في الذكرى 61 لصمود المقاومة الشعبية أمام العدوان الثلاثي.. تفاصيل 3 بطولات لفدائيي بورسعيد
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
بورسعيد - طارق الرفاعي:
استيقظ أهالي بورسعيد، 29 أكتوبر من عام 1956، على قصف جوى وبحري، يُعلن بداية العدوان الثلاثي "انجلترا - فرنسا - إسرائيل" على مصر، ردًا على تأميم الزعيم جمال عبد الناصر، لشركة قناة السويس، ليحمل أهالي المدينة الباسلة نساء ورجال السلاح، ويسطّروا أعظم ملحمة للمقاومة الشعبية، في العصر الحديث، وفي أقل من شهرين ينتصر الشعب على ثلاثة جيوش.
ليس أعظم من هذه المناسبة لتكون العيد القومي للمحافظة، وتمر اليوم الذكرى 61 لانتصار المقاومة الشعبية، ودحر جيوش العدوان في 23 ديسمبر من عام 1956، سجّل الشعب المصري على طول خط القناة ملحمة حفرت بطولاتها في وجدان مصر وذاكرتها، في السطور التالية نستعرض لكم قصصًا لبعض هذه البطولات الملحمية الخالدة، ومن هذه البطولات الشهيرة بين أبناء بورسعيد، بطولات كل من "عسران"، و"مهران" و"فتحية الأخرس".
"عسران" وقنبلة الرغيف
علم الفدائي السيد عسران، بنبأ استشهاد شقيقه "محمد" على يد جنود الاحتلال، فقرر الانتقام لشقيقه، وأخفى الخبر عن والده.
كان "محمد" اختطف ورفاقه، الضابط البريطاني مير هاوس، ابن عمة الملكة، فجن جنون الاحتلال، وانطلق الميجور وليامز، للبحث عن الضابط ومختطفيه، إلى أن تمكّن من قتل "محمد" انتقامًا منه.
فقرر "السيد" أن يكون الميجور وليامز هو هدفه التالي، فراقبه، ورصده أثناء خروج من إدارة البحث الجنائي بتقاطع شارعي النهضة ورمسيس، متجهًا نحو سيارته العسكرية، فأشار له بورقة في يدٍ ويده الأخرى تقبض على رغيف خبز بداخله قنبلة "ميلز" نزع فتيل الأمان الخاص بها.
وعندما رآه وليامز يلوح بالورقة ظن أنها تحتوي على معلومات مفيدة، وما إن اقترب "عسران" حتى ألقى بالقنبلة في دواسة السيارة، وفر مسرعًا، قبل أن تمزق القنبلة الميجور الإنجليزي.
كرّمه الرئيس جمال عبدالناصر، بعد الانتصار بأيام، واستدعي للتجنيد رغم أحقيته في الإعفاء كشقيق لشهيد، وظل يخدم كحارس على منزل المشير عبدالحكيم عامر، حتى قدوم الزعيم ناصر، إلى بورسعيد في احتفال العام الثاني للنصر، وسأل عنه، وفوجئ بما جرى، فأمر على الفور بإعفائه، وتعيينه بهيئة قناة السويس، وواصل "عسران" المشاركة في صفوف المقاومة الشعبية عقب هزيمة 1967، وبقى في بورسعيد طوال فترة الاستنزاف والتهجير.
"مهران".. ضحى بعينيه فداءً لأسرار المقاومة
تعتبر بطولة الفدائي محمد مهران، واحدة من أشهر البطولات لأبناء بورسعيد، خلال العدوان الثلاثي، فقد ضحّى بعينيه فداءً للوطن، وأسرار المقاومة الشعبية.
وقع "مهران" في أسر القوات البريطانية، ورغم ما لاقاه من تعذيب، لم يفضح أسرار المقاومة، حتى اقتلع الإنجليز عينيه، كما رفض طلب الضباط البريطانيين التصريح أمام شاشات التلفزيون بأن "شعب بورسعيد مرحب بوجود القوات البريطانية فوق أرضه، وأن مصر كلها تكره عبدالناصر والقيادة المصرية".
روى البطل قصته بلسانه لــ"مصراوي": "كُلفت وآخرون من الفدائيين بالدفاع عن منطقة الجميل، ومطار بورسعيد، حيث كانت الغارات الجوية المعادية تقصف بورسعيد بالقنابل والنابالم وغيرها، وهناك أصبت برصاصة في رأسي وسقطت على الأرض مغشيًا عليّ، فوقعت في الأسر، وطالبوني بإعطائهم معلومات عن أسرار المقاومة الشعبية، مُقابل الطعام والشراب، وعندما أخبرتهم أنني لا أعرف شيئًا هددوني باقتلاع عيني فأخبرتهم أنني لا أعلم شيئًا للمرة الثانية".
وتابع الفدائي البورسعيدي، قائلًا: نقلوني إلى مطار لارناكا، ومنه إلى مستشفى القوات البريطانية في قبرص، وهناك استقبلني 4 أفراد كانت مهمتهم تعذيبي، لأكشف لهم عن أسرار المقاومة، وطلبوا مني أن أقول على التلفزيون، "إن شعب بورسعيد سعيد جدًا بوجود القوات البريطانية فوق أرضه وإن مصر كلها تكره عبد الناصر والقيادة المصرية"، لكنني رفضت بشدة، ومع شدة التعذيب أشرت برأسي بالموافقة على مطلبهم فجاءت الكاميرات التلفزيونية وقيل لي تحدّث: وبالفعل تحدثت قائلًا: تعيش مصر حرة كريمة ويحيا عبد الناصر سنهزمكم ونقتلكم"، فكبلوني وأوسعوني ضربًا، ثم اقتلعوا عيني، ومن ثم نقلوقني إلى بورسعيد، وبمجرد معرفة كمال رفعت، أحد الضباط الأحرار بوصولي مع جنود العدو بكازينو بالاس، مقر القيادة البريطانية، نفذ عملية فدائية باختطافي ونقلي إلى المستشفى العسكري بكوبري القبة بالقاهرة، وزارني الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وكرمني".
أم علي.. ومقلب الضابط الإنجليزي
فتحية الأخرس أو كما كانوا يلقبونها "أم علي" ليست مُجرّد ممرضة ممن كُنّ يُساهمن في علاج الفدائيين، لكنها إحدى بطلات المقاومة الشعبية في بورسعيد.
استغلت "أم علي" عملها كممرضة في عيادة الجرّاح الدكتور جلال الزرقاني، لتحوّل العيادة إلى مأوى آمن للفدائيين، مستفيدة من ضعف إقبال المرضى على العيادة بسبب العدوان، واتفقت مع الرائد الراحل مصطفى كامل الصيّاد، قائد المقاومة الشعبية وقتها، لتؤوي الفدائيين وأسلحتهم بالعيادة، ليختبئوا فيها نهارًا وينتشروا في المدينة ليلًا.
ووفرت "فتحية" للمقاومين ملابس المرضى البيضاء ليرتدوها في العيادة، وكانت تخفي أسلحتهم أسفر مراتب السرائر التي ينامون عليها، وأحيانًا كانت تنقل الأسلحة من قريتها بـ"القابوطي" والمهربة إلى بورسعيد عبر بحيرة المنزلة بواسطة صيادي الأسماك.
ومن أشهر مواقفها البطولية أنه في أحد الأيام سمعت طرقًا شديدًا على باب العيادة الخارجي، فأحست أن قوات المعتدية جاءت للتفتيش، فنبّهت الفدائيين لديها، ليأخذ كل منهم مكانه فوق سريره، وارتدوا الملابس البيضاء الخاصة بالمرضى، وتظاهر كل منهم أنه مريض.
وفتحت الباب للضابط البريطاني، وتظاهرت أن أحد المرضى توفي، وطلبت من الضابط المساعدة، وإبلاغ الجهات المصرية المسؤولة لدفنه، فشرب الضابط "المقلب"، وأمر جنوده بالانسحاب دون تفتيش العيادة، والفت الفدائيون حولها مشيدين بتصرفها الذي أنقذ حياتهم، وأنقذ المقاومة.
فيديو قد يعجبك: