تواجه مصير الحضارات السابقة.. دراسة تحذر من أفول نجم الولايات المتحدة
كتب- محمد صفوت:
نشر الكاتب الأمريكي ديفيد اجناتيوس، مقالاً جديدةً في صحيفة "واشنطن بوست" تحدث خلاله عن تراجع دور الدول العظمى في السنوات الماضية، محذرًا من خطورة أفول شمس تلك الدول على النظام العالمي القائم.
يسلط الكاتب الضوء على دراسة جديدة لمؤسسة راند للأبحاث بتكليف من مكتب التقييم التابع للبنتاجون، سيتم نشرها لاحقًا، التي تكشف عن تراجع دور الولايات المتحدة عالميًا وانحدارها في السنوات الماضية.
يشير الكاتب إلى أن أمريكا في طريقها نحو انحدار لم تتعافى منه سوى القليل من القوى العظمى في السابق، موضحًا أنها تمتلك العديد من أدوات التعافي، لكنها لا تملك "اعترافًا بالمشكلة وكيفية حلها.
يعتبر ديفيد اجناتيوس، الدراسة الجديدة، بمثابة صرخة إيقاظ لأمريكا في هذا العام الانتخابي الحاسم، ويشير إلى أن الدراسة جزء من سلسلة تقارير تم إعدادها لتكليف من وزارة الدفاع لتقييم الوضع التنافسي للولايات المتحدة في مواجهة الصين.
لماذا تراجعت مكانة الولايات المتحدة؟
يشرح الفصل الافتتاحي في الدراسة التي اطلع عليها الكاتب، مشكلة الولايات المتحدة وتقسمها إلى أسباب داخلية وخارجية، في الداخل فإن موقفها التنافسي مهدد من الداخل بسبب تباطؤ نمو الإنتاجية، والشيخوخة السكانية، والنظام السياسي المستقطب، وبيئة المعلومات الفاسدة على نحو متزايد، ومن الخارج تواجه أمريكا معضلة بسبب ارتفاع حجم الاستثمارات المباشرة، والصين الذي تمثل التحدي الأبرز، وتراجع احترام العشرات من الدول النامية لقوة الولايات المتحدة.
وتحذر الدراسة من أن هذا التراجع يتسارع، وتضيف "يتم النظر إلى المشكلة الأساسية بمصطلحات مختلفة تمامًا من قبل شرائح مختلفة من المجتمع ومجموعات من القادة السياسيين"، فهناك رواية يمينية عن التراجع وأخرى يسارية، ورغم اتفاقهما على أن شيئا ما معطل في أمريكا، فإن الجانبين يختلفان، إلى أقصى حد في كثير من الأحيان، بشأن ما يجب القيام به حيال ذلك.
تؤكد الدراسة على ضرورة توحيد جهود الأمريكيين لتحديد المشاكل وحلها، وإلا فإن الولايات المتحدة ستسقط في دوامة إلى الأسفل.
وتشير إلى أن التعافي من التدهور الوطني الكبير طويل الأمد أمر نادر ويصعب اكتشافه في السجل التاريخي، كما حدث مع روما، وإسبانيا هابسبورج، والإمبراطوريتين العثمانية والنمساوية المجرية، أو الاتحاد السوفييتي.
وتضيف: "عندما تنزلق القوى العظمى من موقع التفوق أو القيادة بسبب عوامل داخلية، فإنها نادرًا ما تعكس هذا الاتجاه".
أسباب التدهور الأمريكي
بحسب الكاتب، تستشهد الدراسة بمحفزات مألوفة في الولايات المتحدة منها "الإدمان على الترف والانحطاط، والبيروقراطية المتحجرة، وفقدان الفضيلة المدنية، والتمدد العسكري المفرط، والفشل في مواكبة المتطلبات التكنولوجية، والنخب الأنانية والمتحاربة، والممارسات البيئية غير المستدامة"، وتتساءل هل يبدو هذا مثل أي بلد تعرفه؟
وتصنف الدراسة التي أعدتها مؤسسة راند، أداء الولايات المتحدة في عام 2024 على أنه "ضعيف" أو "مهدد" أو في أفضل الأحوال "مختلط".
ترى الدراسة أن التحدي يكمن فيما اسمته بـ"التجديد الوطني الاستباقي" وتوضح معناه بمعالجة المشاكل
قبل أن تباغتنا، وتحدد الدراسة وفقًا لمسح للأدبيات التاريخية والاجتماعية الأدوات الأساسية للتجديد، مثل الاعتراف بالمشكلة؛ واعتماد موقف حل المشكلات بدلاً من الموقف الأيديولوجي، ووجود هياكل الحكم الرشيد، الحفاظ على "التزام النخبة بالصالح العام".
طرق الخروج من الأزمة
استندت الدراسة، إلى دراسة حالتين نجحت خلالهما الإصلاحات العاجلة في التغلب على الفوضى والفساد، الأول النموذج البريطاني في منتصف القرن التاسع عشر، والثاني في الولايات المتحدة نفسها، بعد فورة العصر الذهبي في أواخر القرن التاسع عشر.
عن النموذج البريطاني، أشارت الدراسة إلى أن لندن نهضت من كبوة في منتصف القرن التاسع عشر، بتنفيذ بموجة من الإصلاحات التي اجتاحت الحياة البريطانية وغيرت السياسة، وشارك قادة المفكرين في هذا الإصلاح.
وفي النموذج الثاني بالولايات المتحدة نفسها، أدى الازدهار الصناعي إلى خلق بيئة متفاوتة وسامة وخلق أضرارًا اجتماعية وبيئية وفسادًأ فادحًا، وقاد الجمهوري ثيودور روزفلت حركة تقدمية أصلحت السياسة والأعمال وحقوق العمال والبيئة ومستنقع الفساد السياسي آنذاك.
رسالة الدراسة
ويختتم الكاتب مقاله بالقول: "رسالة الدراسة واضحة بشكل صارخ، فالولايات المتحدة تسير على منحنى نزولي قد يكون قاتلاً، وما ينقذها هو التزام واسع النطاق، بدءًا بالنخب، للعمل من أجل الصالح العام والنهضة الوطنية".
ويضيف: |لدينا الأدوات، ولكننا لا نستخدمها، وإذا لم نتمكن من العثور على قادة جدد والاتفاق على الحلول التي تناسب الجميع، سنغرق".
فيديو قد يعجبك: