الناتو يتجهز للحرب العالمية.. خطط دفاعية وتحضيرات عسكرية ولوجيستية
كتب- محمد صفوت:
بعد 75 عاما على تأسيس الناتو، يبدو أن مشهد "الحرب العالمية الثانية" يعيد نفسه في أوروبا، حيث تستعد دولها للحرب مع روسيا، التي تعافت سريعا من أثر الضربة التي تلقتها موسكو في بداية حربها في أوكرانيا.
وكشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، عن خطة حلف الشمال الأطلسي "الناتو" لتفعيل خططه الدفاعية في مواجهة أي هجوم محتمل من روسيا، وذلك تزامنًا مع القمة الـ 75 لتأسيس الحلف، وسط تصاعد التهديدات العالمية لا سيما الحرب الأوكرانية والصراع في الشرق الأوسط والتوترات في بحر الصين الجنوبي.
وذكرت المجلة الأمريكية، أن الحلف سيدعو أعضاءه إلى وضع خطط للدفاع المدني في حالة وقوع هجوم على مستوى المادة الخامسة، في إطار الجهد المستمر داخل الحلف للتحضير لهجوم روسي محتمل في المستقبل على دوله.
وقال مسؤول بالناتو، إن الخطة تعمل على دفع الدول الأعضاء لبدء عملية تخطيط وطني تجمع بين التخطيط العسكري والمدني للمادة الخامسة من معاهدة الحلف.
ووفقًا لمعاهدة الحلف التي تم التوقيع عليها في واشنطن في أبريل 1949 المعروفة بـ"معاهدة واشنطن" ينص البند الخامس على أن الاعتداء على أي دولة في الحلف يمثل اعتداءً على كل الدول الأعضاء ويوجب على الدول الأخرى مساعدتها في التصدي للهجمات؛ ويظل هذا الالتزام راسخًا وملزمًا ضمن اتفاقية للدفع المشترك.
وتم صياغة الروابط السياسية والعسكرية بين أوروبا وأمريكا الشمالية في إطار "الناتو" منذ نشأته، وتنص على أن أمن الدول الأعضاء في الحلف على ضفتي الأطلسي غير قابل للتجزئة، وأن العمل المشترك بينها يقوم على أساس التضامن والأهداف المشتركة وتقاسم عادل للأعباء.
ويتوقع الحلف أن يشمل الهجوم الروسي المحتمل ضربات صاروخية بعيدة المدى، ونشر معلومات مضللة، وتعطيل الموانئ، وهجمات على شبكة الطاقة، ما قد يضطر الدول الأعضاء إلى التخطيط للدفاع عن نفسها انتظارًا لقرار قادة الحلف في خوض الحرب ضد روسيا.
وتقول داليا بانكاوسكايتي، زميلة غير مقيمة في مركز تحليل السياسات الأوروبية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن: "يتعين على الدول أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها أثناء انتظار تفعيل المادة الخامسة ويتعين عليها أن تكون مكتفية ذاتية للدفاع عن نفسها داخل أراضيها بالموارد المتاحة لديها.
في إطار ربط التخطيط العسكري والمدني في حال اندلاع حرب إقليمية، يوضح رئيس اللجنة العسكرية بالناتو روب باور، أن الردع ليس مهمة تقع على عاتق القوات المسلحة وحدها، لكنه حدث يشمل المجتمع بأسره.
ويشير إلى أن كافة المؤسسات لها دور في عملية الردع، حتى البنية الأساسية في الدول الأعضاء، حيث أن نقل المعدات من دولة لأخرى يحتاج إلى جسور قادرة على حملها.
تأكيدًا على تصريحاته، يقول مسؤول بالناتو، رفض الكشف عن هويته لـ "فورين بوليسي" إن دول الحلف تحتاج إلى الموانئ والمطارات والخطوط الحديدية والبنية الأساسية للطاقة، حتى تكون قادرة على ضمان استمرار حكومتها وتوفير المواد الأساسية لشعبها في حال اندلاع أزمة.
كما أن إبعاد السكان في حال إجلائهم عن مناطق الصراع من الطرقات التي ربما تستخدمها الآليات العسكرية تحتاج إلى خطة محكمة، وتشير بانكاوسكايتي إلى أن دولاً مثل إستونيا وفنلندا وليتوانيا ولاتفيا وبولندا تعمل على وضع خطط لإجلاء المدنيين على مسافة لا تقل عن 50 ميلاً من خطوط المواجهة في الصراع المحتمل مع روسيا.
ولدى الناتو مجموعة من الخبراء المدنيين لبناء القدرة على الصمود في البلدان الأقل استعدادًا، وخزن الاتحاد الأوروبي مخزونات طبية وإمدادات من المعدات لحماية المدنيين من التهديدات الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، وتعاظم التهديدات باندلاع حرب شاملة، اتخذت عدة دول تدابير احترازية، على سبيل المثال، فإن السويد لديها خطة "الدفاع الشامل" التي تدعو المواطنين بين 16 إلى 70 عامًا إلى المساعدة للاستعداد للحرب، عبر التجنيد أو التطوع في خدمات الطوارئ، وتصدر بانتظام كتيبًا لكل مواطنيها البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، يتضمن قوائم مرجعية حول كيفية الاستعداد لهجوم إرهابي أو حرب.
ويمكن لفنلندا حشد أكثر من 300 ألف من الجنود الاحتياط، ورفعت الحكومة الفلنلندية مخزونات النفط إلى ما يكفي لمدة 5 أشهر، ويعلق مسؤول بالحلف على استعدادات هلسنكي بالقول، إن العقلية في فنلندا تتغير نحو اقتصاد أكثر ميلاً إلى الحرب.
وأزالت عدة دول الغبار عن الملاجئ التي بُنيت في حقبة الحرب الباردة وأجرت إحصاء لها، ولدى السويد 65 ألف ملجًا وفنلندا 50.5 ألف ملجأ والنرويج 20 ألف ملجأ، وهي تكفي للملايين، كما تبنت دول البلطيق خطط "الدفاع الشامل" بعد ضم الكرملين لشبه جزيرة القرم وغزو دونباس في عام 2014.
وتقوم إستونيا ولاتفيا وليتوانيا ببناء خط دفاعي بطول 600 ميل على طول حدودها مع روسيا، وأعادت لاتفيا التجنيد الإجباري.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن دول الناتو ستنفق خلال العام الجاري 506.7 مليار دولار على الدفاع بزيادة 181 مليار دولار عن 2020، موضحًا أن هناك عددًا من الأسباب لهذا التحول المهم.
وكان باور، صرح في يناير الماضي، بأن على الدول الأعضاء بالناتو، الاستعداد للحرب مع روسيا، وأن فكرة كوننا في سلام الآن هي أمر غير مُلسم به، مؤكدًا أن على المدنيين الاستعداد للصراع الذي يتطلب تغييرًا شاملاً في حياتهم.
فيديو قد يعجبك: