إعلان

الموت بلا غسيل في أرض النيل.. مرضى الفشل الكلوي بالسودان يبحثون عن نجاة مؤقتة

05:06 م السبت 24 أغسطس 2024

مرضى الفشل الكلوي بالسودان

كتبت - سهر عبد الرحيم:

مرضى الفشل الكلوي في السودان محكوم عليهم بالموت البطيء، يدفعون كل يوم ثمن الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، وجراء الاشتباكات بين طرفي الحرب تعرضت أكثر من 80 % من المستشفيات والمرافق الطبية في البلاد للدمار.

صورة 1

الاعتداءات المستمرة على المستشفيات وتدميرها تسبب في تعريض حياة الألاف من المرضى للخطر من بينهم مرضى الفشل الكلوي، ونتيجة عمليات النزوح والضغط الشديد على مراكز الغسيل التي مازالت تعمل بأجهزة مُستهلكة تمامًا، وانقطاع الكهرباء لعدد ساعات كبير قد يصل إلى 10 ساعات يوميًا بجانب ارتفاع أسعار الأدوية -إن وجِدت- يواجه المرضى كل يوم صعوبات في سبيل الحصول على الدواء والغسيل، حيث تقلصت عدد الجلسات إلى جلستين في الأسبوع كما تقلصت مدة الجلسة من 4 ساعات إلى ساعتين.

"الوضع صعب و متأزم، ماكينات الغسيل تعمل بنصف طاقتها ومعظمها خرج عن العمل، صيدليتنا فارغة وعدم استعمال الأدوية يفاقم من حالة المريض المرضية ويمكن في النهاية أن يؤدي إلى الوفاة المبكرة"، كلمات عبر من خلالها مريض الكلى موسى محمد حكروباي عن الوضع السيئ لمركز الغسيل الكلوي بمدينة بورتسودان.

صورة 2

موسى حكروباي هو المنسق الإعلامي لجمعية "مرضى الكلى بورتسودان"، يعاني مثل باقي المرضى الذين يجدون صعوبة في الحصول على الدواء وارتفاع سعره من جانب والأعطال اليومية لماكينات الغسيل التي لا تستوعب أعداد المرضى من جانب أخر، وفي المقابل ظروف المرضى صعبة فمعظمهم فقراء ولا يستطيعون شراؤه.

ويوجد مركز غسيل كلوي واحد في مدينة بورتسودان يعمل بسعة نحو 32 ماكينة مُتهالكة، ومُسجل به نحو 330 مريض بجانب النازحين من باقي المدن نتيجة الحرب، وذكر حكروباي حدوث حالات وفاة للمرضى نتيجة عدم إمكانية القيام بجلسات الغسيل ولكن لا يوجد إحصائية بعددهم، حسب حديثه مع "مصراوي".

صورة 3

وفي 3 أغسطس عام 2023، قالت وزارة الصحة السودانية في منشورًا لها موجه لمرضى الفشل الكلوي في البلاد إن "كل إمدادات الأدوية التي تخص مرضى غسيل الكلى وزراعة الكلى نفذت من مخازن الإمدادات الطبية".

صورة 4

"إذا لم تقتلك الحرب والرصاصة سيقتلك عدم الغسيل" نداءات استغاثة أطلقها الصحفي السوداني الراحل عبدالكريم قاسم عبر خلالها عن معاناة مرضى الفشل الكلوي في البلاد قائلًا إن "غسيل الكلى متوقف، من يعرف مكان غسيل فليدلنا عليه، المرضى تعبوا من البحث عن أماكن غسيل، وإذا وجدوا فيكون لمدة ساعتين فقط لا تسمن ولا تغني من جوع".

صورة 5

وقبل وفاته بأقل من شهر من بداية الحرب نتيجة مضاعفات فشل الكلى، ناشد قاسم قوات الدعم السريع بفك الحصار عن مستشفى "الأمل" في مدينة بحري بالخرطوم حتى يتمكن المرضى من إجراء عملية الغسيل والسماح للكوادر الطبية بالدخول للمستشفى، خلال منشور له على حسابه على "فيسبوك"، لكن لم تمهل الحرب الكثير من الوقت وكان من ضمن المرضى الذين باءت محاولات استغاثتهم بالفشل.

صورة 6

وفارق قاسم الحياة بعد فترة قصيرة من نداءات استغاثته، ليرسم بها صورة للمعاناة التي عاشها هو وجميع مرضى الفشل الكلوي في البلاد بعد اندلاع الحرب التي استهدفت المرافق الطبية.

صورة7

وفي سياق الحديث عن عمليات زراعة الكلى، عبر الأستاذ عبدالغفار العوض عن معاناة أحد أقاربه وهو عميد المعاش "عامر فضل الله" البالغ من العمر 68 عامًا والذي كان له قصة معاناة مع مرض الفشل الكلوي، فبعد اندلاع الحرب اضطر للسفر إلى مصر لإجراء عملية زراعة الكلى لكنه توفى نتيجة هبوط في القلب، وجرت محاولات من الأطباء لإنعاش القلب ولكن باءت بالفشل.

صورة 8

وحسب حديث العوض لـ"مصراوي" فإن معظم مراكز الغسيل والمستشفيات كانت مستغلة من قبل ميليشيا الدعم السريع مثلها مثل مساكن المواطنين، مضيفًا أنه "بعد اندلاع الحرب لم يتمكن المرضى من الوصول إلى مراكز الغسيل ومن المعروف أن يتم الغسيل مرتين على الأقل في الأسبوع ولكن وجد المرضى صعوبة بالغة بسبب النقص الشديد في المواد ونقص الدم بسبب عدم إمكانية وصول المتبرعين إلى بنوك حفظ الدم في العاصمة الخرطوم".

9

وفي يوم 14 من شهر أغسطس الجاري في مدينة الدويم بولاية النيل الأبيض، لم يتمكن المرضى من إجراء عمليات الغسيل بسبب انتهاء مخزون مياه تعقيم الماكينات. وتحدث الصحفي السوداني طلال مدثر عن وضع مراكز غسيل الكلى في ولاية الجزيرة، قائلًا إن "كل المراكز في ولاية الجزيرة خرجت عن الخدمة عقب سيطرة الدعم السريع على الولاية وتعدياته على المراكز العلاجية، باستثناء مركزين في مدينة المناقل التي مازال يسيطر عليها الجيش السوداني ومركز بقرية مجاورة تسمى شبشة".

وأكد مدثر لـ "مصراوي" أن "هناك عدد كبير من حالات الوفاة لمرضى الفشل الكلوي، آخرهم المرضى الذين نزحوا من مدن سنجة والدندر لولاية القضارف المجاورة، كثيرين منهم نزحوا سيرًا على الأقدام ومن نجا منهم سيواجه ازدحام مركز الغسيل بالولاية".

صورة 10

وفيما يتعلق بإمكانية الخروج من السودان لتلقي العلاج في دول الجوار، أشار الصحفي طلال مدثر أنه "يكون إما لمصر وهذا يتطلب إجراءات طويلة و شهادة من القومسيون الطبي وانتظار، وإما لأوغندا".

وقالت المنظمة الدولية للهجرة إنه "نحو 10.7 ملايين شخص نزحوا بسبب النزاع، منهم 9 ملايين داخل البلاد، بينما فر 1.7 مليون سوداني إلى دول الجوار"، لتخلق الحرب السودانية أكبر عملية نزوح في العالم.

صورة 11

وفي يونيو الماضي، نشر حاكم ولاية دارفور مني اركو مناوي، مقطع فيديو على موقع "أكس" أظهر فيه استهداف ميليشيا الدعم السريع المستشفى التخصصي بمدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور، وهى المستشفى الوحيد التي يوجد بها مركز غسيل كلوي في الإقليم، وبذلك يكون الدعم السريع حكم بالموت على المرضى.


فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان