إعلان

بالصور- مأساة تلاميذ مدرسة علم المرقب الابتدائية بالبحيرة: التراب رفيقهم

12:13 ص الجمعة 03 نوفمبر 2017

البحيرة – أحمد نصرة:

دائمًا ما يحمل الإنسان ذكريات مميزة وغالية لفترات دراسته في مرحلة الطفولة، أما تلاميذ مدرسة علم المرقب الابتدائية بالبحيرة، فالأمر يختلف معهم كلية، فإلى جوار رفاق دراستهم الطبيعيين، سيتعين عليهم تذكر أشياء من نوع آخر، مثل التراب الذي ظل يلازمهم على مدار 3 أعوام، فامتلأت به رئاتهم الغضة، وتشبعت ملابسهم بأكوام منه، يأبى أن يفارقهم طوال اليوم الدراسي؛ بل يصل معهم إلى منازله.

مجموعة من الجدران المتراصة بأنواع مختلفة من الطوب أبيض، أحمر، أسمنتي، وأرض ترابية مليئة بالحصى والحجارة، داخل مبنى لا تدرك معالمه، أهو حضانة أم دار مناسبات أم مصلى نساء؟ لم يجد أهالي القرية غيره أمامهم ليتفادوا نقل أبنائهم بعد هدم مدرستهم، لمدارس أخرى أقربها تبعد عن القرية مسافة لا تقل عن 7 كيلومترات.

1

"المسؤولين وعدونا أن يتم بناء المدرسة في غضون عام واحد، وبناء على ذلك تصرفنا وجهزنا بإمكانياتنا المتواضعة، مبنى ملحق بمسجد القرية، باعتباره حلاً مؤقتًا، ولكن العام أصبح عامين، ثم دخل العام الثالث دون أن يتحرك مسؤول لوضع طوبة واحدة في بناء المدرسة".. يقول كريم الصنقري – ولي أمر أحد التلاميذ.

3

"النظافة من الإيمان" عبارة خطت على أحد الجدران، في بيئة على النقيض منها تمامًا، وفي ظل ضعف الإمكانيات، لم تجد إدارة المدرسة أمامها سوى رسم سلة مهملات أسفلها بعد أن عجزت عن توفيرها في الواقع، أما الحدائق والملاعب فمجرد الحديث عنها يعد ترفًا وحلمًا صعب المنال في مثل هذا المكان.

"مدرستنا القديمة كان فيها ملعب بنلعب فيه، المدرسة الجديدة مفيهاش، نفسي ألعب مع أصحابي كورة زي زمان". يقول إبراهيم تلميذ بالمدرسة.

2

بنظرة واحدة نحو حجرات الدراسة، يمكن تبين كارثية الوضع، ما بين حجرة مظلمة وتفتقر للتهوية والإضاءة الجيدتين، وأخرى مسقوفة بخوص تنتشر به فجوات وثقوب، لن تلبث أن تتحول إلى مخرات للأمطار في فصل الشتاء، وثالثة تفتقر لمعايير الأمن والسلامة، من توصيلات كهربائية وأسلاك مكشوفة، ومواد بناء ملقاة بجوانبها.

يقول عبد الله القطعاني: "مكان غير آدمي ولا يصلح بالمرة، ولكن مجبرين على كده.. وإلا هنضطر ننسيب أولادنا يتبهدلوا على الطرق.. إحنا مش بنطلب حاجة كبيرة، مش عاوزين غير إن المدرسة تتبني، ويدوها الأولوية عن حاجات كتير بتتعمل وملهاش لازمة".

4

في نهاية كل حجرة دراسية وجوانبها تستطيع أن تلمح عددًا ليس بقليل من التلاميذ يجلسون القرفصاء، أو يفترشون الأرض الترابية، بينما عدد آخر يجلس على مقعد متهالك، يكاد ظهره ينقسم من الانحناء على كتبه، نظرًا لعدم وجود "تختة" أمامه للكتابة عليها، أما سعداء الحظ ممن استطاعوا أن يجدوا تخت للكتابة عليها، فليسوا بأفضل حال، في ظل التزاحم على هذه الميزة التي جعل "التختة" الواحدة مخصصة لـ4 تلاميذ وأحيانًا أكثر.

تقول ولية أمر، رفضت ذكر اسمها: " كل يوم ابني بيرجعلي بيشكي من ضهره بسبب القعدة، وهدومه كلها تراب، جاتله حساسية ومش بيبطل كحة، وناس خوفتني وقالتلي إنه ممكن يجيله تقوس في ضهره بسبب القعدة الغلط، ومش عارفة أعمل إيه".

5

في الوقت الذي تشير فيه المواصفات القياسية للمباني التعليمية بمصر إلى ضرورة توفير دورة مياه لكل 30 تلميذًا، وحوض غسيل لنفس العدد، لا يوجد بالمكان سوى حمامين صغيرين، بكل منهما دورة مياه واحدة، خصصت إحداهما لخدمة نحو 400 تلميذ دون فصل بين الذكور والإناث، والأخرى خُصصت للمعلمين، والاثنتان مزودتان بحوض مياه وحيد لكل هذه الأعداد.

محمد – تلميذ بالصف الثاني الابتدائي يرصد المأساة: "وقت الفسحة محدش بيعرف يدخل الحمام من الزحمة، فيه عيال بتروح حمامات الجامع، وفيه بيروحوا بيوتهم علشان يدخلوا الحمام هناك".

6

من جانبه قال المهندس راضي عمار، رئيس الوحدة المحلية لمركز أبو المطامير، المدرسة جرى هدمها بمعرفة الأبنية التعليمية منذ عامين دراسيين، وتم إلحاق التلاميذ على دار مناسبات بناءً على رغبة الأهالي بعد رفضهم التوزيع على مدارس أخرى، والمدرسة صدر لها قرار إحلال وتجديد، ومن المنتظر إعادة بنائها في عام 2018، وأكدت المهندسة هالة مسعود رئيس هيئة الأبنية التعليمية بالبحيرة أن المدرسة أدرجت على الخطة ضمن 54 مدرسة أخرى جاهزة للطرح ومنتظر الإعلان عنها مركزيًا، من خلال الهيئة بالقاهرة.

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان