إعلان

"المرأة في المسيحية".. كتاب يفجر الأزمة بين اليمين واليسار في الكنيسة

01:30 م السبت 03 ديسمبر 2016

الأنبا بفنوتوس

المنيا - ريمون الراوي:

أثار الأنبا بفنوتوس - مطران سمالوط للأقباط الأرثوذكس، جدلا كبيرا حول كتابه الأخير "المرأة في المسيحية"، والذي طالته سهام الانتقاد من الأقباط أصحاب الآراء المحافظة، بينما دافع عنه بعض الناشطين والمفكرين الأقباط، بدعوى تنقية الكنيسة من عادات وتقاليد لا تتفق مع جوهر الفكر المسيحي.

وتطرق الكتاب لقضايا ممارسة المرأة للطقوس الكنسية بعد الولادة، وختان الذكور والإناث، وسائل تنظيم الأسرة والإجهاض، واتحاد الروح البشرية بخلايا الجنين في بطن أمه، إلا أن نقطة واحدة كانت هي المحرك لإطلاق الجدل الدائر، وهي إجازة المؤلف لتناول المرأة الحائض وهو أقدس طقس كنسي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

والتناول هو الاشتراك في تناول الخبز المقدس الذي يقدم في الجزء الأخير من صلوات القداس، ويلتزم المتناول بحضور أغلب صلوات القداس مع الاستعداد الروحي والنظافة الشخصية والتطهر.

الغلاف الأمامي للكتاب

وبينما أصدر مجمع الكنيسة القبطية بيان مقتضب يدافع فيه عن ممارسات كنسية مستقرة عبر قرون، ويشدد علي أن الأفكار المضمنة بكتب لا تعبر إلا عن رأي أصحابها، دون إشارة لهذه الكتب أو التعرض للأنبا بفنتيوس.

لكن الأنبا أغاثون - أسقف مغاغة والعدوة، بمحافظة المنيا، رد على كتاب مطران سمالوط، بورقة بحثية واصفا تلك الأفكار بأنها بدعة، دون التعرض لشخص الأنبا بفنوتيوس.

ورغم عدم ذكر الأنبا أغاثون لاسم مطران سمالوط في مقاله، إلا أنه أشار لكتاب أخر سبق كتاب الأنبا بفنوتيوس، هو كتاب: "المرأة و التناول"، الذي أصدره أحد الرهبان الأقباط، وبسببه تمت مناقشة أمر تناول المرأة الحائض أو بعد الولادة في اللجان الفرعية للمجمع المقدس، الذي يضم أساقفة الكنيسة. 

وأيد كثير من الأقباط رأي الأنبا أغاثون الذي ضمنه في محرر بحثي، من 14 ورقة، وفي المقابل حرر ناشطون و مفكرون أقباط مقالات وبيانات تؤيد رأي الأنبا بفنوتيوس أسقف سمالوط، وذهب أحدهم في وصفه للمواقف المخالفة لرأي الأنبا بفنوتيوس بأنه تمسك بعادات يهودية تسللت للفكر المسيحي.

ولا يظن المطالع لتطورات القضية أنه خفي على الأنبا بفنوتوس، مطران سمالوط، الجدل الذي سيصاحب تضمينه لأرائه الشخصية في كتاب، لأنه سبق وأرفق عنوانه جانبيا لعنوان كتابه قال فيه أنها قضايا مثيرة للجدل.

القضية بدأت بنشر الأنبا بفنوتيوس، مطران سمالوط للأقباط الأرثوذكس، كتابا بحثيا من تأليفه حمل عنوان "المرأة في المسيحية قضايا مثيرة للجدل"، ناقش فيه قضايا عقائدية أغلبها مرتبط بأمور فسيولوجية، كقضايا الختان واتحاد الروح البشرية بالجنين المكون في بطن أمه، وقضية تناول المرأة من الخبز المقدس، خلال فترة الحيض، وكانت القضية الأخيرة هي محل انطلاق الجدل والنقاش المحتدم بين المعارضين والمؤيدين لرأي مطران سمالوط، المعروف عنه أنه درس الطب قبل الرهبنة وقبل أن يصبح أسقفا ثم مطرانا.

وقال مطران سمالوط في إحدى صفحات كتابه المتداول صورة لها، عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "للرد علي الرأي الخاطئ القائل: لا تتناول المرأة أثناء الدورة الشهرية، إن "الدسقولية" لا تمنع التناول أثناء الدورة الشهرية: "فيجب عليك أن تصلي كل حين، وتنالي من الشكر، وتغتنمي حلول الروح القدس عليكِ".

وتابع في نفس الصفحة قائلا: "إن التعليم الأرثوذكسي الكتابي السليم يقول إن الدورة الشهرية هي عملية فسيولوجية طبيعية خلقها الله مثل باقي إفرازات الجسم؛ فهل نمنع من التناول إنسانا ما بسبب العرق أو اللعاب أو الدموع أو ...؟!!"

صفحة من الكتاب متداولة بالفيس بوك

من جانبه أصدر المجمع المقدس للكنيسة القبطية بيانا قال فيه: "ننبه وننوه إلى أن التقاليد المستقرة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عبر القرون، باقية ومستقرة ولها كل الاحترام والتقدير".

وتابع البيان: "أيضا نوضح أن الكتب والدراسات التي تناقش مثل هذه الموضوعات، تعتبر مجرد عمل بحثي بحت، لا تعبر سوى عن رأي أصاحبها، أو وجهة نظره، وبالتالي فهذا ليس رأي الكنيسة، ولا رأي المجمع المقدس، الذي يشكل لجانًا متخصصة من الآباء والخدام المتخصصين في حالة مناقشة أي من الموضوعات، ويقرر بعد الدراسة الأمينة، ما هو في صالح الرعية وسلام الكنيسة".

وأعد الأنبا أغاثون - أسقف مغاغة والعدوة، ورئيس رابطة خريجي الكلية الاكليريكية اللاهوتية للأقباط الأرثوذكس، مذكرة من 14 صفحة للرد على ما أشار إليه بالأقاويل المثارة، والتي وصفها بالبدعة، مستشهدا بكتابات عدة وعظات للراحل البابا شنودة الثالث، وكذلك أراء وكتابات للراحل الأنبا غريغوريوس، أسقف البحث العلمي، بالإضافة إلي عدد من المراجع الكنسية القديمة لكبار رجال الكنيسة القبطية عبر القرون الماضية، مؤكدا أن المذكرة هي نواة لتحرير كتاب كامل بصدد إنجازه قريبا.

وخلص أغاثون في بحثه بأن المنع من التناول من الأسرار المقدسة للمرأة الحائض أو الوالدة، ليس ارتدادا لشرائع يهودية إنما هو عرف مسلم به من قبل أباء الكنيسة المتفق علي تعاليمهم أرثوذكسيا، وأمر يتفق مع قوانين وطقوس الكنيسة المستقر عليها، والتي تتفق مع الكتاب المقدس، وليس فيها تقليل من شأن المرأة.

وقال مصدر كنسي، رفض ذكر اسمه، إن التعليم المسيحي يشدد على عدم نجاسة أي إنسان مؤمن إلا بالخطية، ولكن بسبب التقوى والحرص اللائق بالتناول من الخبز المقدس يليق بالرجل والمرأة أن يمتنعا عن التناول في فترات عدم الاستعداد الجسدي، ومنها الإفرازات الجسدية بأنواعها "الدورة الشهرية، العلاقات الزوجية وغيرها..".

وأضاف نفس المصدر أنه من المعروف أن أغلب السيدات يصيبهن القليل من الإجهاد مرافقا لفترة الدورة الشهرية، وبعضهن تتأثر حالتهن النفسية أو تعاني من آلام أو إعياء، وفي كل هذه الحالات لا يليق المشاركة في طقس يحتاج الكثير من الانتباه والسمو بالفكر والمشاعر، وللمرأة فرصة كافية باقي أيام الشهر للمشاركة في التناول كما ترغب.

وقال الدكتور مينا ثابت، الأستاذ بكلية الطب جامعة المنيا، إن التعليم والتقليد المسيحي ومنذ القرون الأولى للمسيحية يؤكد على إن جسد الإنسان - رجلا كان أو امرأة - الذي تقدس بالمعمودية وحلول الروح القدس، هو طاهر من كل دنس ولا تستطيع أية عملية بيولوجية - كالحيض عند النساء - أن تنقص من تلك الطهارة وحاشا ــ بحسب تعبير ثابت.

وأكد ثابت تأييده الكامل لموقف الأنبا بفنوتيوس - مطران سمالوط، الذي أعلنه في أن المسيحية الأرثوذكسية لا تمنع المرأة الحائض من التناول، بسبب هذه العملية البيولوجية التي خلقها الله القدير مبدع الطهارة، واستنكر ثابت وصف أحد الأساقفة لرأى مطران سمالوط بالبدعة، والتفافه المخزي ــ حسب تعبير ثابت ــ على النصوص القاطعة فى كتاب "الدسقولية المقدسة"، الذي يعود للقرون الأولى للمسيحية، والذي أكد على عدم وجود أي ذنب للمرأة في هذه العملية البيولوجية - الحيض - مبيحا لها التقرب من التناول المقدس.

وأكد ثابت أن أغلب الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية تنظر بكل حسرة لهذا التقليد اليهودي، في التقليل من شأن النساء الذي تسلل لإحدى أعرق كنائس العالم وهى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - بحسب وصفه.


الغلاف الخلفي

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان