من موسم الفرح إلى تهديدات أمنية.. ماذا يحدث في أسواق عيد الميلاد بأوروبا؟

كتبت:- سهر عبد الرحيم

في السنوات الأخيرة تحول عيد الميلاد، من موسم يحتفل فيه ألاف الأشخاص وتسوده أجواء الفرح، وتعتبره أوروبا رمزًا للتقاليد والاحتفالات التي تجمع ملايين الزوار سنويًا، إلى موسم للمخاطر الأمنية والحوادث المأساوية.

وقد شهدت أسواق عدة لهدايا أعياد الميلاد بمدن أوروبية لسلسلة من الحوادث المؤلمة، مسفرة عن وقوع قتلى وجرحى وأجواءً من الحزن والقلق، وكان آخرها حادث دهس في مدينة نيو أورليانز الأمريكية.

حادث الدهس في مدينة نيو أورليانز الأمريكية 2025

في اليوم الأول من العام الجديد، تعرضت مدينة نيو أورليانز الأمريكية، لحادث دهس سقط فيه 10 قتلى و30 جريحًا، ما وصفه عمدة المدينة بأنه "هجومًا إرهابيًا".

وأفادت وسائل إعلام أمريكية، اليوم الأربعاء، بمقتل منفذ حادث الدهس بمدينة نيو أورليانز في ولاية لويزيانا الأمريكية، خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة.

وقالت شرطة نيو أورليانز، إن منفذ هجوم نيو أورليانز خرج من شاحنته وأطلق النار، مؤكدة أن حادث الدهس كان متعمدًا.

وفي وقت سابق، نقلت قناة "سي.بي.إس" الأمريكية عن شهود عيان قولهم، إن "شاحنة صدمت حشدًا بسرعة عالية، ثم خرج السائق وبدأ في إطلاق النار، وردت الشرطة بإطلاق النار عليه".

🚨 السيارة المستخدمة في الهجوم الإرهابي في ليلة رأس السنة في نيو أورليانز. pic.twitter.com/o3NWHzGgQt

— الأحداث الأمريكية🇺🇸 (@NewsNow4USA) January 1, 2025

وأضافت القناة الأمريكية، أن السيارة صدمت عددًا من المتواجدين في شارع بوربون بالحي الفرنسي في مدينة نيو أورليانز.

ABD'nin New Orleans kentinde bir aracın kalabalığa dalması sonucu en az 10 kişi hayatını kaybetti.
pic.twitter.com/MO1ZOPbAxi

— Havadis (@havadiscom) January 1, 2025

اقتحام سوق مدينة ماجديبورج الألمانية 2024

شهد سوق هدايا لعيد الميلاد في مدينة ماجديبورج بشرق ألمانيا، حادثًا مأساويًا، إذ اقتحمت سيارة مسرعة السوق ودهست مجموعة من المواطنين، ما أسفر عن مقتل 5 أشخاص وإصابة أكثر من 200 آخرين، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الألمانية.

وبحسب إذاعة MDR، اقتحمت السيارة السوق بسرعة عالية متجاوزة الحواجز، ما تسبب في حالة من الهلع، وأغلقت الشرطة المنطقة المحيطة بالسوق بسبب الاشتباه في وجود متفجرات داخل سيارة المشتبه به.

ومنفذ عملية الدهس هو طبيب سعودي اسمه طالب عبد المحسن (50 عامًا)، لديه وجهات نظر متطرفة ومعادية للإسلام، ويعمل طبيبًا في مدينة بيرنبورج جنوبي ماجدبورج، ويعيش في ألمانيا منذ عام 2006 وحصل على اللجوء في عام 2016.

وتعليقًا على الحادث، قال المستشار الألماني أولاف شولتس، إن حادث الدهس في سوق عيد الميلاد "يثير أسوأ المخاوف".

ومن جانبها، أعربت السعودية عن إدانتها لحادث الدهس في ماجدبورج، إذ قالت الخارجية السعودية، في بيان لها عبر منصة إكس"، "تعرب وزارة الخارجية عن إدانة المملكة حادثة الدهس، معبرة عن تضامنها مع الشعب الألماني وأسر الضحايا"، مؤكدة موقفها في نبذ العنف.

#بيان | تعرب وزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية حادثة الدهس التي وقعت في سوق بمدينة ماغديبورغ في جمهورية ألمانيا الاتحادية، ونتج عنه وفاة وإصابة عدد من الأشخاص، معبرةً عن تضامنها مع الشعب الألماني وأسر الضحايا. pic.twitter.com/qShxcSrMcL

— وزارة الخارجية 🇸🇦 (@KSAMOFA) December 20, 2024

وفي أعقاب الحادث، وجه الإعلام الألماني انتقادات للحكومة الألمانية، لتجاهلها التحذيرات ضد منفذ حادث الدهس لسوق هدايا عيد الميلاد بمدينة ماجديورج، بالرغم من تهديداته عبر منصة "إكس".

وقال الإعلام الألماني، إنه "كان يمكن تفادي حادث الدهس لو تم التحقيق مع المنفذ بعد التحذيرات التي تلقتها الحكومة من قبل السعودية".

ويُشار إلى أن السلطات الألمانية قد تلقت تحذيرات عدة بشأن منفذ الهجوم على سوق هدايا عيد الميلاد في ماجدبورج.

وقال مصدر سعودي، إن السعودية حذرت السلطات الألمانية 3 مرات من طالب عبدالمحسن، منفذ الهجوم، موضحًا أن التحذير الأول جاء في عام 2007 وكان متعلقًا بمخاوف لدى السلطات السعودية من أن عبدالمحسن الذي لديه وجهات نظر متطرفة.

منفذ الهجوم الإرهابي في #ألمانيا معروف بتاريخه الإلحادي وعدائه للدين الإسلامي، بل وتحريضه للشباب على الإلحاد والانفصال عن هويتهم. هذا الشخص يمثل نفسه فقط، ولا يعكس قيم مجتمعه أو البلد التي نشأ فيها. لذا، من غير الحكمة أن ننساق خلف الإعلام الغربي في توجيه الاتهامات نحو بلادنا… pic.twitter.com/5cX5arrNrT

— 🇵🇸 أدهم أبو سلمية (@AdhamPal922) December 21, 2024

وأضاف المصدر السعودي، أن المملكة العربية السعودية تعتبره هاربًا، وطلبت تسليمه من ألمانيا بين عامي 2007 و2008، لكن برلين رفضت، مبررة رفضها بمخاوف بشأن سلامة الرجل في حال عودته، حسب حديثه مع وكالة "رويترز".

وفي عام 2023، طلبت السعودية من ألمانيا، عبر هيئة الشرطة الدولية (الإنتربول)، اعتقال عبدالمحسن للاشتباه في قيامه بأنشطة إرهابية، لكن السلطات الألمانية رفضت هذا الطلب لأنه قد يكون له دوافع سياسية، حسبما أفادت به مجلة "دير شبيجل" الألمانية.

كما ذكرت قناة "العربية/ الحدث"، أن الهجرة الألمانية تجاهلت تحذيرات سيدة سعودية قبل عام ضد منفذ الدهس بعزمه قتل ألمان.

وفي أواخر نوفمبر الماضي، نصحت وزيرة المالية الألمانية نانسي فيزر بتوخي الحذر في أسواق عيد الميلاد.

وأعاد حادث سوق عيد الميلاد بمدينة ماجديبورج للأذهان حادث سوق لهدايا عيد الميلاد ب برلين عام 2016، والذي قام به إسلامي متطرف.

ففي 19 ديسمبر 2016، اقتحم متطرف يدعى أنيس العامري، تونسي الجنسية، بسيارة مسروقة سوق عيد الميلاد بمنطقة بريتشيدبلاتس بالعاصمة الألمانية برلين، ما أسفر عن مقتل 13 شخصًا وإصابة نحو 50 آخرين.

“ديلي ميل” تكشف تفاصيل جديد مُفاجئة عن التونسي “أنيس العامري” منفذ هجوم برلين https://t.co/Si7M1AEYOM pic.twitter.com/wWTN8SN7Yo

— وطن. يغرد خارج السرب (@watanserb_news) December 26, 2016

وأكدت الشرطة الألمانية، آنذاك، أن السائق دهس الحشد بشكل متعمد، مرجحة أن الحادث كان اعتداء إرهابيًا.

وعُثر داخل الشاحنة على جثة رجل بولندي، وقال وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير: "هناك العديد من الأسباب التي تدفع للاعتقاد بأن الحادث هو اعتداء". ومع ذلك، أكد أن التحقيقات ما زالت جارية للكشف عن دوافع الحادث وهوية مرتكبه.

وجاء العامري إلى ألمانيا كلاجئ في عام 2015، بعد سنوات من السجن في إيطاليا، وكان تحت مراقبة الشرطة بسبب ماضيه الإجرامي واتصالاته المشبوهة مع "جماعات إرهابية"، لكنه تمكن من التسلل من المراقبة.

وبعد تنفيذ الهجوم، فر العامري من موقع الحادث، لكنه قُتل في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة في إيطاليا بعد أيام.

هجوم ستراسبورج 2018

في ديسمبر 2018، تعرض سوق لهدايا عيد الميلاد بمدينة ستراسبورج شرقي فرنسا، هجوم مسلح، ما أسفر عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 12 آخرين.

وبعد يومين من الهجوم، أعلنت الشرطة الفرنسية قتل المشتبه به شريف شيخات، نتيجة تبادل إطلاق النار.

وقالت السلطات الفرنسية إن المشتبه به معروف لدى الأجهزة الأمنية وهو شاب فرنسي من أصول أفريقية يبلغ من العمر 29 عامًا وولد في مدينة ستراسبورج.

وأعلنت باريس رفع حالة التأهب الأمني بعد الهجوم، وقال وزير الداخلية كريستوف كاستانير، إن "الحكومة رفعت مستوى التأهب إلى مستوى "الهجوم الطارئ" مع تنفيذ إجراءات معززة لمراقبة الحدود وتشديد الرقابة على جميع أسواق عيد الميلاد في فرنسا لتجنب خطر الهجمات المماثلة".

وبعد قتله مباشرة، زعمت وكالة الأنباء "أعماق" التابعة لتنظيم داعش، أنه جندي من جنوده.
وقد أُدين شيخات ب 27 جريمة، من بينها السرقة في دول عدة منها فرنسا وألمانيا وسويسرا، وقضى فترة طويلة في السجن بسبب تلك الجرائم.

هجمات مدن نانت وديجون 2014

في ديسمبر 2014، اقتحمت سيارة مسرعة سوقًا مزدحمًا لهدايا عيد الميلاد بمدينة نانت غربي فرنسا، ما أسفر إصابة 10 أشخاصًا على الأقل بعضهم في حالة خطرة.

وقبل هجوم نانت بيوم واحد، تعرضت مدينة ديجون الفرنسية لحادث، إذ صدم سائق عددًا من المارة ما تسبب في جرح نحو 13 شخصًا.

وقبل حادث ديجون، قالت الشرطة الفرنسية إنها قتلت رجلًا مسلحًا بسكين هاجم 3 من رجال الشرطة، رميًا بالرصاص بعدما اقتحم مقرًا للشرطة بالقرب من مدينة تور وسط البلاد.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي، آنذاك، مانويل فالس، إنه "لا توجد صلة" بين الهجمات الثلاثة الأخيرة التي وقعت في 3 مدن وأسفرت عن إصابة 20 شخصًا على الأقل.