إعلان

بالفيديو والصور- "الفخراني".. أنامل زرعت في الجماد نبضًا

04:29 ص الأربعاء 22 مارس 2017

منتجات منطقة الفخرانية بقنا (4)

قنا ـ أبو المعارف الحفناوي:
على أطراف قرية الرحمانية قبلي، التابعة لمركز ومدينة نجع حمادي، شمالي محافظة قنا، لا تزال أفران "الفخرانية" موقدة وإن حاصر إنتاجها الانقراض.

الفخرانية تاريخيًا
تُنسب منطقة الفخرانية تاريخيًا إلى آل الفخراني، الذين ورثوا مهنة صناعة الفخار عن أجدادهم منذ آلاف السنين، حرفة ضاربة في الجذور إلى قلب التاريخ، يحاول أهلوها دأبًا الحفاظ عليها وإن طوقهم الغلاء من كل حدب وصوب.
منتجات منطقة الفخرانية بقنا (1)
"تعتمد صناعتنا على التربة ورماد السكر والعويل"، يقول عطية حسن وهو أحد ورثة الفخرانية، متحدثًا عن صناعة الفخار التي أتقنها عن أجداده، ويضيف: "ثلاث مكونات رئيسية تقوم عليها صناعتنا هي التربة، ورماد شركات السكر، والعويل أو رماد أفران الخبز المنزلية القديمة؛ وهي مواد داخلة بشكل أساسي فيما ننتج"، مشيرًا إلى تعدد منتجاتهم فيما بين الأزيار، ومواجير اللبن، والبلاص، ومواسير الزرع، ومواسير الحمامات البلدية، وحصالات الأطفال البدائية.

مخالب الانقراض
إلا أن هذه المهنة بما قدمته قديمًا من منتجات اعتمد عليها المصريون في حياتهم اليومية تواجه الآن شبح الانقراض، حسب ما يروي الفخراني الشاب، متذكرًا كيف انتقلت إليه مهنة أجداده، فيقول: "عشت طفولتي في الفاخورة (مصنع الفخار)، وعملت مع أبي الذي جاوز السبعين من عمره حاليًا منذ نعومة أظافري، قبل أن أترقى لصانع ماهر يتولى إدارة شأن الفاخورة، مستكملاً دور أبائي نحو ميراثنا القديم، إلا أن مهنتنا هذه تواجه حاليًا شبح الانقراض بسبب موجات الغلاء المتلاحقة وإراق السوق ببدائل الفخار من المنتجات المستوردة".
منتجات منطقة الفخرانية بقنا (1)
ويضيف: "حرفتنا مكاسبها محدودة وكسادها كبير في ظل هذه الموجة من الغلاء التي تشهدها كل قطاعات البلاد من جانب، والتطور الذي طال كل شيئ تقريبًا من جانب آخر"، موضحًا أن أسعار الرماد -على سبيل المثال- شهدت ارتفاعًا ملحوظًا وصل إلى 6 أضعاف الأسعار القديمة. هذا فضلاً عن مطاردة مسؤولي الري أي صانع يحاول جمع التربة من على جانبي الترع، على حد قوله، ما جعل حرفة صناعة الفخار "غير مجدية" ولا تحفظ للقائمين عليها "لقمة عيش كريم".

كفى توريثًا
وفيما يؤكد الفخراني الشاب على ارتفاع أجرة الأيدي العاملة في صناعة الفخار لما يتجاوز حاجز الـ 100 جنيه للعامل الواحد، يشير إلى تزامن ذلك الارتفاع مع ندرة الإنتاج والركود الذي تشهده الصناعة بسبب الغلاء و"أشياء أخرى"، في وقت يشهد السوق تطورًا ملحوظًا في توفير بدائل المنتجات التي كانت قديمًا تحتل حياة المصريين، ويضيف: "أصبحت هناك الآن الثلاجة بديلةً للزير، فيما طغى الوعاء البلاستيكي على ماجور اللبن القديم.. كلها منتجات مستوردة وجميعها أثر بحكم المنطق على إنتاجية الفخار، وبالتالي انخفاض المكاسب، ما أجبر عديد من العاملين بصناعة وتجارة الفخار إلى هجرتها خشية ضياع المجهود والربح".
منتجات منطقة الفخرانية بقنا (3)
إلا أنه رغم ذلك، يصر "عطية حسن" على تمسكه بمهنة أجداده، ويقول: "أحمد الله على كل شيئ، وأنا أعي أن البقاء في مهنتي ولو بأقل القليل أفضل بكثير من العمل عند الغير"، لكنه يرفض في الوقت نفسه أن يرث مهنته أي من أبنائه، مبررًا قراره بالقول: "الزمان لم يعد كما كان، وأنا لدي أسرة من 5 أبناء وزوجة وأم وأب، يحتاجون جميعهم للرعاية الصحية والمأكل والملبس، وأنا لا أريد لأي من أولادي أن يعاني مثلما عانيت".

بـ "الحمد لله على هذه النعمة وهذا القدر"، ودعنا صانع الفخار الشاب، قبل أن يصطحبنا إلى فاخورته، حيث يقبع فرنه البدائي ثابرًا على ناره، صابرًا على أحواله، متشبثًا برفيق زرع أنامه نبضًا في طين جامد خرج للحياة فنًا مدافعًا عن ميراث امتد في التاريخ إلى آلاف السنين.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان