إعلان

"ضوء أخضر غير معلن".. هل يغير الدعم الغربي معادلة الحرب في أوكرانيا أم يثير خلافًا بين الحلفاء؟

08:07 م الأربعاء 28 أغسطس 2024

الحرب الأوكرانية الروسية

كتب- محمد صفوت:

تدخل الحرب الأوكرانية الروسية مرحلة جديدة ومثيرة بعد أن شنت القوات الأوكرانية توغلًا جريئًا في منطقة كورسك الروسية، مما يعكس تصاعدًا ملحوظًا في حدة النزاع. في الوقت نفسه، أحدث الضوء الأخضر البريطاني بالسماح باستخدام صواريخ "ستورم شادو" المتطورة لضرب العمق الروسي تحولا نوعيًا في موقفها، الذي كان يتسم بالحذر في السابق.

التطور الجديد في ساحة المعركة ورفع القيود على استخدام الأسلحة الغربية يسلطان الضوء على تغير مواقف القوى الغربية تجاه الحرب الأوكرانية، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في المنطقة، ويفتح الباب أمام تداعيات غير متوقعة في الصراع الذي بات يشكل تهديدًا متزايدًا للأمن والاستقرار العالمي.

1_1_11zon

في السادس من أغسطس الجاري، شنت القوات الأوكرانية هجومًا جريئًا على الأراضي الروسية، وهو التوغل الأول من نوعه في الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية، وحققت كييف مكاسب باحتلال مساحات واسعة من كورسك الروسية، وفق التصريحات الرسمية.

ضوء أخضر بريطاني

في تطور ملحوظ ومغاير للمواقف السابقة، كشفت صحيفة "تليجراف" البريطانية عن "ضوء أخضر" بريطاني غير معلن لاستخدام صواريخ "ستورم شادو" لاستهداف العمق الروسي، في قرار سيثير خلافًا مع واشنطن التي تتحفظ على استهداف العمق الروسي بصواريخ غربية، خشية من اتساع الصراع.

وفق "تليجراف"، تُستخدم صواريخ "ستورم شادو" القادرة على تجنب الرادارات وضرب أهداف دقيقة على مسافة تصل إلى أكثر من 300 كيلومتر، جنبًا إلى جنب مع أنظمة أمريكية سرية، الأمر الذي يتطلب الحصول على إذن من واشنطن.

2

وقالت "تليجراف" إن بريطانيا لم تتقدم بطلب رسمي للولايات المتحدة للسماح لأوكرانيا باستخدام صاروخ "ستورم شادو" لضرب العمق الروسي، حيث تعارض واشنطن نهج حليفتها التاريخية المملكة المتحدة في تقديم المعدات العسكرية لكييف.

صاروخ "ستورم شادو" هو صاروخ كروز جو-أرض متقدم بعيد المدى تم تطويره بشكل مشترك من قبل بريطانيا وفرنسا، مزود برأس حربي يبلغ وزنه حوالي 450 كيلوجرامًا، وهو مصمم لاختراق الأهداف الصلبة قبل الانفجار، مما يجعله فعالاً ضد المنشآت العسكرية المحصنة مثل المخابئ والمستودعات.

قائمة بأهداف روسية

مع إصرار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على رفع القيود على استخدام الأسلحة الغربية، ومناشدته للحلفاء بإمداد جيشه بالعتاد اللازم لضرب العمق الروسي والتحول إلى الهجوم بدلاً من الدفاع.

نقلت "بوليتيكو" الأمريكية عن مسؤولين أوكرانيين قولهم إن كييف تستعد لتسليم قائمة بالأهداف بعيدة المدى في روسيا إلى كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية، وهي أهداف يعتقد الجيش الأوكراني أنه قادر على استهدافها في حال رفعت واشنطن القيود المفروضة على أسلحتها.

صورة 3

ويزور وزير الدفاع الأوكراني رستم عميروف، ومدير مكتب زيلينسكي أندريه يرماك، واشنطن خلال الأسبوع الجاري، لتقديم القائمة إلى الولايات المتحدة في محاولة جديدة لإقناعها برفع القيود على استخدام أسلحتها.

وتحدث مشرعون ومسؤولون أوكرانيون مع "بوليتيكو" عن الطلب الأوكراني المزمع تقديمه خلال الأيام القليلة المقبلة، مؤكدين أنهم رأوا علامات تشير إلى أن أعضاء في الإدارة الأمريكية يفكرون في رفع القيود، وأن واشنطن تدرس طلب كييف.

وكشفت المجلة الأمريكية عن ترتيبات بين واشنطن وكييف لتنظيم لقاء شخصي بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقرر لها سبتمبر المقبل.

خلافات بين الحلفاء

منذ اندلاع الحرب في 24 فبراير 2022، ناشد زيلينسكي الغرب للسماح لبلاده باستخدام الأسلحة الغربية لضرب العمق الروسي، ويوم الاثنين الماضي، قال: "لا ينبغي أن تكون هناك قيود على مدى الأسلحة المتاحة لأوكرانيا، فلا تستطيع استخدام الأسلحة المتاحة لديها لضرب بعض الأهداف العسكرية الروسية".

يرى جيم بيكارد نائب رئيس تحرير الشؤون السياسية في "فاينانشال تايمز"، وبن هول محرر الشؤون الأوروبية في الصحيفة، أن الخلافات بين الحلفاء حول استخدام الأسلحة الغربية في هجمات في عمق الأراضي الروسية واضحة، إذ أن أمريكا وألمانيا تشعران بالقلق من خطر التصعيد في حال ضربت روسيا بصواريخ غربية.

4

وحذرت روسيا مرارًا وتكرارًا من استهدافها بأسلحة غربية، معتبرة أن الغرب "يلعب بالنار" بالسماح لأوكرانيا باستهداف العمق الروسي بأسلحة غربية، محذرة من اندلاع حرب عالمية ثالثة لا تقتصر على أوروبا.

وعلى لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف، قالت روسيا إن الغرب يسعى إلى تصعيد الحرب في أوكرانيا، ويبحث عن المتاعب عبر التفكير في طلبات أوكرانية لتخفيف القيود على استخدام الأسلحة الغربية، مؤكدًا أن بلاده تعدل عقيدتها النووية.

وفق "فاينانشال تايمز"، تُصر الإدارة الأمريكية على موقفها الرافض لرفع القيود على استخدام الأسلحة الغربية، في الوقت الذي لم تسفر فيه تهديدات موسكو عن شيء مع كل خطوة يأخذها الغرب في دعم أوكرانيا مثل إرسال صواريخ دقيقة ودبابات وطائرات مقاتلة.

طلب بريطانيا إلى واشنطن

ونقلت الصحيفة عن مصادر رفيعة المستوى قولها إن الحكومة البريطانية أرسلت طلبًا إلى واشنطن وباريس في وقت سابق من هذا الصيف، وقدمت لندن حججها بأن أوكرانيا يجب أن تكون قادرة على استخدام صواريخ "ستورم شادو" ضد أهداف داخل روسيا.

وتعترف لندن بأن هناك حاجة إلى توافق بين الحلفاء الغربيين بشأن هذه القضية المثيرة للجدل، وأنهم ينبغي أن يتحركوا في خطوة واحدة.

5

وقال مصدر مطلع على المباحثات إن هناك اعتبارات أخرى، إذ أن صواريخ "ستورم شادو" تتطلب الوصول إلى معلومات استخباراتية ومراقبة واستطلاع أمريكية في المناطق التي تشوش فيها روسيا على إشارات "GPS" المستخدمة في توجيه هذه الأسلحة.

وأكدت "فاينانشال تايمز" ما نشرته "تليجراف" بشأن سماح بريطانيا لأوكرانيا باستخدام صواريخ "ستورم شادو" لاستهداف العمق الروسي، رغم التحفظات الأمريكية.

ستارمر يرفض التحدث عن الخلافات

خلال زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني إلى ألمانيا، اليوم الأربعاء، وهي أول زيارة خارجية له منذ توليه المنصب، سئل في مؤتمر صحفي عما إذا كانت واشنطن ترفض استخدام أوكرانيا لصواريخ "ستورم شادو"، لكنه رفض التعليق على الأمر وقال: "إنه غير مستعد للدخول في أسئلة تكتيكية حول استخدام الأسلحة".

6_2_11zon

وواصل ستارمر حديثه بالقول إن حكومته تدعم نهج الحكومة البريطانية السابقة، مضيفًا: "قدمنا الدعم والأسلحة لأوكرانيا بما يتماشى مع نهج حلفاء رئيسيين آخرين"، وإنه يتبنى "نهجًا استشاريًا" في المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن هذه القضية بعد الخلافات الدبلوماسية السابقة في عهد حزب المحافظين.

ونقلت "تليجراف" عن مصدر في البيت الأبيض قوله إن الإدارة الأمريكية لديها مخاوف من أن استخدام صواريخ "ستورم شادو"، حتى بدون موافقة الولايات المتحدة، قد يؤدي إلى تصعيد ويؤدي إلى جر القوات الأمريكية إلى الصراع.

وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي قد قال إنه "لا توجد تغييرات" في السياسة الأمريكية فيما يتعلق بالقيود المفروضة على استخدام أوكرانيا للأسلحة الغربية، مشيرًا إلى أن هناك مباحثات في هذا الشأن، لكن "ستبقى سرية".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان