لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"المستعمرات".. مدينة مصرية شيّدها الإنجليز وينتظر سكانها الطرد

01:40 م الثلاثاء 28 فبراير 2017

الغربية - مروة شاهين:

عند دخولك إلى مدينة المحلة الكبرى، تجد بوابات كبيرة تغلق الشوارع من جميع النواحي، شيّدوها الإنجليز عام 1906 كي تكون سكنات عسكرية لهم، وبعد رحيل الاحتلال عن مصر انتقلت ملكيتها إلى شركة الغزل والنسيج بالمحلة، ولكنها ما زالت تعرف بـ"المستعمرات الإنجليزية".

"مصراوي" تجوّل داخل المستعمرات للتعرف على مشاكل سكانها، الذين ينتظرون طردهم 50 عاما من الإقامة بها، وسداد ثمنها إلى شركة غزل المحلة الكبرى.

منازل مكونة من طابق واحد، تتوسّطها حدائق صغيرة محاطة بالأشجار، داخل بلوكات يسكنها عمّال شركة الغزل والنسيج بالمحلة، تبلغ مساحتها 68 فدانا، و17 قيراطا و11 سهما، هكذا وجدنا المستعمرات، التي تضم 1000 أسرة يبلغ عددهم حوالي 5000 نسمة، وبها 3 بوابات رئيسية وحراسة أمنية خاصة، تضم 7 عمارات و28 "بلوك"، ويضم كل "بلُك" 20 منزلا، الواحد منها عبارة عن غرفتين وصالة بحديقة صغيرة، تشبه "فيلا الدور الواحد"، كل واحدة منها ملك أحد عمّال شركة غزل المحلة، كل حسب دراجته الوظيفية.

تضم منطقة المستعمرات 3 مدارس حكومية، ونقطة شرطة، وفرعا للبحث الجنائي، وشعبة للأمن الوطني وشعبة للآداب، ومصلحة جوازات، وإدارة مرور، و4 مخابز، وجمعية تعاون غزل المحلة للسلع الغذائية، ما يجعلها مدينة متكاملة داخل المحلة.

عن تسمية المدينة وكيفية بنائها، يقول حمدي حسين، منسق حزب المصري الشيوعي، إن البناء تم عام 1906 أثناء الاحتلال الإنجليزي لمصر، بهدف إنشاء معسكرات لجنود الاحتلال ومن هنا جاءت كلمة "مستعمرة"، ومن بعد إجلاء الاحتلال عن مصر عادت المستعمرات للدولة، وظلّت حتى عام 1956، وقت العدوان الثلاثي على مصر، مساكن إيواء لأهل السويس وبورسعيد، وفي أواخر الخمسينات، وقّعت شركة غزل المحلة عقد شراكة مع الدولة بالانتفاع بالمستعمرة في سكن العاملين بالشركة، على أن تبقى الأرض ملك للدولة، مقابل مبلغ 211 ألف جنيه، هي تكلفة المباني وقتها، وأصبحت "مساكن عمالية" من حينها.

"المستعمرة".. من سكنة عسكرية إلى مدينة عمالية يواجه سكانها خطر التشريد

"مصراوي" قابل شمس المغربي، أحد سكان المستعمرة، 73 سنة، يقول إنه يسكن هنا منذ الستينات، ومنذ 13 عاما وخروجه على المعاش من شركة غزل المحلة أصبح واجهه مشكلات كثيرة، بسبب محاولة الشركة طردهم من المستعمرات وهدمها وتسليم أرضها للدولة دون إعطائه سكن بديل، رغم أن الشركة خصمت منه 15% من أرباحه الشهرية لحساب سكن البدل على مدار سنين خدمته، وتنكّرت الشركة لحقوقهم ورفعت قضايا تعويض مالية ضخمة تصل إلى 140 ألف جنيه، والذي وصفه المغربي بالحكم على كبار السن والأرامل والمسنين الذين خرجوا على المعاش وأسرهم بالطرد، وأقامت ضدهم قضايا حبس وتبديد ومن المفروض تنفيذ الحكم عليهم . 

ويضيف محمد طه، أحد المتضررين من هدم المستعمرة، أن مساحتها شاسعة، وتضم 1000 أسرة فقط، أغلبهم على المعاش، ويقترح إنشاء وحدات سكنية بديلة عن منازل الدور الواحد، لضم جميع العمال، واستفادة الدولة من باقي المساحة، في ذات الوقت.

وتقول زينب حسن، أحد سكان المستعمرة، أرملة ولديها 3 أطفال، أن زوجها كان من العاملين بالشركة وليس لهم أي مسكن غير المستعمرة، وبعد وفاته طالبتها الشركة بالخروج ودفع تعويض يصل إلى 30 ألف جنيه، وهي غير قادرة على دفع المبلغ أو الخروج من المستعمرة، فمعاش زوجها لا يتعدى 750 جنيها، ولن تستطيع شراء أو إيجار شقة بديلة.

ويوضح محمد وادي، رئيس النقابة العمالية للمحالين إلى المعاش، أن العامل يأخد المسكن وقت عمله بالشركة بإيجار بسيط، ويُخصَم 15% من أرباحه على آمل تملكه الشقة بعد خروجه على المعاش، وعندما طالبت الشركة السكان بالخروج وتسليم المنازل، أصدر محافظ الغربية وقتها، اللواء عبد الحميد الشناوي، قرارا بإنشاء 5448 وحدة سكانية وتخصيصهم للعمال، ولكن تم إلغاء القرار عقب ثورة يناير، ورفض أي مسؤول تفعيله، وما زالت المطالبة بخروج العمّال من منازلهم قائمة.

ويشير وادي إلى أن اللواء عبد الحميد الشناوي، محافظ الغربية الأسبق، هو الوحيد من بين المحافظين الذي تقدم بمخطط استراتيجي لتطوير منطقة "المستعمرة" وإقامة وحدات سكنية على 3 مراحل، يتم تخصيص جزء منها لمعاشات شركة مصر للغزل والنسيج المقيمين بنفس المنطقة، وجزء آخر للعمال الحاليين، والجزء المتبقي يتم بيعه لأبناء المحلة الكبرى، إلا أن ذلك لم ينفذ بسبب رحيل المحافظ بعد ثورة 25 يناير.

وتواصل "مصراوي" مع المهندس حمزة أبو الفتوح، العضو المنتدب لإدارة شركة الغزل والنسيج بالمحلة، للتعليق، ولكنه رفض معللا ذلك بأن الأمر في يد إدارة الشركة القابضة بالقاهرة، وهي صاحبة القرار النهائي في مصير مستعمرات المحلة الكبرى، وليس لديه أي تعليق عمّا يخص المستعمرة في هذا الشأن.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان