إقالة في وقت غير اعتيادي.. تكهنات حول أسباب الإطاحة بوزير الدفاع الأوكراني
كتب- محمد صفوت:
تعددت الروايات والتكهنات حول أسباب إقالة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لوزير دفاعه أوليكسي ريزنيكوف، بشكل مفاجئ، وسط استمرار الهجوم المضاد الذي تشنه كييف لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا.
الإقالة المفاجئة فتحت الباب أمام التساؤلات والتكهنات، حول أسباب القرار وتوقيته، ورجح مراقبون أن تكون الإقالة بسبب فشل الهجوم المضاد الذي بدأته القوات الأوكرانية في مطلع يونيو الماضي، بعد أشهر من التحضيرات عززت فيها ترسانتها بكمًا هائلاً من الأسلحة الغربية المتطورة.
وذهب آخرون لفضائح الفساد في وزارة الدفاع الأوكرانية، التي أقال زيلينسكي على إثرها عددًا من المسؤولين، وأنها سببًا في الإطاحة بريزنيكوف، إذ أن إقالة وزير الدفاع أثناء الحرب أمرًا غير اعتيادي.
فشل الهجوم المضاد
أعلن زيلينسكي في خطوة مفاجئة بينما تدخل الحرب في روسيا شهرها التاسع عشر، عن إقالة وزير دفاعه الذي قضى أكثر من 550 يومًا في الحرب و3 أشهر قبل اندلاعها لعب خلالها دورًا مهمًا في حصول بلاده على مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات استعدادًا للحرب.
في إعلان زيلينسكي قال: "أعتقد أن الوزارة بحاجة إلى أساليب جديدة ونهج جديد وأشكال أخرى من التفاعل مع الجيش والمجتمع".
التغيير الكبير الذي شهدته وزارة الدفاع الأوكرانية منذ بدء الحرب جاء في وقت تلوح فيه بوادر خلافات أوكرانية غربية حول الهجوم المضاد وتقدير القيادة العسكرية في أوكرانيا للموقف، مع دخول الهجوم المضاد شهره الثالث.
وترى أوكرانيا أن هجومها المضاد يحرز تقدمًا ولو كان بطيئا بينما أعرب مسؤولون غربيون عن خيبة أملهم من حجم التقدم المحرز، ولم يقف الأمر عند حد تباين وجهات النظر حول الهجوم المضاد، بل وصل إلى حد التراشق.
بدورها، نقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤول في مكتب الرئيس الأوكراني، طلب عدم الكشف عن هويته، قوله إن استبدال وزير الدفاع الأوكراني ربما يكون له العديد من الأسباب، من بينها الحاجة إلى قيادة جديدة مع استمرار الحرب
الربط بين الإقالة وفشل الهجوم المضاد، تناولته صحيفة "لوبس" الفرنسية، حيث ترى أن الرئيس الأوكراني يتعرض لانتقادات شديدة من الغرب، وأن بطء الهجوم المضاد، والفساد مع اقتراب موعد الانتخابات في الولايات المتحدة وأوكرانيا قضايا تشكّل ضغوطات على زيلينسكي.
تحدث الرئيس الأوكراني، بعد ساعات من الإعلان عن تغيير وزير دفاعه، عن توصله لاتفاق مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن تدريب طيارين أوكرانيين في باريس، في محاولة لتصدير فكرة أن هناك نهجًا جديدًا في كييف.
تفشي الفساد في وزارة الدفاع الأوكرانية
لا يمكن تجاهل قضايا الفساد التي أحاطت بوزارة الدفاع الأوكرانية في خضم الحرب، ودفعت الفضيحة إلى إقالة جميع المسؤولين عن مراكز التجنيد العسكرية الإقليمية في أغسطس الماضي.
وتحتل أوكرانيا المرتبة 122 عالميًا في قائمة الدول الأكثر فسادًا، وتتصدر الدول الأوروبية ولا تسبقها سوى روسيا، وفقًا لمؤشرات منظمة الشفافية الدولية.
وخلال العام الجاري، تلطخت وزارة الدفاع الأوكرانية بالعديد من فضائح الفساد، بينها إساءة استغلال تعاقدات الجيش مع "تضخم" ميزانيتها.
وفي يناير من العام الجاري، أقال زيلينسكي، عددًا من كبار المسؤولين على خلفية قضية فساد تتعلق بعمليات شراء إمدادات للجيش بأسعار مبالغ بها، وكانت فضيحة الفساد الأولى التي تضرب البلاد منذ بداية الحرب، تبعها سلسلة من قضايا الفساد.
من بين قضايا الفساد التي أحاطت بوزارة الدفاع الأوكرانية، توقيع عقد بشأن منتجات غذائية للجيش، تبلغ قيمته 13 مليار هريفنيا (حوالى 324 مليون يورو)، مع تحديد الأسعار "أعلى بمرتين إلى ثلاث" من أسعار المنتجات الغذائية الأساسية وقتها، وفقًا لموقع "زد إن. يو آي" الإخباري.
المسؤول من مكتب زيلينسكي، قال لـ"نيويورك تايمز"، إن من ضمن الأسباب التي ربما توضح أسباب توقيت الإقالة، الجدل والانتقادات المثارة في أوساط المجتمع المدني الأوكراني ووسائل الإعلام بشأن "فضائح التعاقدات"، بالإضافة إلى رغبة ريزنيكوف في التنحي عن منصبه.
ورغم أن ريزنيكوف لم يتهم بعد بأي قضايا فساد إلا أنه دافع عن وزارته ووصفه اتهامات الفساد للمسؤولين فيها بأنها "حملات تشهير"
ويرى مراقبون أنه أي كانت أسباب الإقالة بين الفساد المستشري في الوزارة أو فشل الهجوم المضاد، فإن الوقت ينفذ أمام أوكرانيا مع اقتراب الشتاء وأنه لا نهاية قريبة للحرب المندلعة منذ 24 فبراير 2022، ومن المرجح أن يتواصل القتال خلال العام المقبل.
فيديو قد يعجبك: