكة سكك الحديد، فإن هذه أكبر عملية نقل لأفراد القوات المسلحة على متن قطارات سكك الحديد منذ جنازة وينستون تشرشل في 1965.
واصطف الآلاف على جانبي الطريق الذي مر منه الموكب على الرغم من توقعات الأرصاد الجوية بهطول أمطار.
ومن بين هؤلاء الأشخاص المصطفين الطفل هودسون البالغ من العمر 10 أعوام، والذي شهد خلال الأعوام القليلة الماضية حفل زواج الأمير هاري وميغان، واحتفالات اليوبيل والجثمان المسجى للملكة الراحلة.
وقال لبي بي سي: "أنا متحمس للغاية. متحمس لرؤية الملك في العربة الذهبية، وآمل أن أرى (عرض) الطائرات."
وكان تشارلز قد أصبح ملكاً للمملكة المتحدة ولـ 14 دولة اخرى في سبتمبر/ أيلول، عندما توفيت والدته إليزابيث بعد 70 عاماً من جلوسها على العرش. وكانت هناك استعدادات مكثفة منذ شهور لتنظيم الاحتفالات بالتتويج- وهو التتويج رقم 40 الذي يجري في كنيسة دير وستمنستر منذ العام 1066.
وترأس القداس في الكنيسة رئيس أساقفة كانتربيري جاستن ويلبي، بحضور الضيوف الذين يشكلون طيفا واسعا يتراوح بين السيدة الأولى للولايات المتحدة جيل بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومذيعي البرامج الترفيهية آنت و ديك.
وساعده في ذلك أسقف يورك ستيفن كوتريل، الذي وصل مبكراً إلى كنيسة دير وستمنستر.
وكانت أولينا زيلينسكا، زوجة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قد التقت بكاثرين، أميرة ويلز في حفل استقبال قبل التتويج أقيم الجمعة في قصر باكنغهام.
والتقطت صور للملك تشارلز وهو يتبادل الكلمات الترحيبية مع سيدة أوكرانيا الأولى ويستقبل ماري، ولية عهد الدنمارك، بمصافحة وقبلة على الخد.
وثار جدل حول ما إذا كان قد طُلب من الناس في منازلهم أن يتعهدوا بالولاء للملك.
وأوضحت كنيسة انجلترا أن هذا الأمر اختياري تماماً وإن الناس يمكنهم عوضاً عن ذلك أن يحظوا "بلحظة تأمل خاصة".
وكانت ذروة الحفل عملية وضع تاج سانت إدوارد على رأس الملك، وهي اللحظة التي شهدت قرع أجراس كنيسة ويستمنستر آبي وإطلاق طلقات تحية من مدفعية منصوبة في ساحة مبنى موكب الحراس من راكبي الخيول.
وتم تتويج كاميلا إلى جانب الملك- وبعد العلاقة الطويلة والمعقدة بينهما، سيتم وصفها الآن رسمياً بلقب "الملكة كاميلا".
ويؤكد الحفل على التنوع والدمج، بوجود عناصر متعددة الأديان أكثر من أي مراسم تتويج سابقة، بمساهمات من ممثلين عن اليهود والمسلمين والبوذيين والسيخ.
ويتلو رئيس الوزراء الهندوسي ريشي سوناك درساً من الإنجيل، وستعزف الموسيقى وتنشد الأغاني باللغات الويلزية والاسكتلندية والغالية الإيرلندية.
وتشارك قساوسة من النساء للمرة الأولى في قداس للتتويج تعود تقاليده إلى حوالي ألف عام.
وبعد انتهاء القداس، في حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر بالتوقيت الصيفي، سيعود الملك تشارلز والملكة كاميلا على متن العربة الملكية الذهبية إلى قصر باكنغهام، في موكب مهيب بطول 1,6 كيلومترا، بمرافقة 4000 جندي و19 فرقة عسكرية.
وقد نفذت بروفات للموكب بعناية فائقة من خلال السير على طريق يماثل الطريق الذي سيمر منه الموكب الحقيقي مع وضع علامات حول المعالم البارزة باستخدام الأقماع المرورية.
وهنالك خطط لكي تقوم الطائرات بالتحليق في استعراض جوي فوق القصر عندما يطل أفراد العائلة الملكية من شرفة القصر، ولكن هناك مخاوف من الطقس حيث تفيد الأرصاد الجوية أنه سيكون غائماً وماطراً.
وقد اجتذبت مراسم التتويج أيضاً مجموعة صغيرة من المحتجين من مجموعة "الجمهورية" وهي مجموعة تدعو إلى إلغاء الملكية، والتي تحتشد بهذه المناسبة في ميدان ترافلغار (الطرف الأغر).
ورافقت المراسم عملية أمنية ضخمة، حيث وضعت شرطة العاصمة 11,500 شرطي في الخدمة فيما تقول إنه أكبر انتشار لعناصرها في يوم واحد على الإطلاق.
ودافعت الجماعات المناهضة للملكية عن حقها في الاحتجاج، لكن الشرطة حذرت من أن "تسامحها مع أي تعطيل سواء من خلال الاحتجاج أو غير ذلك، سيكون قليلاً للغاية".
وثار جدل أيضاً حول قائمة المدعويين للمراسم، مع انتقادات لحضور نائب الرئيس الصيني هان زينغ، المتهم بالإشراف على عملية قمع الحريات المدنية في هونغ كونغ.
وقد بث حفل التتويج إلى جمهور عالمي ضخم، حيث وصلت إلى لندن طواقم تلفزيونية من مختلف مناطق العالم.
وشاهد الجمهور العالمي أبهة ورمزية دينية وتقاليد عريقة، مع تتويج الملك تشارلز الثالث على كرسي تتويج عمره 700 عام، في مراسم لم يرها معظم الناس من قبل في حياتهم.
فيديو قد يعجبك: