"المشروع 2025".. هل يحقّق الرئيس ترامب قائمة أمنيات الجمهوريين؟
كتب- محمود الطوخي:
بعد يوم من حسم الجمهوري دونالد ترامب السباق إلى البيت الأبيض، بدأ الحديث عن خطوات "فريق الانتقال"، لإعداد قائمة بأسماء المرشحين لمناصب رفيعة في إدارته، غير أن ورود مصطلح "المشروع 2025" أثار تساؤلات واسعة.
وذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن قسم شؤون الموظفين في "مشروع 2025" بقيادة جون ماكنتي الموالي لترامب، فحص آلاف المرشحين المحتملين لإدارته، كما أنه من المرجح أن يقدم توصيات لفريق الانتقال.
وفي ذات السياق، أشارت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إلى أنه تم تحديد رؤية محتملة لتوجّهات الرئيس الجمهوري المنتخب، في وثيقة "المشروع 2025" المكونة من 900 صفحة، والتي وصفتها بـ"قائمة أمنيات" الجمهوريين.
وعلى مدار الحملة الانتخابية لترامب، توافقت أفكار عديدة وردت في وثيقة المشروع مع قضايا أثارها المرشح الجمهوري، أبرزها الهجرة والاقتصاد والمناخ.
وقد أُثير الجدل لأول مرة حول "المشروع 2025"، في يوليو الماضي، بعد اتهامات متبادلة بين حملتي المرشح الجمهوري ترامب، ومنافسه الديمقراطي آنذاك جو بايدن في انتخابات 2020، فماذا نعرف عن الوثيقة التي قد تحدد سياسات ترامب خلال ولايته الرئاسية؟
يتلخّص "مشروع 2025" الذي أصدرته مؤسسة التراث المحافظة الأمريكية، في قرار إقالة آلاف الموظفين بالخدمة المدنية وتفكيك وزارة التعليم إلى جانب بعض الوكالات الفيدرالية الأخرى، بل وتوسيع سلطات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
لكن المشروع المستهدف، قابله حشد مضاد من قبل الديمقراطيين باعتباره الأجندة السياسية المحتملة للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، قبل فوزه بالانتخابات، بحسب ما نشرته "بي بي سي".
وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية، إلى أن مؤسسة التراث الأمريكية كشفت ملامح المشروع في أبريل 2023، قبل أن يتكهن رئيس المؤسسة كيفن روبرتس في بداية يوليو 2023، باحتمال وقوع أعمال عنف سياسية، إذ قال: "إننا في خضم الثورة الأمريكية الثانية.. وستبقى غير دموية إذا سمح اليساريون بذلك".
وسلّطت تصريحات روبرتس، الضوء في يوليو الماضي، على "مشروع 2025"، ما دفع حملة بايدن إلى اتهام ترامب ومناصريه بالسعي "لثورة عنيفة".
اتهامات ديمقراطية
لم تفوّت حملة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حينها، الفرصة لمهاجمة منافسه الجمهوري، وإلصاق المشروع به، إذ قال المتحدث باسم حملة بايدن، قبل انسحابه من الانتخابات -لصالح نائبته كامالا هاريس- عمار موسى في بيان: "مشروع 2025 هو دليل السياسة والشخصيات المتطرفة لفترة ولاية ثانية لترامب، مما يجب أن يخيف الأمريكيين بشدة".
رأي ترمب في "مشروع 2025"
من جانبه، أكد ترامب، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أنه لا يعرف شيئا عن المشروع، قائلًا "ليس لدي أي فكرة عمن يقف وراء الأمر، وأنا اختلف مع بعض ما يقولونه؛ لأن بعض ما يقولونه سخيف للغاية، أتمنى لهم التوفيق لكن لا تربطني علاقة بهم".
وبالرغم من ذلك، فإن عددًا كبيرًا من الأشخاص القائمين على المشروع عملوا في إدارة ترامب خلال ولايته أو كحلفاء بحملته الانتخابية.
لكن وفقا لـ"بي بي سي"، فإن العشرات من المسؤولين في ولاية ترامب الأولى، بما في ذلك عدد قد يُطلب منهم الآن الانضمام إلى الإدارة الجديدة، ساهموا في هذه مقترحات المشروع.
على سبيل الذكر، كان بول دانس رئيسا للموظفين بإدارة شؤون الموظفين خلال ولاية ترامب الماضية، كما كان المدير المساعد سبنسر كريتيان، مساعدًا خاصًا لترامب في ولايته الأولى، ومديرًا مساعدًا للموظفين العاملين بالرئاسة الأمريكية.
وتعتبر مؤسسة التراث المحافظة التي أصدرت أوراقا سياسية لتوجيه الولاية الرئاسية المحتملة لترامب، من بين أكثر المؤسسات الفكرية والرأي تأثيرًا.
ويضع "مشروع 2025" استراتيجيات محددة لتطبيق السياسات التي تبدأ عقب تنصيب الرئيس في يناير المقبل.
وفي وقت سابق، أعرب ترامب في خطاب عبر موقعه على الإنترنت، عن تأييده لعدد من الأفكار المضمّنة في المشروع، رغم أن حملته الانتخابية (قبل فوزه بالانتخابات)، قالت إنه صاحب القرار الأخير في السياسة.
ما هو "مشروع 2025"؟
تتضمن وثيقة "مشروع 2025" 4 أهداف مركزية (استعادة الأسرة كونها محور الحياة الأمريكية، الدفاع عن سيادة الدولة وحدودها، تفكيك الدولة الإدارية، وأخيرًا تأمين الحقوق الشخصية التي وهبها الله للعيش بحرية).
وجاءت الوثيقة كواحدة من بين عدة أوراق سياسية لمنصة تشتهر باسم "أجندة 47"، المسمّاة تيمنا بالترتيب التسلسلي للرئيس المنتظر في تاريخ الولايات المتحدة وهو الـ 47 (دونالد ترامب، بعد فوزه بالسباق إلى البيت الأبيض).
وذكرت مؤسسة التراث، أن عددا كبيرا من القائمين على "مشروع 2025"، كانوا من المعينين السابقين في ولاية ترامب الأولى، ما يعكس إسهامات ما يزيد عن 100 منظمة محافظة.
الخطوط العريضة للمشروع
الحكومة:
يقدم المشروع اقتراحًا بوضع البيروقراطية الفيدرالية بكامل مؤسساتها، بما فيها المستقلة مثل وزارة العدل، تحت السيطرة المباشرة للرئيس الأمريكي (ترامب)، ما سيؤدي عمليًا إلى تبسيط صنع القرار، وبالتالي سيتيح للرئيس تنفيذ سياساته بشكل مباشر في مجالات عدّة.
كذلك تدعو الوثيقة إلى إزالة حماية آلاف الموظفين الحكوميين، ما سيؤدي إلى إتاحة استبدالهم عن طريق سياسيين.
واتهمت الوثيقة مكتب التحقيقات الفيدرالي بوصفه أنه "منظمة غير قانونية متغطرسة ومتضخمة"، مطالبة بإعادة هيكلته إلى جانب غيره من الوكالات الفيدرالية بما في ذلك إلغاء وزارة التعليم.
الهجرة:
تدعو وثيقة "مشروع 2025"، إلى زيادة مخصصات تمويل بناء جدار فاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، وهو ما اقترحه ترامب بالفعل خلال فترة ولايته الرئاسية عام 2016 وكرره خلال تجمعاته الانتخابية الأخيرة، كما دعت إلى توحيد وكالات الهجرة وتوسيع صلاحياتها بشكل كبير.
إلى جانب ذلك، تتضمن المقترحات رفع الرسوم المفروضة على المهاجرين، وإتاحة تقديم طلبات سريعة لمن يدفعون رسوما أكبر.
المناخ والاقتصاد:
في هذا السياق، يطالب "مشروع 2025" بترشيد مخصصات البحث والاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، داعيا الرئيس الأمريكي إلى "إنهاء الحرب على المحروقات العضوية مثل النفط والغاز الطبيعي".
وعوضا عن السعي للحد من المحروقات العضوية والكربون، ستتضافر الجهود لتعزيز إنتاج الطاقة وتأمين مواردها.
وتقدم الوثيقة رؤيتين متنافستين حول التعريفات الجمركية، وتنقسم بشأن ضرورة أن يحاول الرئيس (ترامب) تعزيز التجارة الحرة أو رفع الحواجز أمام الصادرات، غير أن المستشارين الاقتصاديين يشددون على أن إدارة ترامب الثانية يجب أن تخفف الضرائب على الشركات والدخل، بالإضافة إلى إلغاء الاحتياطي الفيدرالي، بل وعليها التفكير في العودة إلى العملة المدعومة بالذهب.
الإجهاض:
على الرغم من أن "مشروع 2025" لا يدعو لحظر الإجهاض، إلا إنه يقترح سحب عقاقير الإجهاض من الأسواق.
التكنولوجيا والتعليم:
وفقا للمقترحات، فإنه سيتم حظر المواد الإباحية، وكذلك إغلاق شركات الاتصالات والتكنولوجيا التي تتيح الوصول إلى هذا المحتوى.
كما تطالب وثيقة المشروع بحذف عدد كبير من المصطلحات من اللوائح والقوانين الفيدرالية، بما فيها (التنوع والمساواة، الإجهاض، الشمول، المساواة بين الجنسين، التوجه الجنسي، الحقوق الإنجابية).
على الجانب الآخر، أطلق عضو الكونجرس من كاليفورنيا، الديمقراطي جاريد هوفمان، فريق "أوقفوا مشروع 2025"، واصفا المشروع بأنه "مؤامرة بائسة لتفكيك المؤسسات الديمقراطية".
وأشار هوفمان إلى أن المشروع "سيلغي الضوابط والتوازنات، ويحد من الفصل بين الدولة والكنيسة، وسيفرض أجندة يمينية متطرفة تنتهك الحريات الرئيسية والإرادة العامة"، مضيفا "نحن بحاجة إلى استراتيجية منسقة لإنقاذ الولايات المتحدة، ووقف هذا الانقلاب قبل فوات الأوان".
فيديو قد يعجبك: