السلام المهدور.. وثيقة تكشف أسرار مفاوضات روسية أوكرانية لإنهاء الحرب
كتب- محمود الطوخي
منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قبل عامين، تضافرت الجهود الدولية الحثيثة في محاولة للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى إنهاء الحرب المستعرة.
وفي خضم الأحداث المتعاقبة على ساحة المعركة في أوكرانيا، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالآونة الاخيرة، مرارًا خلال مناسبات عدّة انفتاحه على إجراء مباحثات لإنهاء الحرب في أوكرانيا وفق شروط موسكو.
وكشفت وثيقة لـ "مسودة اتفاق سلام" وضعها المفاوضون الأوكرانيون والروس في أبريل 2022، الصفقة التي سعى إليها بوتين في ذلك الوقت.
وأشار مسؤولون ومحللون غربيون إلى أن روسيا تتمسك بأهدافها الرئيسية بعد مرور عامين منذ بدء الحرب في 24 فبراير 2022، والتي يأتي على رأسها تحييد أوكرانيا.
لكن تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، يرجح أن الشروط التي سعت إليها روسيا في بداية الحرب باتت "أكثر شدة".
تحييد أوكرانيا
وأوضحت الوثيقة المؤلَّفة من 17 ورقة بتاريخ 15 أبريل 2022، مساعي الوفود الروسية والأوكرانية خلال المفاوضات لتحويل أوكرانيا إلى "دولة محايدة بشكل غير موالية لأي تحالف عسكري"، وكذلك تحظر على كييف إعاد بناء قدراتها العسكرية أو جيشها عموما بدعم غربي والخضوع للسيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم والتي لن تكون محايدة بدورها كونها تخضع للسيادة الروسية، وفقا لما ورد في الوثيقة.
وبيّنت الوثيقة حجم التنازلات التي أبدا الطرفان استعدادا لتقديمها، بينما كانت تعاني أوكرانيا من نزيف في مواردها الاقتصادية والعسكرية والبشرية خلال الأسابيع الـ 6 الأولى من الحرب.
وبالرغم مما أظهرته الوثيقة، من موافقة موسكو على انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، فإنها حظرت كذلك انخراط كييف في أية تحالفات عسكرية، وخصوصا حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والذي تعدّه موسكو الخطر الأكبر على أمنها القومي.
من جانبه، أوضح رئيس كتلة "حزب الشعب" في البرلمان الأوكراني ديفيد أراخاميا، والذي قاد الفريق التفاوضي الأوكراني، أن تراجع كييف عن الانضمام لحلف الناتو يتطلب تعديل دستوري، وفق تصريحاته لمجلة "نيوز ويك" الأمريكية.
وفي فبراير 2019 صوّت البرلمان الأوكراني على تعديل دستوري يحدد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو هدفا أساسيا للبلاد.
وإلى جانب ذلك، تمتنع أوكرانيا عن استضافة أسلحة "أجنبية" على أراضيها "بما في ذلك الأسلحة الصاروخية من أي نوع والقوات والتشكيلات المسلحة"، بالإضافة إلى تخفيض عدد قواتها العسكرية إلى حد متفق عليه.
الاعتراف بالقرم أراضي روسية
كذلك سعى المفاوضون الروس إلى فرض اللغة الروسية جنبا إلى جنب مع اللغة الأوكرانية في المحاكم والحكومة كلغة رسمية معتمدة، وهو ما لم يوقع عليه الأوكرانيون.
كما لم يتم إدراج مستقبل منطقة شرق أوكرانيا التي سيطرت عليها موسكو في عام 2014 على قائمة وفود التفاوض؛ وتُرك الأمر للتباحث خلال اللقاء المباشر بين كلا من بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والذي لم يكتب له الحدوث.
وكان من المخطط أن تتكفل القوى الأجنبية بتنفيذ المعاهدة والحفاظ على حياد أوكرانيا، وهي الدول التي ذكرتها الوثيقة مثل روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين.
إلغاء الاتفاقات العسكرية
بالإضافة إلى ذلك، سيتعين على الدول الضامنة خلال فترة سريان المعاهدة، إلغاء جميع الاتفاقات مع أوكرانيا فيما يخص صفقات التسليح أو المساعدات العسكرية، أو أيّة اتفاقات تتعارض مع الحياد الدائم، بينما ستكون شبه جزيرة القرم ومنطقة سيفاستوبول خارج المعاهدة بصفتهما أراض روسية.
ومع ذلك، بقيت بعض النقاط المهمة معلّقة، والتي من بينها كيفية الردة في حال تعرضت أوكرانيا لهجوم، إذ أن روسيا أصرت على أنت توافق جميع الدول الضامنة المذكورة في الوثيقة على الرد المشترك، ما يعني عدم التوصل لاتفاق موحد إذا كانت روسيا نفسها هي من تقوم بالهجوم.
في حين طالب المفاوضون الأوكرانيون، الضامنين بإغلاق مجالهم الجوي، ما يعني فرض حظر كامل للطيران، ودعم القوات الأوكرانية بالذخيرة والعتاد العسكري اللازم، وهو ما قُوبل بالرفض القاطع من روسيا.
وأظهرت الوثيقة، أن موسكو قدّمت دولة بيلاروسيا بصفتها ضامن لها في المعاهدة، فيما طالبت كييف بأن تكون تركيا هي ضامنها.
التنازل بالجنائية الدولية
وفيما اشترطت موسكو، أن تسحب كييف دعواها في المحكمة الجنائية الدولية المطالبة بمحاكمة روسيا في ارتكاب جرائم حرب، فإن المفاوضون الأوكرانيون كتبوا "بخط مائل" ما يشير إلى رفضهم مناقشة البند من الأساس، وفق ما ورد في الوثيقة، كما لم تتم المصادقة على إلغاء كافة العقوبات المتبادلة بينهما.
وقد استمرت المفاوضات بين الوفدين لنحو شهرين عبر لقاءات مباشرة أو من خلال تقنية "الفيديو كونفرانس"، بداية من أبريل 2022 إلى أن توقفت مطلقا في يونيو من العام نفسه.
وقبل أيام، أوضح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، استعداد موسكو للتفاوض، لكن مع مراعاة الأوضاع على الأرض و"المصالح الأمنية الروسية"، مؤكدا أن البداية لذلك يجب أن تكون عبر إلغاء المرسوم الأوكراني الذي يحظر الحوار مع روسيا.
فيديو قد يعجبك: