"صفية".. نهش السرطان جسدها فطردها زوجها وحرمتها حماتها من طفليها

البحيرة – أحمد نصرة:

في غرفة متواضعة خالية من الأثاث، إلا من سرير متواضع، استلقت عليه "صفية"، شاحبة الوجه منهكة القوة، وبالبرغم من أن عمرها لم يتعد الـ34 عامًا، ظهرت عليها آثار معركة تعيشها مع مرض السرطان، دارت رحاها داخل جسدها الضعيف، الذي أنهكه المرض اللعين.

"جوزي بطل يصرف عليا ورماني عند أمي واخواتي".. قالت "صفية" بصوت ضعيف متقطع شارحة مأساة حياتها اليومية، والتي ازدادت سوء بعد أن منعت حماتها طفليها الاثنين من الذهاب إليها، وأخافتهم من الاقتراب منها اعتقادًا بأن السرطان مرض معد.

"عاوزة أشوف ولادي قبل ما أموت".. رغبة نطقت بها "صفية" تمنتها عن أي شيء آخر، حتى العلاج الذي يخفف من آلامها، ولا تقوى على شرائه بسبب حالتها المادية، هي أو أشقاءها الذين يتكفلون بها حاليًا.

وروت صفية قصتها مع المرض قائلة: "عملت عملية استئصال لصدري الأيمن منذ عامين، ولكن بسبب ظروف زوجي الاقتصادية أهملنا العلاج، وانتشر المرض وتفاقم في جسمي".

وقال عبدالخالق السيد – أحد المتابعين لحالة صفية: "أخبرني الطبيب المعالج أن الحقن التي تحتاجها صفية والتي تتكلف 2500 جنيه شهريًا ليست لعلاجها، لأنه وبحسب كلامه لا أمل في علاجها وأيامها في الدنيا أصبحت معدودة، وكل ما هنالك أنها تعطل انتشار السرطان داخل العظام بقدر المستطاع لحين وفاتها، ونحاول الآن توفير هذه الحقن للمساهمة في تخفيف آلامها في أيامها الأخيرة، نظرًا لأن المستشفيات الحكومية لا تصرفها".

وأضاف: "من ساعة ما ابنها الطفل من 20 يومًا رفض أنه ييجي في حضنها، لما طلبت منه كده علشان جدته حذرته إنه يقرب منها خوفًا من العدوى بحسب اعتقادها، وهي مش بتاكل بسبب نفسيتها الحزينة، ووزنها نزل لدرجة إنه في الأسبوع الأخير اتلغت جلسة الحقنة الشهرية بتاعتها بسبب عدم وجود عروق في جسمها والدكاترة رجعوها للعلاج واسترداد العافية".

وأضاف عبدالخالق: "في محاولة إنسانية للتخفيف عن آلام صفية نجحنا من خلال جمعية "الصفا والمروة" الخيرية في إحضار أطفالها من عند أبيهم لزيارتها، وكان مشهدًا مؤثرًا وفضلت تحضنهم وتبوس فيهم وتمسح على راسهم بلا توقف".

وانصرف الطفلان عقب زيارة قصيرة لتبقى صفية وحيدة تصارع مرضها، وتتقلص آمالها في الحياة إلى مجرد حقنة تخفف من آلامها كي تقضي ما تبقى من عمرها بقدر أقل من المعاناة، ولكن حتى هذا الأمل البسيط تعجز عن تحقيقه بسبب ضيق ذات اليد".