لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

جلس عليه عمالقة الأدب.. "البيزنس" يطفئ أنوار مقهى المسيري بدمنهور

02:51 م الأربعاء 25 أكتوبر 2017

البحيرة – أحمد نصرة:

شأنه شأن العديد من الأماكن الأثرية والتراثية في أنحاء مصر، لم يستطع مقهى المسيري التاريخي، والذي كان شاهدًا على حركة تنويرية هائلة في منتصف القرن الماضي، الصمود أمام طوفان "البيزنس" والذي أسال لعابه المبنى العتيق الذي يشغل المقهى دوره الأرضي.

فبعد عقود طويلة من التنوير قاربت قرنًا من الزمان، نافس خلالها أشهر المقاهي الثقافية بالقاهرة، وجلس عليه عمالقة الفكر والأدب، انطفأت أخيرًا أنوار مقهى المسيري استعدادًا لهدم مبناه ذي الطابقين الوحيدين، ليحل محله بناية أكبر يمكن أن تمثل مشروعًا استثماريًا مُغريًا في أحد أهم المناطق التجارية بالمدينة.

المؤرخ البحراوي "خالد معروف" الشهير بـ"جبرتي البحيرة" يقول: مقهى المسيري بشارع 23 يوليو، الأميرة فوقية سابقًا، أسسه الأديب القهوجي عبد المعطي المسيري في بداية ثلاثينيات القرن الماضي، حيث انتقل به من مجرد مقهى لاحتساء الشاي والقهوة، إلى واحد من أهم مصادر الإشعاع الثقافي والأدبي بالندوات واللقاءات الأدبية، التي كانت تُعقد بين جنباته وتنافس في شهرته المقاهي الكبيرة في القاهرة والإسكندرية."

وتابع المؤرخ: "المقهى كان شاهدًا على كافة الأحداث السياسية ومجرياتها في دمنهور خلال حقبة الثلاثينيات وحتي ستينيات القرن الماضي، كما لعب دورًا مهمًا في الحركة الوطنية ضد الاحتلال البريطاني لمصر، وكان مقرًا لجمع التبرعات لمساعدة الجيش المصري أثناء حرب فلسطين الأولى سنة 1948، ومنه خرجت المظاهرات ضد الاحتلال البريطاني سنة 1951، لا سيما بعد إلغاء معاهدة 1936
.
ويستطرد "جبرتي البحيرة": "العديد من عمالقة الأدب والشعر والصحافة ورواد القصة زاروا المقهى وجلسوا بين جنباته، واستلهموا من شخصياته ورواده بعض شخصيات وأفكار قصصهم ورواياتهم، فقد زاره الشاعران أحمد محرم وعلي الجارم وغيرهما، ومن الأدباء يحيى حقي، وتوفيق الحكيم، ومحمود تيمور، وزكي مبار، ونجيب محفوظ، ومحمود أمين العالم، وأمين يوسف غراب، و محمد عبد الحليم، وإسماعيل الحبروك، وخيري شلبي، ورجب البنا، وياسين الفيل، ومحسن الخياط، ويوسف القعيد".

وحول دور تلك المقاهي سابقًا في تثقيف المواطنين، يقول الأديب كامل رحومة: "أدت بعض المقاهي في مصر دورًا مهمًا في الحياة الثقافية والسياسية في النصف الأول من القرن الماضي. ومن أهم هذه المقاهي مقهى المسيري الذي امتدت أنشطته ودوره التوعوي إلى محافل أخرى خارج المقهى، كالأندية الرياضية والاجتماعية، وأحيانًا كثيرة، المساجد والكنائس، يل وصل الأمر إلى عقد ندوات بالسجون".

ويضيف رحومة : "اشتهر مقهى المسيري بتبني صنوف الآداب بين أغلب روّاده، من رواية وشعر وقصة قصيرة ونثر وحكايات ودراما، ولم يقتصر الأمر على الأدب فحسب، بل امتد إلى رعاية الفنون على اختلافها، مثل المعارض التي كانت تقام في المقهى للفنون التشكيلية والتصوير الفوتوغرافي".

وتابع: "من المعلوم أن مصوّر الأهرام الشهير "أنطوان ألبير" الذي يعد من أشهر مصوري الصحافة المصرية في تاريخها، هو من تلاميذ المقهى، ومن المعلوم أن من رواد المقهى مؤسس أوركسترا القاهرة السيمفوني "محمد حسن الشجاعي" صاحب سيمفونتي "متتابعات أخناتون" و"أرض الوطن".

وقد ترك العديد من مشاهير الأدب شهاداتهم عن المقهى، فقال الأديب "يحيى حقي": "ذلك المثقف أو الأديب الذي يفكر في زيارة مدينة التاريخ القديم والتجار الشطار لكي يتعرف إلى صور الحياة وعادات الناس هناك، لا بد من أن يجلس على رصيف مقهى المسيري الذي يمثل ظاهرة مهمة عند أبناء المدينة المثقفين والأدباء والزجالين".

وقال عنه الأديب "محمود البدوي": "كانت قهوة المسيري منتدىً أدبيًا عامرًا وحافلاً على الدوام بالأدباء من القاهرة والإسكندرية ودمنهور".

أما الكاتب الصحفي رجب البنا فيقول: "عشت أهم تجربة ثقافية من خلال قهوة المسيري، التي لم تكن مقهى تقليديًا بالمعنى المعروف، وقد عرفت للمرة الأولى نجيب محفوظ، ويحيى حقي، ولويس عوض، ود. محمد مندور من خلال قهوة المسيري، فهذه الأسماء الكبيرة كانت تتردد عليها لشعورهم أن دمنهور بها تجربة ثقافية كبيرة وجيل جديد من الأدباء والمفكرين، وكنتُ واحدا من هؤلاء، وحتى الآن لم تتكرر حالة الفوران الثقافي التي تسببت فيها داخل دمنهور".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان