البحر الأحمر للمتشاطئين فيه.. لماذا أرسلت مصر برسالة شديدة اللهجة؟
كتبت- أسماء البتاكوشي:
أرسلت مصر رسالة شديدة اللهجة، مفادها أن البحر الأحمر مخصص فقط لـ"الدول المشاطئة" فقط، مؤكدة أنه لا يمكن القبول بأي طرف آخر، ما أثار تساؤلات حول الجهات والأطراف المقصودة.
وقال وزير الخارجية بدر عبد عبد العاطي، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الصومالي أحمد معلم، أمس الإثنين، إن البحر الأحمر للدول المشاطئة له فقط ولا يمكن القبول بأي طرف آخر، مشيرًا لعمق العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين.
الرسالة جاءت في وقت يشهد فيه البحر الأحمر توترًا، جراء هجمات جماعة أنصار الله "الحوثيين" في اليمن، التي تستهدف السفن الإسرائيلية وأي سفن متجهة إلى موانئ تل أبيب.
ويرى الدكتور رمضان قرني خبير الشؤون الأفريقية، أن تصريحات وزير الخارجية بشأن البحر الأحمر، تأتي في إطار العديد من الاعتبارات التي تشكل مبادئ السياسة الخارجية المصرية تجاه العديد من الملفات، وليس فقط ملف البحر الأحمر أو الدول المشاطئة على سواحله.
وأكد خبير الشؤون الأفريقية خلال حديثه لـ"مصراوي"، أن هذه الاعتبارات تمثل التوجه العام للسياسة المصرية وتستند إلى عدة قواعد أساسية، فإن المبدأ الأول يتعلق بإعلاء مبادئ القانون الدولي واحترام السيادة بين الدول.
وأوضح قرني أن التصريحات الأخيرة لا تخص قضية بعينها أو دولة معينة، كما أنها لا تتعلق بشكل مباشر بأمن البحر الأحمر أو سواحله، بل تمثل مبدأ أساسي تتبناه السياسة المصرية وهو احترام سيادة الدول وحقوقها في تحديد حدودها وحمايتها، وفقًا للمواثيق والاتفاقيات الدولية.
ويندرج المبدأ الثاني تحت مفهوم إعلاء فكرة الدولة الوطنية، وهو مبدأ يظهر بوضوح في المواقف المصرية منذ اللحظة الأولى للأحداث الجارية في السودان، إذ دعت مصر إلى الحفاظ على وحدة التراب السوداني وعدم المساس بسيادته، حسب ما أفاد به خبير الشؤون الأفريقية.
كما أشار إلى أن هذا المبدأ تجسد أيضًا في الموقف المصري من اتفاق إقليم أرض الصومال الانفصالي مع دولة إثيوبيا، الذي تم توقيعه في يناير الماضي، إذ اعتبرت مصر هذا الاتفاق غير قانوني ومعيب، لأنه يضر بوحدة التراب الوطني الصومالي ويسيء إلى سيادة الدولة الصومالية.
وأكد خبير الشؤون الأفريقية، أن هذا الموقف لم يكن موقفًا مصريًا فقط، بل كان مبدأ اتفقت عليه معظم القوى الدولية والإقليمية، بما في ذلك الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، الذين أكدوا ضرورة الحفاظ على السيادة الصومالية ورفضوا أي اتفاقات تهدد وحدة الدولة.
وحسب الدكتور رمضان قرني، فإن الموقف المصري من هذا الاتفاق كان مدعومًا أيضًا من داخل الصومال نفسه، إذ عارضه عدد من القوى السياسية الصومالية، رغم موقف الحكومة الفيدرالية.
وتابع قائلاً: "موقف مصر ليس موجهًا ضد دولة معينة، بل هو موقف مبدئي يعكس احترام مصر الكامل للسيادة الوطنية لكل دولة، ويعزز من موقفها في محافل القانون الدولي، بما في ذلك دعمها لمبادئ الاتحاد الإفريقي في ما يتعلق بقدسية الحدود الموروثة من عهد الاستعمار".
وشدد رمضان قرني خبير الشؤون الأفريقية، على أن هذا الموقف هو جزء من التزام مصر الثابت بعدم فتح أبواب النزاعات الحدودية التي قد تؤدي إلى تدهور الأوضاع الإقليمية في القارة الإفريقية.
وفيما يتعلق بالبحر الأحمر، أكد أن الموقف المصري كان واضحًا أيضًا عندما دعت مصر، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية، إلى تأسيس تنسيقية خاصة بالدول المشاطئة على ساحل البحر الأحمر.
ورفضت مصر، بشكل قاطع، أي محاولة من دول خارج هذه الدائرة مثل إسرائيل أو إثيوبيا للانضمام إلى هذا التكتل الإقليمي، وهو ما يتماشى مع المبادئ الدولية التي تحترم السيادة وتحمي الأمن الإقليمي للدول المتشاطئة.
واختتم خبير الشؤون الأفريقية قوله: إن هذا الموقف المصري يعكس احترامًا راسخًا لسيادة الدول وحمايتها لمقدراتها، ويعزز من دعم مواقفها الوطنية في القضايا الإقليمية والدولية، ويؤكد التزام مصر الثابت بالقانون الدولي ومبادئ العدالة في علاقاتها مع الدول الأخرى.
ويبلغ عدد الدول الأعضاء في مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن 8 دول اعتبارا من 2020، والتي تأسست في الرياض في تاريخ 6 يناير 2020 من قبل الدول الدول الأعضاء المؤسسة وهي: السعودية، مصر، اليمن، الصومال، إريتيريا، جيبوتي، الأردن، السودان.
فيديو قد يعجبك: