بعد أيام من التصعيد.. ماذا سيفعل الرئيس الروسي؟
بي بي سي
شهد الأسبوع الجاري قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتعديل عقيدة بلاده النووية وتوسيع حالات استخدام الأسلحة النووية.
وهو أيضًا الأسبوع الذي اخترقت فيه الولايات المتحدة وبريطانيا خطًا من خطوط بوتين الحمراء، عندما سمحت لأوكرانيا بإطلاق الصواريخ الغربية طويلة المدى داخل روسيا.
وهدد بوتين، في الأسبوع نفسه، الولايات المتحدة وبريطانيا وأي دولة أخرى تمد أوكرانيا بهذا النوع من الأسلحة ولهذا الغرض.
وقال الرئيس الروسي في خطاب للشعب: "من حقنا أن نستعمل أسلحتنا لاستهداف المنشآت العسكرية للدول التي تسمح باستهداف منشآتنا العسكرية بهذا النوع من الأسلحة".
تبني التصعيد
اتهم الكرملين هذا الأسبوع "الغرب كله" بتصعيد الحرب في أوكرانيا.
لكن 3 سنوات من الحرب في أوكرانيا تقريبًا بينت أن فلاديمير بوتين هو الذي يعتمد على التصعيد لتحقيق أهدافه، فهو يريد السيطرة على كييف، أو على الأقل السلام بالشروط الروسية.
اجتياح بوتين الشامل لأوكرانيا، وقراره بضم 4 أقاليم أوكرانية إلى روسيا، ونشره لقوات كورية شمالية في منطقة كورسك الحدودية، وقراره، أول أمس الخميس، باستهداف مدينة دنيبرو الأوكرانية بصواريخ بالستية جديدة متوسطة المدى، وتهديده بضرب الدول الغربية، كل هذا تصعيد كبير للنزاع.
من غير المتوقع الأن أن يمنع بوتين التصعيد، أمام ضربات الصواريخ طويلة المدى على روسيا. وعلى أوكرانيا أن تستعد للمزيد من الهجمات الروسية والغارات القوية.
وحتى قبل خطاب الرئيس الروسي في التلفزيون، كانت هناك مخاوف في الدول الغربية من تصعيد الهجمات الروسية، فقد حذر مدير المخابرات البريطانية من أن المخابرات الروسية تعمل إلى إثارة "الفوضى والتخريب في الشوارع البريطانية والأوروبية".
وفي يونيو الماضي، قال بوتين إن موسكو قد تسلح خصوم الغرب إذ سُمح لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بالصواريخ الغربية طويلة المدى.
وقال: "نعتقد أنه إذا فكر أحد بالدفع بهذا النوع من الأسلحة إلى ساحة الحرب لاستهداف الأراضي الروسية، وإثارة المشكلات لنا، فلماذا لا ندفع بأسلحة من النوع نفسه في تلك المناطق عبر العالم، لتستهدف المنشآت الحساسة للدول التي تفعل هذا بروسيا؟"
الخيار النووي
وقد بعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإشارات لا لبس فيها في هذا الشأن. فعندما بدأت "العملية العسكرية الخاصة" باجتياح شامل لأوكرانيا، أطلق تحذيرًا إلى "الذين يفكرون في التدخل من الخارج".
وقال بوتين في تحذيره: "إذا حاول أي طرف أن يقف في طريقنا أو يشكل تهديدًا لبلادنا أو شعبنا، فعليه أن يعرف أن روسيا سترد على الفور، وأن العواقب ستكون بدرجة لم تشهدوها في التاريخ كله".
لكن قادة الدول الغربية لا يرون في ذلك تهديدًا بالسلاح النووي. فقد تجاوز الغرب منذ بداية الحرب العديد من "الخطوط الحمراء"، عندما زودوا أوكرانيا بالدبابات وأنظمة الصواريخ المتطورة، وبمقاتلات إف 16، لكن العواقب التي هدد بها الكرملين لم تتحقق.
وفي سبتمبر الماضي، أعلن بوتين أنه خفض شروط استعمال السلاح النووي. ونشر المرسوم هذا الأسبوع. وفيه تحذير صريح لأوروبا والولايات المتحدة بعدم السماح بسقوط الصواريخ طويلة المدى على الأراضي الروسية، وقد تجاوز الغرب هذا الخط الأحمر أيضًا.
وأكد بوتين في خطابه للأمة التقارير الغربية بأن أوكرانيا أطلقت الصواريخ الأمريكية "أتاكمز" والصواريخ البريطانية "ستورم شادو" على مواقع داخل روسيا.
وفي مطلع هذا الأسبوع، سألت صحيفة "موسكوفسكي كومسومولتس" المقربة من الكرملين جنرالًا متقاعدًا عن رد روسيا على الصواريخ الأمريكية التي ضربت منطقة براينسك، فكان رده: "من قصر النظر أن تعتقد أن الحرب العالمية الثالثة ستندلع بسبب ضربات على مخزن أسلحة في منطقة برايسنك، وسيكون الأمر مطمئنًا لو كان هذا هو رأي الكرملين".
وأضاف: "لكن ليس في خطاب بوتين للأمة أي إشارة على ذلك. ويبدو أن رسالته إلى أوكرانيا كالتالي: هذا خط أحمر وأنا جاد في هذا الأمر، وأتحداكم أن تتجاوزوه".
وقال الكاتب في صحيفة "نوفايا جازيت" أندري كوليسنيكوف، مؤخرًا: "حتى بوتين لا يعرف ما إذا بإمكانه استعمال السلاح النووي".
وأضاف: "نعرف أنه شخص عاطفي جدًا. وقرار بدء الحرب كان عاطفيًا أيضًا. لذلك، يتعين علينا أن نأخذ على محمل الجد فكرته عن تغيير العقيدة النووية".
وتابع: "وبناء على هذا، يتعين علينا أن نقر بأن بوتين، في ظروف معينة، قد يستعمل الأسلحة النووية التكتيكية في إطار حرب نووية محدودة. وهذا لا يحل المشكلة. لكنه سيكون بداية لتصعيد انتحاري للعالم كله، والأسلحة النووية التكتيكية هي رؤوس نووية تستعمل في ساحة المعركة أو في ضربات محدودة".
عامل ترامب
قد يتصرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعاطفته، لكن من الواضح أنه يتحرك بدافع كراهيته للغرب. ويبدو أنه مصمم على عدم التراجع، لكنه يعرف أن العالم سيكون مختلفًا تمامًا، فبعد شهرين سيغادر جو بايدن البيت الأبيض، وسيخلفه الرئيس المنتخب دونالد ترامب في المنصب.
وقد عبر الرئيس المنتخب ترامب عن اعتراضه على المساعدة العسكرية لأوكرانيا. وهو من أشد المنتقدين لحلف الناتو،ة وقال في الفترة الأخيرة إن الحديث مع فلادمير بوتين "فكرة جيدة"، ومن الواضح أن كل ذلك يصب في صالح بوتين.
وهذا يعني أنه على الرغم من التحذيرات الأخيرة، فإن الكرملين قد يتخلى عن التصعيدات الكبيرة الآن. وهذا إذا بنت روسيا حساباتها على أن ترامب سيساعد في إنهاء الحرب وفق الشروط الروسية. أما إذا تغيرت الحسابات، فمن الممكن أن يتغير رد فعل موسكو أيضًا، على حد تعبير "بي بي سي".
فيديو قد يعجبك: