لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

40 يومًا وسط الأفاعي والنمور.. ما قصة النجاة الدرامية لأطفال بعد ضياعهم في غابة؟

03:51 م الإثنين 12 يونيو 2023

لندن - (بي بي سي)

عادت أجهزة راديو الجيش إلى الحياة يوم الجمعة في جوف الليل في قلب الغابة الكولومبية برسالة كانت الأمة كلها تصلي من أجلها: "معجزة، معجزة، معجزة، معجزة".

وعثر الجيش على الأطفال الأربعة الذين كانوا مفقودين في الغابة لمدة 40 يوما، على قيد الحياة.

وكان الأطفال، وجميعهم من سكان هويتوتو الأصليين، في عداد المفقودين منذ تحطم الطائرة الخفيفة التي كانوا يستقلونها في منطقة الأمازون في الساعات الأولى من اليوم الأول من مايو/أيار.

وتسببت المأساة في مقتل والدتهم وإمضاء الأطفال - الذين تتراوح أعمارهم بين 4 أعوام و 13 عاما - أكثر من شهر وحيدين في منطقة تعج بالأفاعي والنمور والبعوض.

وظلت الأم في غابة الأمازون على قيد الحياة لمدة أربعة أيام بعد تحطم الطائرة.

وطلبت ماغدالينا موكوتوي من أطفالها أن يتركوها ويبحثوا عن المساعدة بينما كانت تحتضر.

وقال والد الأطفال، مانويل رانوك، في حديثه للصحفيين إن ابنته الكبرى أخبرته أن والدتهم حثتهم على "تركها" وإنقاذ أنفسهم.

وقال رانوك للصحفيين خارج المستشفى: "الشيء الوحيد الذي أوضحته لي ليزلي، البالغة من العمر 13 عاما، هو أن والدتها كانت في الواقع على قيد الحياة لمدة أربعة أيام".

وأضاف: "قالت لهم قبل أن تموت شيئا من قبيل: "عليكم أن تتركوا المكان. سترون رجلا يشبه والدكم، ترون منه الحب العظيم الذي رأيتموه مني".

وخشيت فرق الإنقاذ في البداية من حدوث الأسوأ، لكن آثار الأقدام، وبقايا الفواكه البرية المأكولة، سرعان ما منحتهم أملا وأدلة أخرى على أن الأطفال ربما ما زالوا على قيد الحياة بعد أن تركوا موقع تحطم الطائرة بحثا عن المساعدة.

وعلى مدى الأسابيع الستة التالية، ظل الأطفال يصارعون الطبيعة ويواجهون الصعاب، بطريقة وصفها رئيس كولومبيا، غوستافو بيترو، بأنها "مثال للقدرة على البقاء، سيخلدها التاريخ".

أطفال الغابة

إذا كان هناك أطفال مستعدين جيدا للتعامل مع مثل هذه المحنة، فإنهم أطفال أسرة"موكوتوي" بلا شك.

كان هؤلاء الأطفال، وهم من سكان هويتوتو، يعرفون صيد الحيوانات وصيد الأسماك والعيش في تجمعات لأنهم تربوا على ذلك منذ سن مبكرة.

وقال جدهم فيدينسيو فالنسيا للصحفيين إن أكبر الأطفال، ليزلي وسوليني، كانا على دراية جيدة بطبيعة الغابة.

وقالت عمة الأطفال، داماريس موكوتوي في حديثها إلى وسائل الإعلام الكولومبية، إن الأسرة معتادة على ممارسة "لعبة البقاء على قيد الحياة".

أضافت: "عندما كنا نلعب، كنا نقيم شيئا مثل المعسكرات الصغيرة".

وقالت ليزلي البالغة من العمر 13عاما: "كنا نعرف الفواكه التي لا نستطيع تناولها، لأن في الغابة كثيرا من الفواكه السامة. وكنت أعرف كيف أعتني بطفل رضيع".

وبعد تحطم الطائرة قامت ليزلي ببناء ملاجئ مؤقتة من فروع أشجار ثبتتها معا بأربطة شعرها.

واستعادت بعض الطحين من حطام الطائرة التي كانوا يستقلونها.

وقال إدوين باكي، أحد قادة السكان الأصليين الذين شاركوا في جهود البحث، للصحفيين: "إن الأطفال ظلوا على قيد الحياة بفضل الطحين حتى نفد، ثم أخذوا يأكلون البذور".

وأضاف: "هناك فاكهة شبيهة بالباشن فروت، تسمى أفيشور". وكان الأطفال يبحثون عن بذور من شجرة أفيشور على بعد كيلومتر ونصف من موقع تحطم الطائرة ليأكلوها.

وقالت أستريد كاسيريس، رئيسة المعهد الكولومبي لرعاية الأسرة، إن توقيت محنتهم يعني أن "الغابة كانت في حالة حصاد"، ويمكنهم تناول الفاكهة التي كانت في حالة ازدهار.

لكنهم ظلوا يواجهون تحديات كبيرة للبقاء على قيد الحياة في بيئة غير آمنة.

وقال خبير السكان الأصليين، أليكس روفينو، في حديثه إلى بي بي سي موندو السبت إن الأطفال كانوا في "غابة مظلمة للغاية وكثيفة للغاية، توجد فيها أكبر الأشجار في المنطقة".

وأضاف أنه توجد في الغابة أوراق يمكن للأطفال استخدامها في تنقية المياه، لكنه قال إن "بعضها الآخر سام".

وقال: "إنها منطقة لم تستكشف. البلدات صغيرة وقريبة من النهر وليست في الغابة".

وعانى الأطفال، بالإضافة إلى تجنب الحيوانات المفترسة، من عواصف مطيرة شديدة، وربما اضطروا إلى الهروب من الجماعات المسلحة التي قيل إنها نشطة في الغابة.

وقال الرئيس بيترو إن الأطفال أجبروا في إحدى المراحل على الدفاع عن أنفسهم من الكلاب البرية.

لكنه أشار إلى أن طفلا يبلغ من العمر 13 عاما، ونشأ في مجتمعه الأصلي، سيمتلك بالفعل العديد من المهارات اللازمة للبقاء في مثل هذه البيئة.

وقال جون مورينو، زعيم جماعة غوانانو في فاوبس الواقعة في الجزء الجنوبي الشرقي من كولومبيا حيث نشأ الأطفال، إن "جدتهم ساعدت في تنشئتهم"، وهي سيدة عجوزة من السكان الأصليين، وتحظى باحترام كبير.

وأضاف: "استخدم الأطفال ما تعلموه من المجتمع، ومن أجدادهم، لأجل البقاء على قيد الحياة".

عملية إنقاذ درامية

ومع استمرار البحث لفترة طويلة تعرض المسؤولون في بوغوتا لضغوط بسبب بطئه.

وواجه الرئيس بترو انتقادات بعد أن نشر مكتبه تغريدة كاذبة قال فيها إنه عثر على الأطفال.

ووزعت السلطات 10,000منشور بها نصائح للبقاء على قيد الحياة مكتوبة باللغة الإسبانية ولغة هويتوتو الأصلية، وأطلقت طائرات الهليكوبتر رسائل من جدة الأطفال من مكبرات الصوت لطمأنة الأطفال الذين يبحثون عنهم.

لكن الجيش، دون علم وسائل الإعلام، كان يقترب بشكل متزايد من العثور على الأطفال.

وقال قائد البحث الجنرال بيدرو سانشيز إن فرق الإنقاذ مرت في عدة مناسبات على مسافة 20 إلى 50 مترا من المنطقة التي عثر فيها على الأطفال.

وبحلول الوقت الذي اكتشف فيه الأطفال، كان يشارك حوالي 150 جنديا و200 متطوع من مجموعات السكان الأصليين المحلية في البحث، الذي كان يمشط مساحة تزيد على 300 كيلومتر مربع.

وقال الجنرال سانشيز للصحفيين خلال عملية البحث: "هذا ليس بحثا عن إبرة في كومة قش، إنه برغوث صغير في سجادة ضخمة، لأن الأطفال يواصلون الحركة".

وبعد بحث استمر مدة شهر، وفي يوم الجمعة استدلت كلاب إنقاذ متخصصة على الأطفال.

وقال أحد أفراد الإنقاذ لوسائل الإعلام الكولومبية إن الكلمات الأولى التي قالتها الابنة الكبرى، ليزلي، التي كانت تحمل طفلا بين ذراعيها، كانت "أنا جائعة".

ونهض أحد الأولاد الذي كان مستلقيا وقال: "أمي ماتت".

وأظهر مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الكولومبية الأطفال وهم يُنقلون إلى طائرة هليكوبتر في الظلام فوق الأشجار العالية. ونقلوا بالطائرة إلى العاصمة بوغوتا حيث نقلتهم سيارات الإسعاف إلى المستشفى لتلقي مزيد من العلاج.

وشكرت أسرة الأطفال الجيش على مواصلة بحثه رغم ضعف فرص النجاة، كما أشاد الرئيس بترو بجهود الجيش والمتطوعين، مثنيا على التعاون بين السكان الأصليين والجيش، ومضيفا أن "هذا هو الطريق الصحيح للسلام".

لكنه كرس كثيرا من مدحه للأطفال ولعلاقتهم بالبيئة.

وقال "إنهم أبناء الغابة، وهم الآن أطفال كولومبيا كلها".

وأشار كثيرون في كولومبيا الكاثوليكية إلى إنقاذ الأطفال على أنه "معجزة"، أما روفينو، خبير السكان الأصليين، فقال إن القصة الحقيقية تكمن في "علاقتهم الروحية بالطبيعة".

وأضاف: "الغابة ليست خضراء فقط، لكن بها ما يرتبط به السكان ويتعلمون منه ويساعدون بعضهم بعضا".

وقال: "من الصعب فهم هذا، كما أعلم، لكن هذه فرصة جيدة للمجتمع والبشر للتعرف على وجهات النظر العالمية المختلفة الموجودة في تلك المناطق".

وأضاف: "الأم، التي لفظت أنفاسها بعد تحطم الطائرة بأيام، هي التي حمتهم. والآن فقط عليها أن ترتاح في سلام."

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان