ما هي تداعيات مصرع قائد فاجنر على بوتين وغزوه لأوكرانيا؟
(دويتشه فيله)
الإعلان عن مقتل يفجيني بريغوجين، "طباخ بوتين" وصديقه المقرب، بعد شهرين من قيادته تمرد على سيد الكرملين طرح أسئلة وجيهة أكثر مما قدم من إجابات شافية.
لم تكن وفاة يفغيني بريغوجين، زعيم مجموعة فاجنر، في تحطم طائرة الأربعاء الماضي عن عمر يناهز 62 عاماً، بالحادث المفاجئ، بل تمثلت المفاجأة في طريقة مقتله.
وفي مقابلة مع DW، قالت الصحافية الروسية المتخصصة في الصحافة الاستقصائية، إيرينا بوروغان، إن طريقة مقتل بريغوجين على "النحو الذي حدث يعد بالأمر الجديد رغم أن كافة الملابسات قد لا تكشف أبداً".
ورغم تقديم بوتين تعزية لأسرة "طباخه" السابق وصديقه قبل أن يتمرد عليه، إلا أن البعض ما زال يشكك في وفاة زعيم مجموعة فاجنر أو على أقل تقدير في أن وفاته كانت عرضية.
وفي ذلك، قال غيرهارد مانغوت، الخبير السياسي من النمسا، لـ DW إن هناك احتمالاً كبيراً بأن "بوتين هو من أصدر الأوامر بقتل بريغوجين"، عازياً ذلك إلى رغبة الرئيس الروسي في الانتقام من زعيم فاجنر بسبب ما أقدم عليه من تمرد في يونيو الماضي. وأضاف أن بوتين يرغب في بعث رسالة لتحذير الشخصيات التي تتولى مناصب قيادية في البلاد وانتقدت في السابق الكرملين.
من هو ديمتري أوتكين؟
وقالت مصادر إن ديمتري أوتكين، "المؤسس الفعلي" لمرتزقة فاجنر وينسب إليه تسميتها بهذا الاسم، كان على متن الطائرة المتحطمة، فيما تشير مصادر عديدة إلى أن الطائرة انفجرت وهي في طريقها من موسكو إلى سان بطرسبرغ.
وفي عام 2014، أسس بريغوجين شركة "فاجنر" العسكرية الخاصة، لكنه نفي على مدار السنوات أي علاقة له بالمجموعة، بيد أنه في سبتمبر الماضي، أقر بتشكيلها.
وعلى وقع تورطه في الصراع السوري بدعم الرئيس بشار الأسد وتعزيز مصالح الكرملين في المنطقة، باتت خبرة بريغوجين العسكرية ضرورية عندما شنت روسيا توغلها العسكري في أوكرانيا. وعندما أثبت الجيش الروسي عدم قدرته على التقدم في مناطق معينة من أوكرانيا، برز دور فاجنر كأحد الأطراف العسكرية التي يرتكن إليها الكرملين، خاصة عقب سيطرة مسلحيها على مدينة باخموت الأوكرانية في مايو الماضي بعد معارك طويلة ودامية ليصبح انتصارها بمثابة أكبر إنجاز عسكري لموسكو في الحرب.
انتقادات تبعها تمرد
وانتقد بريغوجين القيادة العسكرية الروسية واتهم قادة الجيش بالفساد وعدم الكفاءة وحملها مسؤولية عرقلة تقدم الجيش في أوكرانيا بل ذهب إلى حد اتهام كبار القادة بالخيانة وبالتسبب في أزمة نقص الإمدادات العسكرية والذخيرة.
وفي الأشهر قبل يونيو الماضي، اندلعت أزمة غير مسبوقة بين بريغوجين والجيش الروسي تحولت في نهاية المطاف إلى محاولة انقلاب بدأت بعبارة تلفظ بها زعيم فاجنر، قائلاً: "إن الشر في القيادة العسكرية الروسية يجب أن يتوقف".
في التمرد، سيطر بريغوجين دون مقاومة على مراكز عسكرية في جنوب روسيا وتحركت قطعات تابعة له باتجاه موسكو. ووصف بوتين بريغوجين بالخائن دون أن يذكره بالاسم.
وهنا تدخل رئيس بيلاروسيا المقرب من بوتين، ألكسندر لوكاشينكو، على خط الأزمة حيث عرض وساطته بين الرئيس الروسي وبريغوجين ليكتب نهاية التمرد الذي لم يدم طويلاً.
وعلى وقع ذلك، توقع كثيرون أن الصراع بين بريغوجين وبوتين قد انتهى خاصة بعد انتقال زعيم فاجنر إلى بيلاروسيا وتحركه بحرية في البلاد حتى أنه ظهر على منصات التواصل الاجتماعي وهو يقوم بتجنيد عناصر جديدة لدعم انتشار مرتزقة فاجنر خاصة في أفريقيا.
ضربة لهيبة بوتين
ورغم قدرة بوتين على إنهاء تمرد فاجنر، إلا أن صدى ذلك التمرد كان كبيراً داخل روسيا خاصة أنه جاء في خضم الحرب الروسية على أوكرانيا. بيد أن المثير للدهشة في هذا التمرد تمثل في جرأة بريغوجين في تحدي بوتين بشكل غير مسبوق ومن خلال الوسائل العسكرية، فيما بدا الرئيس الروسي في موقف ضعيف. فقبل التمرد، انتقد بريغوجين بشكل لاذع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو المقرب من بوتين وأيضاً رئيس الأركان العامة للجيش الروسي فاليري غيراسيموف، فضلاً عن انتقاده الرئيس الروسي بشكل غير مباشر من خلال التشكيك علناً في مبرراته لغزو أوكرانيا.
اُعتبرت العلاقة بين بوتين وبريغوجين قبل التمرد قوية حيث تعود إلى تسعينيات القرن الماضي. وكان بريغوجين أول شخص يُسمح له بتشكيل قوة عسكرية خاصة للقيام بمهام صعبة وقذرة نيابة عن موسكو سواء في أوكرانيا والشرق الأوسط وأفريقيا.
وبعد تأكد مقتل بريغوجين، ترى مارينا ميرون، المتخصصة في الشؤون الدفاعية في كلية كينغز كوليدج، في حديث مع DW أن بوتين لم يعد يساوره أي خوف من حدوث تمرد ثان، مضيفة "يبدو أن بوتين قد وجد الطريقة التي من خلالها سيحكم قبضته على فاجنر".
أسئلة برسم المستقبل
يعتقد بعض الخبراء أن مقتل بريغوجين سوف يلقي بظلاله على الحرب الروسية في أوكرانيا، فيما يستبعد كثيرون ذلك نظراً لأن مجموعة فاجنر باتت بلا قيادة في الوقت الراهن، فضلاً عن أنها أُنهكت في القتال الأخير في أوكرانيا حتى أن الجيش الروسي لم يعتمد في قتاله بأوكرانيا على مدى الأشهر الثلاثة الماضية على مرتزقة فاجنر. وفي نظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فإن ما سبق ذكره يجعل موقفه أقوى.
وفي ذلك، طرح الخبير السياسي غيرهارد مانغوت سؤالاً مفاده: "ماذا سيحدث للمهام التي تقوم بها فاجنر في أفريقيا، نظراً لأنها شرعت منذ سنوات في القيام بأعمال قذرة لصالح الكرملين وساعدت في تعزيز نفوذ روسيا في الدول الأفريقية؟"
وقال إن الإجابة على هذا السؤال سيعتمد على المسار المستقبلي للحرب في أوكرانيا وفيما سيستمر بوتين في دعم وزير دفاعه شويغو من عدمه. الجدير بالذكر أن بريغوجين لم يكن الشخص الوحيد الذي دعا إلى عزل شويغو حيث خرجت أصوات قومية متشددة وبعض ما يطلق عليهم "مدوني الحرب" تطالب بضرورة إعفاءه من منصبه.
فيديو قد يعجبك: